تخطى الى المحتوى

أم تتوجه بنداء إستغاثة لخاطفي ابنها

جدول المحتويات

عزيزي تاجر يعمل في المغرب ووالدته – هو ابنها الوحيد- تعيش في حي شعبي في نواكشوط وليس لها في هذه الدنيا إلا ابنها. قبل اسابيع دخل عزيزي في خلاف تجاري مع تاجر آخر موريتاني، ويوجد حالياً في بلجيكا. وفي الأسبوع الماضي تلقت والدة عزيزي مكالمة من ابنها الذي كان في المغرب يعمل على عادته، وقال لها إنه سقط في فخ نصبه له خصمه التجاري وأنه في قبضة جماعة اختطفته وسمحت له بمكالمة ذويه من أجل دفع مبلغ ضخم جزاء حياته… وكانت هذه آخر مرة تسمع أم عزيزي صوته ومنذ ذلك اليوم وهي تحاول مع جميع ما أوتيت من إرادة، أن تجد خيطاً يوصلها بإبنها. فلا هاتفه يجيب ولا خصمه يريد أن يخرجه من ما أوقعه فيه، ولا سلطات تحرك لألم أمٍ ساكناً..

وتقول أم عزيزي، وكما تقول القوانين المحلية والدولية، إن الخلافات التجارية لا تحل بالخطف والعنف وإنما تحل بطريقتين لا ثالثة لهما: 

أولهما، النقاش المباشر أو عن طريق وسيط أو قريب وما شابه للوصول إلى صيغة تراض كما يجري يومياً في هذا البلد وفي أنحاء المعمورة. 

وثانيهما، عن طريق المحاكم، في موريتانيا أو في بلد إقامة أحد طرفي النزاع. 

ولا يوجد أي قانون شرعي أو وضعي ينص على أن أحد طرفي النزاع يحق له أن يختطف ويعتدي على أمن بل وعلى حياة منازعه، إذ إن اقدامه على ذلك مفسدة أخطر بكثير من أي نزاع مالي. فللحياة قدسية ليست للمال وهذا بإجماع المسلمين وبإجماع جميع البشر المتحضر.

ففي كتاب الله وهدي رسوله الأعظم يفوق قتل المسلم شناعة أي جريمة أخرى. فقد قال الله جل علاه: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً».
 
ولم يكتف عز من قائل بتعذيب القاتل وإلقائه في سعير جهنم بل غضب عليه ولعنه فمن غضب الله عليه ولعنه فيكون على الإطلاق شر البرية لا مخرج ولا توبة له وتلاحقه لعنة الله في دنياه قبل آخرته. 

وقال العلي العظيم: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا» 

إذ إن الله عظمت قدرته، بعد أن لعن وغضب على قاتل المسلم واوعده بادخاله جهنم وبئس المصير، أعطى لولي المقتول الحق في القصاص مع أنه أمره بعدم الاسراف لأنه ناصره… هذه هي سنة الله في خلقه وهذا هو ديننا الذي ندين نه في السراء والضراء.
 
ومن آيات رب العالمين الكثير والكثير مما يحرم ويجرم الإساءة إلى المسلم أحرى خطفه والمس من أمنه وحياته. وبما أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ينطق بوحي الله، فقد قال: «لا يزال المؤمن في فســــحة من دينه ما لم يُصب دماً حراما» (أخرجه البخاري).
 
إذ إن جميع أبواب التوبة تغلق في وجه القاتل لعظم جريمته. وقال خير المرسلين في نفس المعنى: «إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله» (أخرجه بخاري أيضاً).
 
مما يوكد أن الأبواب تصد نهائياً أمام قتل النفس… فماذا بعد غضب الله ولعنة الله ووعيد الله؟ 

وقال سيد الأنام وهو يطوف بالكعبة الشريفة: «ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً» (أخرجه إبن ماجة).
 
أي أن دم المسلم أعظم عند الله من الكعبة، أي أن من قتل مسلماً يكون قد فاق إجراماً من هدم الكعبة المباركة.

وتتوجه أم عزيزي بنداءٍ أم فقدت ابنها، ولا يوجد نداء أعظم وأحزن من نداء كهذا، أولاً إلى خاطفي ابنها الوحيد لتطلب منهم إطلاق سراحه ولتوكد لهم أنها لا تريد شيئا سوى أن ترى ابنها كما تتشوق أمهات خاطفيه لرؤية أبنائهم. فما بين ابنها وخاطفيه من خلاف تجاري بالإمكان حله دون أن تُقترف جريمة نكراء ستودي بحياة ابنٍ ومن بعده أمه حزناً عليه. فالمال زائل ويُعوَّض ولا تُعوَّض الحياة.

كما تتوجه أم عزيزي بنداءٍ إلى سلطات المملكة المغربية الشقيقة لمساعدتها في إيجاد معلومات عن مصير ابنها الذي يعمل على الأراضي المغربية منذ سنين وله أطيب العلاقات مع هذا البلد.

كما تتوجه أم عزيزي بنداءٍ إلى سلطات بلدها موريتانيا لمساعدتها أيضاً في مجهودها لربط خيط الحياة بفلذة كبدها.

كما تتوجه أم عزيزي بنداءٍ آخر لسلطات مملكة إسبانيا، وابنها يحمل جنسيتها، لتفعيل السبل لحماية حياة ابنها والاطلاع على حاله.

كما تتوجه أم عزيزي بنداء آخر وأخير لجميع من يستطيع أن يبلغها بخبرٍ عن ابنها أو يدلها على ما يمكن أن تفعله لكي تجد ما يطمأنها على سلامة ابنها وهي في حالة من الحزن من الصعب وصفها منذ أن سمعت كلمات ابنها لآخر مرة…

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».
 
صدق الله العظيم
للتواصل : azizi.mauritania@gmail.com
جزاكم الله خير جزاء.

 

ــــــــــــــــــــــــــ

نص رسالة والدة الشاب كما وصلت بريد "الأخبار".

الأحدث