تخطى الى المحتوى

الأخبار إنفو: خلافات متصاعدة بين الحكومة والحزب الحاكم

جدول المحتويات

وغياب هيئات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن مواكبة الحراك السياسي خلال عطلة الأسبوع الماضية.

 

ورغم عودة اختلاف وجهات نظر الطرفين في التعاطي السياسي مع المعارضة، مواجهة أو حوارا، إلى الأشهر الأولى من النصف الأخير من العام 2015، إبان إشراف أعضاء في الحكومة على "اللقاء التشاوري الممهد للحوار الوطني الموسع"، والذي انعقد في سبتمبر 2015، إلا أن العلاقة الشخصية حينها بين الوزير الأول ولد حدمين، ورئيس الحزب الحاكم سيد محمد ولد محم نجحت في التغطية على الخلاف، وفي تأجيل ظهوره إلى العلن.

 

وقد أخذت هذه الخلافات شكلا متصاعدا خلال الأيام الأخيرة، تجلى في مظاهر سياسية وإعلامية، من بينها تبادل الاتهامات عبر مواقع وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي محسوبة على هذا الطرف أو ذاك.

 

وكان التعاطي مع مهرجانات منتدى المعارضة نهاية الأسبوع المنصرم في عواصم الحوضين والعصابة النقطة التي أفاضت كأس الخلافات بين الطرفين بعد أشهر من التكتم على الخلاف والسيطرة عليه، وساهم في ذلك ما وصف بأنه تباعد للشقة بين الوزير الأول ولد حدمين ورئيس الحزب الحاكم ولد محم، حيث كانت علاقاتهم تشكل أداة لاحتواء الخلافات، وإيجاد آليات لتسيير تباين وجهات النظر.

 

تقاعس عن الدور

ويرى عدد من أعضاء الحكومة، وأنصار الوزير الأول يحي ولد حدمين أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تخلى منذ عدة أشهر عن دوره في الدفاع عن برنامج الحكومة، وأدائها الميداني، معتبرة أن هذا التقاعس شوش كثيرا على إنجازات الحكومة، ومنح المعارضة في مختلف تشكيلاتها، وخصوصا المنتدى والتكتل فرصا لخطاب الجماهير لم  يكن يحلم بها.

 

وتتحدث هذه المصادر لصحيفة "الأخبار إنفو" عن غياب الأنشطة الجماهيرية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية منذ فترة طويلة، باستثناء الاستقبالات التي يحظى بها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الداخل، والتي لا يمكن – عمليا – الحديث عن وقوف الحزب خلفها وحده، دون بقية مكونات الأغلبية، ومناصري الرئيس.

 

وتؤكد اختصار الحزب حضوره خلال الأشهر الأخيرة في ندوات، واحتفالات موسمية، واستقبالات للسفراء، وكذا جولات في الخارج، دون إيلاء اهتمام للجماهير وإيصال الخطاب السياسي للحكومة إليها، سواء في العاصمة انواكشوط، أو في مدن الداخل.

 

ظهر مكشوف

وتذهب المصادر المقربة من الحكومة إلى اتهام الحزب بتعمد ترك الحكومة مكشوفة الظهر أمام المعارضة، في ظل غياب الأنشطة المعرفة بإنجازاتها، والكاشفة لما وصفه بمغالطات المعارضة حولها، متحدثة عن وصول الأمر إلى قبة البرلمان، حيث يتصور من يتابعها أن الحكومة حكومة أقلية، رغم انتماء غالبية أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ لحزب ذاته الذي تنتمي له الحكومة.

 

ورأت هذه المصادر أن من يشاهد جلسات البرلمان يلمس غيابا شبه تام لنواب الأغلبية، وفي حال حديثهم يكون عن جزئيات، أو ملفات شخصيات، أو انطلاقا من ردات فعل على مداخلات المعارضة، معتبرة أن بعض تصرفات نواب الأغلبية المناصرة للحكومة كانت لها أدوار عكسية.

 

وأشارت هذه المصادر إلى الغياب التام لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن مجال الفعل السياسي الميداني فرض على الحكومة الدفع بأعضائها إلى الجماهير لتوضيح الحقيقة، وكشف – ما وصفه – بزيف ادعاءات المعارضة التي تتحدث عن واقع مأساوي في البلاد، وتروج مغالطات حول أزمات مالية وسياسية تتخبط فيها البلاد، ولا وجود لها إلا في أذهانها.

 

وترى هذه المصادر أن تخلي الحزب خلال الأشهر الأخيرة عن نشاطه السياسي فرض على الحكومة ملأ هذا الفراغ، وخصوصا في جانبه المتعلق بالقرب من الجماهير، وإطلاعه على المستجدات العامة، وخصوصا في الجوانب الخدمية المتعلقة به.

 

عمل مخطط

قيادات في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بررت غيابها عن المهرجانات الأخيرة التي نظمتها الحكومة بالتأكيد على أن الحزب ينفذ أجندة مخططة، ويبتعد كل البعد عن ردات الفعل، واصفا تصرف أعضاء الحكومة خلال نهاية الأسبوع الأخير، ومطاردتهم لوفد منتدى المعارضة في المحطات التي مر بها بأنه "تصرف صبياني، منح أنشطة المنتدى زخما لا تستحقه، وساهم في حشد الجماهير لهذه المهرجانات من خلال تضخيمها".

 

واتهم قيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحكومة باستغراق وقت وجهد الجهاز التنفيذي في أنشطة سياسية لا تدخل في اختصاصه، وستكون على حساب عمله الأساسي في الحقيبة التي يمسك بها.

 

ورأى أن الأنشطة السياسية التي نظمتها الحكومة شوشت على هذه الإنجازات بدل خدمتها، حيث طغى عليها البعد السياسي التنافسي، وخصوصا في المجالات الخدمية التي كان يمكن تقديمها في أجواء عادية، وإطلاع المواطنين عليها دون إثارة صراع أو خلافات، مردفا أن الأمر يبدو أكثر خطورة في الملفات الفنية، وفي الوزراء ذوي الاختصاصات الخدمية غير السياسية.

 

تجاوز للاختصاص

واتهم المصدر الحكومة بتجاوز صلاحياتها، والدخول في مجالات لا تعنيها، معتبرا أن هذا التصرف يربك الفعل السياسي في البلد، مضيفا أن هذا التجاوز بدأ بإشرافها الفعلي على الحوار السياسي، حيث كان الأولى أن يتولاه الحكم الحاكم أو ائتلاف الأغلبية وليس الجهاز التنفيذي للبلد.

 

ورأى المصدر أن دخول الحكومة في ملفات ليست من اختصاصها، أثر على عملها، كما أدخل الأغلبية أحيانا في ورطة سياسية، مستشهدة بتجربة اللقاء التشاوري المنعقد سبتمبر الماضي بإصرار من الوزير الأول يحي ولد حدمين، وكذا الإصرار على تضمين توصياته توصية تنص على انطلاقة الحوار بمن حضر بداية شهر أكتوبر الماضي، معتبرا أن كل هذه الخطوات تدل على تهور سياسي، وتجاهل لمعطيات ميدانية كان الأخذ بها سيؤدي لتفادي المأزق الذي ورطت فيه الأغلبية حينها، وأدى لتعميق الخلاف مع الأطراف السياسية الأخرى بما فيها المعاهدة من أجل التناوب السلمي.

 

وأكد المصدر الذي تحدث لصحيفة "الأخبار إنفو" أن على الحكومة أن تدرك أن منبثقة من جهاز سياسي قوي، ويعمل وفق خطة محكمة، ولديه برنامج واضح المعالم، ونجاح الحكومة سيكون بتفرغها لعلمها التنفيذي والخدمي، وترك الاختصاصات الأخرى لأصحابها، وخصوصا من كانوا محل ثقة من مؤتمري الحزب، ومن رئيسه المؤسس، ومرجعيته الفكرية والسياسية الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

 

مواجهة إعلامية

خلافات الطرفين طغت على السطح من خلال حديث إعلامي عن نجاحات حققها الوزير الأول يحي ولد حدمين في مواجهة منتدى المعارض في الحوض الشرقي، وكذا الحديث عن غياب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية عن هذه الأنشطة.

 

كما دخلت الأسماء المستعارة على الخط، ليجد كل طرف مناصريه على شبكات التواصل الاجتماعي، في ظل صراع ظل خفيا طيلة الأشهر الماضية.

 

انقسام ينضاف لانقسامات

ويأتي الانقسام الجديد بين الوزير الأول يحي ولد حدمين، ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا سيدي محمد ولد محمد لينضاف لصراعات متعددة ومتزايدة تعيشها الأغلبية الرئاسية، وتعرض تصاعدا مع تقدم المأمورية الثانية للرئيس، كما تتشكل وتتفاعل داخلها أقطاب وشخصيات وزانة في الأغلبية، وأعضاء بارزين في الحكومة أو في الحزب الحاكم، أو شخصيات مقربة من ولد عبد العزيز.

 

ويأخذ هذا الصراع طبعا عموديا من خلال دخول شخصيات وازنة على خطه، وأفقيا من خلال انعكاسه بدرجات مختلفة على أداء مؤسسات رسمية، خدمية، وإعلامية، واقتصادية، كما وصلت امتداداه لمؤسسات عسكرية وشخصيات عسكرية وأمنية.

 

وأبرز هذه الصراع، صراع الوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين مع الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الأغظف، وكذا رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحالي سيد محمد ولد محم، ورئيسه السابق ووزير الخارجية الحالي إسلك ولد إزيد بيه، إضافة لشخصيات أخرى عديدة.

 

وأدى صراع الوزيرين الأولين السابق واللاحق إلى انقسام ولاءات أعضاء الحكومة بينهما، ووصل الأمر درجة تبادل كلمات نابية خلال أحد اجتماعات مجلس الوزراء، وبالتحديد خلال نقاش ملف عمال برنامج أمل بداية العام 2015.

 

كما انعكس هذا الصراع على ملف الحوار السياسي في البلاد، حيث عمل كل واحد منهما على إفشال مساعي الآخر في جمع الأطراف السياسية موالية ومعارضة على بساط واحد، فأثناء إشراف ولد حدمين على مرحلة اللقاء التهميدي عمل ولد محمد الأغظف – حسب قيادات في الأغلبية – على إفشال اللقاء، وكان وراء مقاطعة قيادات معارضة بارزة له.

 

 وحين عاد ملف الحوار إلى محمد الأغظف، عمل ولد حدمين على إفشاله من خلال خلق أزمة المحاظر في المناطق الشرقية، وهو ما أثر على العلاقة بين الحكومة وحزب "تواصل" الذين كان من أبرز المتحمسين للحوار.

 

كما انعكس هذا الصراع متعدد الأطراف، على وسائل الإعلام رسمية، ومستقلة، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصل الأمر درجة تبادل مديرين في وسائل الإعلام الرسمية التنابز على الهواء مباشرة، وفي خطابات رسمية يحضرها وزراء ومسؤولون كبار.

 

كما قاد تصاعده، واستهداف كل طرف للآخر إلى نشر ملفات وأسرار تتعلق بالدولة، وهو ما  كان له تأثير على الصورة العامة للحكومة، لأن كل الملفات التي يتم نشرها، بغض النظر عن الطرف المتضرر منها، تؤدي في النهاية للتأثير على الصورة العامة للحكومة، واستفادت وسائل إعلام عديدة من هذا الصراع، حيث وجدت ملفات فساد موثقة، وكواليس سرية، كانت ستبقى بعيدا عن متناولها لو كان الصراع غير موجود.

 

اعتراف.. وتبرير

صحيفة "الأخبار إنفو" اتصلت بمصادر مقربة من الحكومة، وأخرى مقربة من الحزب الحاكم، وقد اعترف المصدران بغياب الأنشطة الجماهيرية الميدانية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهو ما برره المصدر المقرب من قيادة الحزب الحاكم أنه كان وفق خطة واضحة، وبرنامج يعتمد رؤية محددة.

 

أما المصدر المقرب من الحكومة فرأى أن المتابع للساحة السياسية في البلد "يلاحظ أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم قلص كثيرا من أنشطته الجماهيرية"، مردفا أن "ذلك لا يعني غيابه عن الفعل السياسي، فخلال زيارات رئيس الجمهورية للداخل كان للحزب دور كبير في الحشد، والتعبئة، كما نظم الحزب سلسلة أنشطة في انواكشوط، وإن لم تكن في شكل مهرجانات". حسب تعبيره.

 

وأردف المصدر أن "المعارضة، والحزب الحاكم ليسا مختلفين في الموقف من النظام، بل في تكتيكات العمل السياسي كذلك، فإذا تظاهرت المعارضة، فهذا لا يعني – بالضرورة- أن على الحزب الحاكم أن يتظاهر هو الآخر"، معتبرا أن "الحزب الحاكم ينطلق من فرضية أن البلد في وضعية سياسيىة ممتازة، برئيس منتخب، وبرلمان منتخب، وحكومة شرعية، تزاول عملها بشكل طبيعي، وبالتالي فلا ضرورة للتجمهر، أو التظاهر".

 

ورأى المصدر أن "التفريق بين الحكومة، والحزب الحاكم أمر غير وارد، فالحزب حزب الحكومة، والحكومة حكومة الحزب، وما يقوم به أحد الطرفين يمثل الآخر بشكل أو بآخر، كما أن قياس حركية الحزب الحاكم، وأنشطته انطلاقا مما تقوم به المعارضة أمر خاطئ، فالحزب لا ينطلق من مبدأ ردة الفعل، كما أن البلد ليس في موسم سياسي، يستدعي تنظيم المهرجانات، والندوات، والتنافس في ذلك".

 

أما المصدر المقرب من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية فرأى أن الحديث عن خلافات أمر مبالغ فيه، ولا يوجد على الصفة التي يصور بها إلا في أذهان بعض المحللين السياسيين الذي لا يمتلكون معطيات.

 

 

الأحدث