جدول المحتويات
وشكلت المؤتمرات التأسيسية – أو الاندماجية – استثناء في تاريخ بعض الأحزاب، وحافظت القيادات التي انتخبت فيها على مواقعها إلى اليوم.
ومن بين الأحزاب التي تعيش هيئاتها القيادية في فترة انتهاء الصلاحية أحزاب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، والذي انتهت صلاحية هيئاته القيادية منذ شهر يوليو الماضي، وحزب تكتل القوى الديمقراطية والذي انتهت صلاحيات هيئاته الحالية في شهر يونيو من العام 2011، حيث كانت نهاية آخر مؤتمر له يوم 28 يونيو 2008.
كما انتهت صلاحية الهيئات القيادية لأحزاب التحالف الشعبي التقدمي، وحزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم"، وحزب الصواب، وحزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية "عادل"، وحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم.
التمديد الموروث
حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو الحزب الحاكم وهو أكبر أحزاب البلاد من حيث التمثيل في البرلمان وفي المجالس المحلية، وقد ورث صفة التمديد لهيئاته القيادية لما بعد انتهاء صلاحيتها القانونية من الأحزاب الحاكمة التي سبقته خصوصا الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، وهو الحزب الذي حكم البلاد لمدة تقارب 15 سنة.
وقد دخلت هيئات هذا الحزب مرحلة انتهاء الصلاحية منذ شهر يوليو الماضي، حيث انعقد مؤتمره العادي يومي 09 – 10 يوليو 2010، وتقترب الهيئات الحالية للحزب من دخول شهرها الثالث منذ انتهاء صلاحيتها.
لجوء للاستثناء
وقد لجأ الحزب خلال الفترة الماضية لتنظيم مؤتمر استثنائي من أجل اختيار قيادة جديدة، وهو المؤتمر الذي أزيح بموجبه رئيس الحزب محمد محمود ولد محمد الأمين، وخلفه على قيادة رئيسه الحالي إسلك ولد إزيد بيه.
كما عرف المؤتمر إخراج عدة قيادات وصف عملها خلال الحملة التشريعية والبلدية "بالفشل"، وإدخال قيادات أخرى في المؤتمر الذي انعقد بسرعة في فندق نوفوتل اطفيلة بالعاصمة انواكشوط.
ثم عقد أعضاء المجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية دورة استثنائية مساء السبت 06 سبتمبر 2014 انتخبوا فيها الوزير السابق سيدي محمد ولد محم رئيسا للحزب.
وينص النظام الأساسي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية على عقد مؤتمر جديد للحزب كل أربعة أعوام.
مضاعفة المأمورية
حزب تكتل القوى الديمقراطية – أحد أبرز أحزاب المعارضة – قاربت هيئاته القيادية على مضاعفة فترتها القانونية، حيث انتهت صلاحيته خلال شهر يونيو من العام 2011، حيث ينص نظامه الأساسي على انتهاء مأمورية الهيئات القيادية كل أربعة أعوام.
واختتم آخر مؤتمر لحزب تكتل القوى الديمقراطية يوم 28 يونيو 2008، وهو المؤتمر الذي تولى رئاسته نائب رأس الحزب محمد عبد الرحمن ولد امين، وأسفر عن تجديد الثقة في رئيس الحزب الحالي أحمد ولد داداه.
وقد تحدث بعض قادة الحزب خلال الأعوام الثلاثة الماضية عن تحضيرات لتنظيم مؤتمر جديد، كما تحدثوا عن تحديد موعد لانطلاقة حملة انتساب يعقبها اختيار هيئات محلية ومؤتمرين لتنظيم المؤتمر، لكن تلك التحضيرات لم تسفر عن تنظيم المؤتمر إلى اليوم، وهو ما أدى بالهيئات الحالية إلى الاقتراب من مضاعفة الفترة الأصلية التي انتخبت لهان وهي أربعة أعوام انتهت خلال شهر يونيو من العام 2011.
مؤتمر التسليم
التحالف الشعبي التقدمي من الأحزاب البارزة التي دخلت هيئاتها القيادية مرحلة انتهاء الصلاحية منذ عقد من الزمن، فآخر مؤتمر لهذا الحزب كان مؤتمر تسليم قيادته للزعيم مسعود ولد بلخير خلال العام 2003.
وقد شهد المؤتمر اندماج مجموعة حزب العمل من أجل التغيير التي يقودها مسعود ولد بلخير بعد حل هذا الحزب من طرف مجلس الوزراء الموريتاني مع مجموعة الناصريين التي تتولى قيادة حزب التحالف الشعبي التقدمي.
وكانت أبرز أحداث المؤتمر انزياح رئيس الحزب محمد الحافظ ولد إسماعيل من رئاسته إلى رئاسة المجلس الوطني، وتولي ولد بلخير قيادة الحزب. وقد حافظت هذه الهيئات على مواقعها منذ 11 عاما إلى اليوم.
ورغم الأحداث الكبيرة التي عرفتها البلاد منذ ذلك اليوم، وكذا الأحداث التي عرفها هذا الحزب، والمحطات التي مر بها فقد ظلت قيادته كما هي، مع بعض الانسحابات بين عناصره القيادية خصوصا خلال الأعوام الأخيرة.
"حكم" زائل
حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية "عادل" وهو الحزب الذي حكم موريتانيا لأشهر قليلة من فترة رئاسة الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله، واجه هو الآخر معضلة انتهاء صلاحية الهيئات القيادية، فضلا عن أزمة انسحابات بالجملة كان الحزب عرضة لها بعد "زوال حكمه" القصير.
ففي العام 2007 شكل حزب عادل أكبر الأحزاب السياسية في موريتانيا، وأوسعها تمثيلا في البرلمان وفي المجالس المحلية، كما تولى رئيسه يحي ولد أحمد الوقف قيادة الحكومة بعد سقوط حكومة الزين ولد زيدان، لكن قبضة هذا الحزب على الحكم سقطت إثر الانقلاب الذي عرفته البلاد يوم 06 أغسطس 2008.
وبعيد الانقلاب عرف "عادل" موجة انسحابات بالجملة وشكلت أبرز القيادات المنسحبة منه – خصوصا البرلمانية منها – نواة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا اليوم.
وشهد العام 2007 أول وآخر مؤتمر لحزب "عادل"، وظلت الهيئات التي انتخبت خلال هذا المؤتمر اليتيم تتولى تسيير شؤون الحزب إلى اليوم، رغم التشكيك في شرعيتها، ومنازعتها من بعض القيادات المنسحبة من الحزب.
شيخوخة "الفرسان"
حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني "حاتم" والذي يشكل امتدادا طبيعيا لتنظيم "فرسان التغيير" الذي جمع في صفوفه مجموعة من العسكريين والمدنيين وجهت عدة ضربات لنظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع يواجه هو الآخر شيخوخة الهيئات القيادات بعد توقف مؤتمرات هذا الحزب منذ العام 2008.
ومع أن غالبية قيادات الحزب شبابية، وقد واجهت العديد من التحديات والمخاطر إبان محاولاتها إسقاط نظام ولد الطايع إلا أن تحدي احترام النصوص المنظمة للحزب كانت أكثر قوة من "تحدي" التغيير في البلاد ككل، إذ اقتربت الهيئات اليوم من إكمال "مأمورية ثانية" خارج الأطر القانونية التي تنص على انتهاء صلاحية الهيئات كل أربعة أعوام.
ورغم الظروف "المتغيرة" التي مرت بها البلاد خلال العقد الأخير فقد حافظت قيادة هذه الأحزاب على مواقعها، وظلت عصية على "نظمها" وقوانينها التي صادقت في مؤتمر هو الذي اختار هذه القيادات وخولها تولي هذه المناصب.
مؤتمر التوريث
حزب آخر من أبرز الأحزاب السياسية في الأغلبية الرئاسية هو حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم UDP مضى أكثر من 15 سنة على آخر مؤتمر له، وهو المؤتمر الذي كرس لتمرير رئاسته من رئيسه المؤسس حمدي ولد مكناس إلى ابنته وزيرة التجارة والسياحة الحالية الناه بنت مكناس.
وقد تولت بنت مكناس رئاسة حزب والدها في العام 1998 بعد وفاة الوالد، وذلك باتفاق من أغلب قيادات الحزب الذي ظل حليفا للأحزاب الحاكمة منذ نهاية التسعينات.
ورغم الحديث المتكرر عن قرب تنظيم مؤتمر لهذا الحزب ذي الكثافة الانتخابية في المناطق الجنوبية من البلاد فقد ظل ذلك الحديث حبيس الأطر الضيقة داخل قيادة الحزب دون أن يتجسد على أرض الواقع، رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن المؤتمر لن يكون أكثر من تأكيد "للواقع القائم".
تجاوز لنصوص "الصواب"
حزب "الصواب" عرف هو الآخر تمديدا لهيئاته القيادية خارج الفترات المحدودة في القانون، وكان آخر مؤتمرات هذا الحزب هو مؤتمره الاستثنائي في العام 2007، والذي أدى لاختيار رئيسه الحالي الدكتور عبد السلام ولد حرمه، وقد أنهت هيئاته الحالية مدتها القانونية منذ عدة أعوام.
ورغم أن المؤتمر حينها كرس للتغلب على وصف بالإخفاقات التي عرفتها الانتخابات البلدية والتشريعية في العام 2006 إلا أن النظم والقوانين التي صودق عليه في المؤتمر لم يتم احترامها، وعلى رأسها الفترات المحددة للهيئات القيادية.
وقد توصلت الأخبار بتوضيح من حزب الصواب يؤكد فيه تنظيمه لمؤتمر في الحادي عشر من يوليو 2011، وبموجبه فإن مأمورية الهيئات القيادية في الحزب المذكور تنتهي في 2016م.
أحزاب الحقائب
وتشكل هذه الأحزاب – رغم مخالفتها لقوانينها – أفضل حالا من عشرات الأحزاب السياسية المجسدة في "حقائب يدوية" يحملها رؤساؤها وتسجل بها النقاط في التحالفات الحزبية بين المعارضة والأغلبية، وهي الأحزاب التي لم تنظم أصلا مؤتمرات تأسيسية سوى تلك المسجلة على الورق لدى مصالح وزارة الداخلية.
ويوجد لدى الداخلية الموريتانية أسماء قرابة 100 حزب سياسي بعض مؤسسيها غادروا الدنيا منذ عدة أعوام، وبقيت أسماؤهم وعناوينهم لدى الداخلية، كما أن بعضهم فضل النشاط في إطار بعض الأحزاب الأخرى وخصوصا الحزب الحاكم أو بعض الأحزاب الناشطة في كنفه في انتظار الحاجة لإعادة بعث حزبه من جديد.
نقد التعطيل وممارسته
ورغم دأب العديد من هذه الأحزاب – سواء الممثلة في البرلمان الحالي أو السابق – على انتقاد تعطيل القوانين أو خرقها إلا هذه الأحزاب لم تعر كبير اهتمام لنقد نظمها الداخلية وكبرى نصوصها التي صادقت عليها أعلى هيئاتها الحزبية.
وقد تركت هذه النصوص حبرا على ورق، وحافظت الهيئات المسؤولة أولا عن تطبيقها على مواقعها القيادية، ومع مرور الأيام تحول المنصب إلى ما يشبه الملك الشخصي، وغيبت القوانين في ظل "تواطؤ" رسمي من قبل الهيئات الحزبية بالتمديد المتبادل، والسكوت الرسمي عنه.
كما لم تسلم بعض الهيئات الحزبية داخل هذه الأحزاب من تعطيل وتغييب خصوصا الهيئات الرقابية كالمجلس الوطني، حيث تنص نظم أغلب هذه الأحزاب على دورية دائمة لاجتماعها تتفاوت ما بين فصلية إلى سنوية، لكن أغلب هذه الأحزاب تحولت مجالسها الوطنية إلى هيئة شكلية لا وجود لها إلا في النصوص والنظم، وتولت قيادتها الفعلية تعويض كل الهيئات والقيام بأعمالها.
عن الترشح والتمويل
وتتخذ بعض النظم القانونية في الدول المجاورة – كالمغرب مثلا – إجراءات صارمة في حق الأحزاب السياسية التي تخرق نظمها الداخلية بتأجيل مؤتمراتها أو تعطيل مؤسساتها، وتتراوح هذه الإجراءات ما بين المنع من الترشح في الانتخابات والمنع من الاستفادة من التمويل العمومي.
ومع أن الحوار السياسي الذي جرى في العام 2011 تناول بعض المعوقات التي تتعرض لها الأحزاب السياسية إلا أن النقاش ظل منصبا على الترشح في الانتخابات دون الخوض في النظم والإجراءات المؤسسية داخل الأحزاب السياسية.
ومن النقاط التي ناقشها الحوار قضية إلغاء ترخيص الحزب الذي يتغيب عن الترشح في موسمين انتخابين متواليين، لكن اعتراض بعض الأطراف المشاركة في الحوار عليه منعه من تحويله إلى قانون نافذ.