تخطى الى المحتوى

الأخبار إنفو: المعارضة.. تنافس في مضمار التشرذم

جدول المحتويات

 

فالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة – يقدم كمكون رئيس للمعارضة – يعيش على أزمة خلافات بين مختلف مكوناته، تبدأ من الانقسام الكبير حول الموقف من الحوار مع النظام الموريتاني، ولا تنتهي بالخلاف على رئاسة الأقطاب المشكلة للمنتدى، ودورية قيادته، وآليات حسم القرارات فيه.

 

أما المعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة، وهي المكون الثاني للمعارضة فتعيش واقعا لا يختلف كثيرا عن واقع المنتدى، حيث تراجعت الثقة بين الأطراف المكونة لها، وخصوصا الحزبين الرئيسيين لها، وهما حزب التحالف الشعبي، والوئام الديمقراطي، وهو ما انعكس على انتظام اجتماعات الكتلة المعارضة، وكان آخرها الاجتماع التنسقي الذي أعلنت الكتلة عنه قبل حوالي أسبوع، قبل أن تعلن تأجيله دون تحديد موعد جديد.

 

حوار الخلاف

الحوار السياسي كان أبرز نقاط الخلاف بين الكتل السياسية الموريتانية، وداخل كل كتلة، فداخل منتدى المعارضة تتبادل الكتل والمكونات الرئيسية التهم بالهرولة نحو النظام، والدفع باتجاه حوار "إنقاذي" مجاني له، أو التكلس والعدمية وافتقاد البوصلة، في حين يصر الجميع على المضي معالا رغم الخلاف حتى آخر نقطة.

 

وبينما يصف قيادي في المنتدى وضعه بأنه "متشرذم"، يرى في الوقت ذاته أن قادته لا يرون أن يتفرقوا بدون سبب وجيه، وبالتالي فحتى لو تصاعدت خلافاتهم لأعلى سقف إلا أنهم سيبقون في سفينة واحد – وبأقل سقف من التنسيق – حتى آخر لحظة، مردفا: "نحن لا نريد أن نختلف على شيء لم نتأكد بعد من وجوده، لنتأكد من وجود الحوار أولا قبل أن يعلن كل طرف موقفه الحقيقي، ويتخذ مواقفه على أساسه".

 

داخل المعارضة وخارج المنتدى تقف كتلتة المعاهدة متهمة النظام والمنتدى معا بمحاولة تجاوزها إقصائها من الحوار المرتقب، ويعتبر رئيسها الدوري مسعود ولد بلخير في خطاب غاضب أمام العديد من أنصار حزب التحالف في دار النعيم بانواكشوط أنه "كان يفضل عدم الحديث عن الحوار حتى لا يشوش عليه، ولكن اللقاء المرتقب بين الحكومة والمنتدى أرغمه على الحديث"، مشددا على أن "من يسعى لتجاوز التحالف أو مسعود ولد بلخير أو كتلة المعاهدة لا يمكن أن يكون مهموما بمصلحة موريتانيا، ولا يريد الحوار ولا الوفاق ولا السلم الوطني"، مردفا أن "تسليم وثيقة لا يحتاج عادة إلى وفود، وإنما يكفيه شخص واحد".

 

أما رئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمه فأكد عدم تلقي كتلتهم لأي دعوة لحضور جلسة تسلم وثيقة المعارضة، معتبرا أنهم في المعاهدة "كانوا أول من دعا إلى الحوار وتبناه باعتباره الطريق الأول نحو تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد".

 

خلاف القيادة

وكما اختلف المعارضة الموريتانية حول الموقف من الحوار السياسي اختلفت كذلك حول قيادتها، فرغم النص على دوريتها إلا أنها دائما ما تتجاوز الفترة المنصوصة عليها، كما أن ذهابها من أحد أقطاب المنتدى إلى قطب آخر لا يمر بسلاسة.

 

ويعيش المنتدى هذه الأيام خلافات انتقال قيادته الدورية من رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه إلى قطب النقابات والمجتمع المدني بعد أن بدأت مع الشخصيات المستقلة ممثلة في الشيخ سيد أحمد ولد باب مين.

 

ويأخذ الخلاف حول هذه النقطة أكثر من بعد، فهناك داخل أحزاب المنتدى – وخصوصا المناهضين للحوار السياسي – من يرون التمديد للرئيس الحالي أحمد ولد داداه على رأس المنتدى في انتظار نهاية ملف التعاطي مع الحكومة حول الحوار، وتطبيق العرف الذي حكم الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية إبان اتفاق داكار.

 

وتدعو هذه الأطراف – أيضا – إلى وضع سقف زمني للحكومة من أجل الرد على الوثيقة التي تلقتها من المنتدى، وعدم ترك المجال الزمني مفتوحا للحكومة للتلاعب بالرأي العام من خلال إيهامه بانطلاقة الحوار فعلا من خلال الاتصالات مع منتدى المعارضة.

 

لكن أطرافا أخرى فاعلة – وتحديدا في القطب السياسي – تعارض هذا الطرح، وترى ضرورة نقل الرئاسة الدورية للمنتدى إلى قطب المجتمع المدني بعد أن تولاها كلا القطبين الآخرين؛ قطب الشخصيات المستقلة، والقطب السياسي.

 

كما أنها تعارض وبشدة وضع سقف زمني للرد الحكومي، معتبرة أن الحكومة لم تضع لهم سقفا بعد تسليها الرسالة لأمينهم التنفيذي.

 

وداخل قطب المجتمع المدني بالمنتدى تتصارع النقابات العمالية مع الهيئات المجتمعية والمنظمات الحقوقية على الرئاسة، وترشح كل منهم شخصيات منها لتولي الرئاسة الدورية للمنتدى.

 

وتقول مصادر من داخل قطب المجتمع المدني لـ"الأخبار إنفو" إن النقاشات الدائرة خلال الأيام عرفت تنافسا قويا على الرئاسة الدورية، حيث سعى كل طرف للحصول عليها قبل تحديد الشخص المرشح لها.

 

وأكدت المصادر أن المنظمات الحقوقية ترشح مامادو صار، إضافة لامين ولد عبد الله، في حين ترشح النقابات العمالية الساموري ولد بي، أو محمد أحمد ولد السالك، مردفة أن مرحلة حسم الأشخاص ما زالت مؤجلة في انتظار تجاوز مرحلة الطرف الذي سيوكل لها اختيار الرئيس الدوري، وهل سيمنح للمنظمات الحقوقية، أم للنقابات العمالية.

 

وكان من اللافت في الخلافات على قيادة المنتدى دخول نقيب المحامين السابق أحمد سالم ولد بوحبيني على خط التنافس، خصوصا وأنه ينتمي إلى قطب الشخصيات المستقلة وهي من تولى أو دورية في رئاسة المنتدى.

 

ويدلي ولد بوحبيني في تنافسه على رئاسة المنتدى بتجربته الشخصية في قيادة نقابة المحامين، وأدائه في المجال الحقوقي، وكذا بما يصفه بالتجربة الناجحة للشخصيات المستقلة في قيادة المنتدى إبان توليها لها.

 

ويتجاوز الخلاف منصب الرئيس الدوري في منتدى المعارضة إلى منصب الأمين التنفيذي، والذي يتولاه في المرحلة الحالية الوزير السابق محمد فال ولد بلال عن قطب الشخصيات المستقلة، وينتظر أن يتولاه في إطار دوريته بين الأقطاب القطب السياسي.

 

وتتحدث مصادر داخل المنتدى عن سعير حثيث من حزب اتحاد قوى التقدم للحصول عليه، وخصوصا في ظل الأدوار التي تولاها الأمين التنفيذي المنتهية ولايته في تسهيل الخطوات الأولى للحوار السياسي، وتجاوز الرئيس الدوري أحمد ولد داداه في العديد من المحطات.

 

لكن مصادر داخل المنتدى تعترض على تولي اتحاد قوى التقدم له، وخصوصا في ظل الحديث عن تسليمه لأحد قادة الحزب وليس لرئيسه محمد ولد مولود، وتطرح هذه الأطراف خيار الإبقاء على الرئيس الحالي للقطب السياسي محفوظ ولد بتاح، أو منحها لأحد الأحزاب السياسية الأخرى التي لم تتولى مهام في المنتدى كرئيس حزب "عادل" يحي ولد محمد الوقف.

 

قيادة المعاهدة

المكون الآخر لأحزاب المعارضة مشكل من ثلاثة أحزاب سياسية، وقد تعاقب قادتها على الرئاسة الدورية منذ بدايته إلى اليوم، وتم التمديد لاثنين لمأموريتين فأكثر، قبل أن يتسلمها رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير أواسط شهر ديسمبر الماضي.

 

ورغم أن الفترة التي قضاها في قيادتها هي الأقصر – حتى الآن – مقارنة ببقية رؤساء الأحزاب المشكلة لها إلا أن خلافات الأطراف المشكلة لها طفت على السطح، وتجاوزت القيادة إلى تعطيل الاجتماعات الدورية خلال الفترة الماضية.

 

كما ظهر الخلاف في نوعية علاقات الأحزاب المشكلة مع النظام الموريتاني ورئيسه محمد ولد عبد العزيز، حيث شكلت مشاركة رئيس حزب الوئام الديمقراطي بيجل ولد هميد للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز

 

الخلاف على الدستور

ولا يشكل الخلاف حول تعديل الدستور الموريتاني آخر الخلاف داخل الجسم المعارض، فبينما يطالب به الرئيس الدوري للمعاهدة ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير بشكل صريح، ويعترف بنقاشه للموضوع مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، تقف أحزاب في المعارضة في وجهه بقوة وترفضه.

 

وأعلنت عدة أحزاب سياسية في المنتدى وقوفها بقوة ضد أي مساس بالدستور في أجواء الأزمة السياسية التي عيشها البلاد، معتبرين أن أي تعديل لهر في هذا الظروف لن تكون له مصداقية.

 

ولا يجد العديد من المتابعين للحياة السياسية في موريتانيا حرجا في وصف مكونات الجسم المعارضة الموريتاني بأن خلافاته البينية أكثر من خلافاته مع النظام القائم، ومعارضته للأحزاب والأطراف التي تجتمع – أو يفترض أنها تجتمع – معه في خندق واحد أكثر من معارضته للحكومة وللنظام، معتبرين أن العديد من الخلافات البينية في المعارضة ترجع إلى خلافات شخصية بين قادة مكونات المشهد السياسي المعارض في البلاد.

 

 

 

الأحدث