تخطى الى المحتوى

الأخبار إنفو: أحاديث "بارون" انواذيبو للمحقيين

جدول المحتويات

 

وكان رفقة ولد إبراهيم شخصان أحدهما مغربي ويسمى الضيفي نبيل، ويعمل في الشركة المملوكة لولد إبراهيم، والثان بلوح أحمد، وهو عسكري سابق في قوات البوليزاريو، وسبق وأن أدين بتهمة حيازة 3 كيلو غرام من الكوكاكيين.

 

وكان الثلاثة – لحظة سقوطها في يد الدرك الموريتاني – في لقاء مع مجموعة أخرى تضم شخصان يسمى أحدهما "حدي" والآخر "علي" وقد أفلتا من الدرك، ودخلا المناطق التي تسيطر عليها البوليزاريو، وهما – حسب المصادر الأمنية – مشهورين في مجال تجارة المخدرات في المنطقة.

 

الحاج أحمد قال للمحققين – حسب معلومات حصلت عليها صحيفة الأخبار إنفو – إن يدخل موريتانيا للمرة الثانية في حياته، معتبرا أنه جاء هذه المرة لدراسة السوق الموريتانية بهدف افتتاح فرع لشركة صينية تعمل في مجال بيع السيارات.

 

وقال ولد إبراهيم إن سيارة "ابرادو" التي احتجزت بحوزته اشتراها من موريتانيا، ودخل بها إلى المغرب، غير أن الأمن المغربي أعاده من مدينة الداخلة إلى الأراضي الموريتانية.

 

بحث عن صقور

ولد إبراهيم قال إنه ربط علاقة مع عالي – الذي فر إلى الأراضي الصحراوية – عن طريق وسيط يسمى "بلعيون" ويوجد في مدينة سيكو المالية، مشيرا إلى أنه كان يريد اقتناء صقرين من عالي، وقررا اللقاء في الصحراء، حيث نزلا عن الطريق الرسمي عند الكلم 125 من مدينة انواذيبو، وهو المكان ذاته الذي وقعت فيه حادثة طائرة المخدرات في العام 2007.

 

وتكشف المصادر الأمنية تناقض ولد إبراهيم في حديثه للمحقيين، حيث برر زيارته لموريتانيا برغبته في إقامة شركة لبيع السيارات، في حين لم يقم بأي إجراء في ذلك الاتجاه، بما فيه تقديم طلب، أو التساؤل عن الإجراءات اللازمة.

 

كما تناقض – حسب المصدر الأمني – حينما تحدث عن لقائه صدفة مع بلوح أحمد – دليله في الصحراء والمدان سابقا في ملف مخدرات – في قهوة تونس بانواذيبو، في حين كانت رواية بلوح ولد أحمد (مولود 1962 إينال) للأمن أنه تلقى اتصالا من صديق له في مدينة العيون يسمى الإدريسي، وطلب منه الاتصال بالحاج أحمد ولد إبراهيم، حيث التقيا في المقهى التونسي قبل أن يأخذا وجبة خفيفة، ليرافقه الحاج أحمد إلى منزله، وبعد تناول شاي سريع غادرت الرفقة في الرحلة التي انتهت في أيدي الدرك الموريتاني.

 

مهمة من الرباط

ثالث الموقوفين في الملف كان المغربي الضيفي نبيل، المولود سنة 1989 في المحمدية بالمغرب، ويعيد الضيفي – في حديثه للأمن الموريتاني – علاقته بالحاج أحمد إلى أنه يعمل في الشركة المملوكة له، والمعروفة بالفاسي إخوان القابضة بالرباط، مشيرا إلى أن مدير هذه الشركة طلب منه أن يكون السائق الخاص للحاج أحمد ولد إبراهيم، مردفا أنه سبق وأن جاء معه إلى موريتانيا بتأشرة شهر.

 

وتحدث الضيفي للمحققين الموريتانيين عن تلقيه اتصالا من الحاج أحمد طلب منه خلاله أن يأتيه بالشيشة، ومبلغ 60 ألف درهم مغربي، وهو المبلغ الذي استلمه في مدينة الداخلة غير بعيد من الحدود الموريتانية، بعد تحويلها من الدار البيضاء عن طريق وسام الناضر.

 

محجوزات منوعة

فرقة الدرك التي أوقفت الحاج أحمد ومساعديه بعد مطاردة بدأت من شوارع انواذيبو، وانتهت غير بعيد من الحدود الموريتانية المغربية، نجحت في توقيف إحدى السيارات – وهي السيارة التي كانت الفرقة تشتبه فيها – فيما أفلتت منها السيارة الأخرى، ودخلت الأراضي الصحراوية عند الساعة الواحدة فجرا ليل 07 مارس.

 

وقد حجزت فرقة الدرك مجموعة الأغراض التي كانت بحوزة المجموعة الموقوفة، على رأسها سيارة "ابرادو" حديثة، وسوداء اللون، وتحمل الرقم: 3272AB00، إضافة لثمانية هواتف، أحدها من نوع "الثريا"، وآخر من نوع "كلاكسي نوت 3"، و4 من نوع نوكيا، وواحد من نوع "LG" وواحد من نوع "SONY".

 

كما احتجزت الفرقة شرائح هاتفية بعضها يعود لشركات موريتانية، وأخرى لشركات مغربية، وبطاقات تزويد، ومبالغ مالية بعشرات الآلاف من الدرهم المغربي، وأوراق نقدية من اليورو، والأوقية الموريتانية، إضافة لقنينة خمر.

 

وكان التحقيق مع ولد إبراهيم مقتضبا، حيث أجاب على بعض أسئلة المحققين بكلمات قليلة، وقاطعة دون توجيه أسئلة عن المبررات، من بينها – مثلا – رده على سؤال حول عدم قيامه بأي إجراءات لإنشاء شركته لبيع السيارات التي قال إنه جاء إلى موريتانيا من أجلها، ورد ولد إبراهيم بالقول: لم أقم بأية إجراءات بهذا الخصوص، وتجاوز المحققون الموضوع إلى السؤال عن طبيعة علاقته مع رفيقه بلوح ولد أحمد.

 

نار بلا دخان

الملف الضخم، والذي وجه فيه الدرك تهمة ارتكاب جناية تتمثل في تشكيل جماعة تمتهن نقل المخدرات والمتاجرة بها، أخذ مسارا قاد في النهاية إلى انتهائه بعد أشهر قليلة بإطلاق سراح المتهمين دون محاكمتهم، قبل أن يعاد اعتقاله وحده، ويتم نقله إلى انواكشوط، حيث تولى أمن الدولة "ضيافته" في أ؛د المنازل التابعة له في مقاطعة تفرغ زينة، ودون أن يتم عرضه على أي سلطة قضائية رغم انتهاء الفترات القانونية المنصوصة في هذا المجال.

 

وإضافة لإطلاق سراح المتهمين معه في الملف، لم يتم حتى الآن فك طريقة دخوله إلى البلاد، ولا نوعية وحجم علاقته في المنطقة التي امتدت من العمق المغربي (الدار البيضاء والرباط) إلى العمق المالي (سيكو)، إلى الصحراء الغربية (أصحاب السيارة الفارة من الدرك)، إلى العمق الموريتانية، من خلال إقامته سابقا لفترة في فندق الأجنحة الملكية، وعقده للقاءات في الصحراء الموريتانية.

 

كما لم يتم توقيف أي شخص آخر، أو التحقيق مع مشتبه في تقديمهم خدمات لهذه الشخصية، التي عصف ملفها برأس القضاء الواقف في موريتانيا، بعد شهر فقط من إطلاق سراحه.

 

بداية القصة

وتعود بداية القصة حسب المعطيات الرسمية التي حصلت عليها صحيفة الأخبار إنفو إلى بداية مارس 2015 حيث توصلت فرقة الدرك في انواذيبو بمعلومات مؤكدة، تفيد بوجود سيارة من نوع "ابرادو" سوداء اللون تحمل الرقم: 3272AB00 تستخدمها "عصابة تعمل في مجال نقل وتجارة المخدرات".

 

الدرك أعلن الاستنفار في المنطقة، وقام بمسح شوارع انواذيبو بشكل – غير معلن – شارعا شارعا، دون أي يجد أي أثر للسيارة، كما أصدر أوامره لفرقه المنتقلة ومراكز التفتيش بتكثيف البحث عن السيارة، خصوصا وأن منطقة انواذيبو عرفت خلال السنوات الماضية القبض على العديد من شبكات المخدرات.

 

مسار المطاردة

مسار مطاردة الشبكة قاد فرقة الدرك من شوارع انواذيبو إلى مدينة بولنوار وذلك بعد توفر معلومات تفيد برصد سيارة "ابرادو" المشتبه بها في محيطها. معلومات أخرى قادت الدرك إلى متابعة السيارة حتى الكلم 125 على الطريق الرابط بين انواكشوط وانواذيبو، ومنها غادر الجميع الطريق المعبد لتبدأ مرحلة تتبع ومطاردة على الطرق الرملية.

 

كان عامل الوقت "حاسما" في عملية المطاردة، ففارق الوقت بين فرقة الدرك المطاردة، وسيارة الشبكة الهاربة، كان – حسب مصادر الأمنية التي اعتمدت عليها صحيفة الأخبار إنفو – حوالي 40 دقيقة، وكان على الفرقة الأمنية أن تمر بمسار يبدأ من لقريدات، مرورا بإينال، فالدويرة غير بعيد من الحدود الموريتانية المغربية.

 

كان الفرقة الأمنية وهي تتبع خطوات الأشخاص الضالعين في نقل وتجارة المخدرات – بنسبة لا يتطرق إليه الشك حسب المصدر الأمني – يزدادون يقينا من قرب الإيقاع بالشبكة مع كل خطوة إلى الأمام بسبب كثافة المعلومات التي كانت تتوفر لهم كلما تقدموا على نفس المسار، قبل أن يجدوا المعلومة الأهم، وهي أن السيارة التي كانوا يتتبعونها كانت على موعد مع سيارة أخرى في منطقة حدودية، وفور اقترابهم منها، غادرت كل من السيارتين بسرعة فائقة وفي اتجاهين مختلفين، وكان هم الفرقة الأمنية هو ملاحقة السيارة التي جاؤوا لمطاردتها من مدينة انواذيبو.

 

وبعد فترة ملاحقة أطلقت الفرقة الأمنية أعيرة نارية تحذيرية كانت كافية ليستسلم ركاب السيارة، حيث كان المغربي الضيفي نبيل هو من يتولى قيادتها، فيما تعود ملكيتها للراكب الآخر ذي الجنسية المالية الحاج أحمد إبراهيم، ويتولى دلالتهم في أعماق الصحراء الصحراوي بلوح أحمد.

 

جزء "الجريمة" المفقودة

فرقة الدرك نجحت في الحصول على معلومات عن السيارة التي فرت في الاتجاه الآخر، حيث تأكد عبر معلومات قدمتها لهم دورية صحراوية من مغادرة السيارة للأراضي الموريتانية في وقت مبكر من صباح السبت 07 مارس 2015، وعلى متنها شخصين أحدهما يسمى حدي، والآخر يسمى علي، وهما – حسب المصدر الأمني – مشهورين في مجال تجارة المخدرات.

 

كما حصلت الفرقة الأمنية الموريتانية على معلومات تؤكد إدانة الصحراوي بلوح أحمد في ملفات تتعلق بالمخدرات، وخصوصا الكوكايين وذلك في الأراضي الصحراوية، وهي تهمة تؤكد المصادر الأمنية اعترافه بها.

 

إجراءات قضائية

 

الدرك أحال المتهمين إلى القضاء بعد 95 ساعة من الاحتجاز، بناء على ما رأى أنها أدلة قوية ومتماسكة لتورطهم في تجارة ونقل المخدرات، قبل أن يحيلهم إلى القضاء الموريتاني لتبدأ إجراءات القضاء بالمثول أمام النيابة العامة في مدينة انواذيبو.

 

وجاءت الإحالة إلى النيابة برئاسة القاضي أحمد ولد إسلم وكيل الجمهورية في انواذيبو يوم 10 – 03 – 2015 حيث قابلت النيابة المتهمين بالتهم الموجهة إليهم قبل أن تحيلهم مع إلى قاضي التحقيق يوم 13 – 03 – 2015، وذلك بعد اتهامهم بالتمالئ من أجل تهريب المخدرات، فيما أضافت تهمة "الرشوة" للحاج أحمد إبراهيم.

 

المتهمون مثلوا في اليوم ذاته أمام رئيس الغرفة الجنائية القاضي محمد ولد الشيخ قاضي التحقيق بالنيابة، حيث قرر بعد نهاية التحقيق معهم إحالتهم إلى الحبس الاحتياطي على ذمه التحقيق.

 

ستة أشهر من الضغوط المتعددة كانت كافية لإطلاق سراح الحاج أحمد ولد إبراهيم ومرافقيه بلوح ولد أحمد، والضيفي نبيل، حيث أطلق سراحهم يوم 21 سبتمبر الماضي بأمر إفراج صادر عن القاضي الداه ولد سيد يحي رئيس غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف بمدينة انواذيبو الساحلية، ويقضي بالإفراج عن المتهمين في الملف رقم: 76/2015 والمتعلق بقضية نقل المخدرات والمتاجرة بها، وهو الأمر الذي نفذه مسير السجن بناء على الأمر الصادر له.

 

تفاعلات وتداعيات

التفاعلات السريعة للملف، وخصوصا بعد تناول الإعلام له، أدت لإعادة اعتقال الحاج أحمد ولد إبراهيم، ونقله إلى انواكشوط، حيث استلمه أمن الدولة، و"استضافه" في أحد المنازل التابعة له.

 

ورغم انتهاء الفترة القانونية لفترة الاحتجاز، فلم تتم إحالة الحاج أحمد مجددا إلى القضاء.

 

وقد تواصل تفاعلات الملف بعد ذلك لتعصف بعد حوالي شهر من إطلاق سراح المتهمين برأس القضاء الواقف في موريتانيا المدعي العام لدى المحكمة العليا القاضي محمد عبد الرحمن ولد عبدي، وذلك يوم 22 أكتوبر 2015.

 

الحكومة اتخذت قرار إقالة المدعي في اجتماعها بالقصر الرئاسي، وذلك بعد حوالي 4 أشهر فقط من تعينه في المنصب، حيث اعتبرت فترته في النيابة من أقصر الفترات بالنسبة للشخصيات التي تولت هذا المنصب.

 

ومع اتضاح أن السلطة التنفيذية ألقت بثقل المسؤولية في الملف على المدعي العام، إلا أن ما يتضح بعد هي الطريقة التي سيتم بها التعاطي مع الملف بعد إعادة اعتقال ولد إبراهيم المولود في مدينة كيدال شمالي مالي يوم 01 – 01 – 1976، وخصوصا بعد تجاوزه للفترات القانونية للاحتجاز دون إحالته للسلطات القضائية في انواكشوط.

 

 

الأحدث