جدول المحتويات
واتسعت مساحة العنف – خلال الأسبوعين الأخيرين – لتمتد من المناطق الواقعة على الحدود الجزائرية المالية، وحتى الحدود المالية الموريتانية، ما خلف خسائر بشرية ومالية كبيرة، أثر التعتيم الإعلامي المطبق على المنطقة في كشف أرقامه الحقيقية.
وعرف يوم أمس الثلاثاء 05 – 05 – 2015 ذروة المواجهات بعد أيام من الهدوء الحذر، وتوسعت لتشمل مناطق نمبالا، وليرة، قرب الحدود الموريتانية، وكذا تننكو، وموبتي، وسط تبادل أطراف الصراع للاتهامات حول البادئ بالهجوم، فيما وضعت دول الجوار – وخصوصا موريتانيا التي وصلت المواجهات إلى مشارف حدودها – جيشها على أهبة الاستعداد على المناطق الحدودية، تخوفا من تمدد المواجهات إليها، أو دخول مسلحين لأراضيها فرارا من وقع المواجهات، فضلا عن المخاوف الدائمة من استغلال الحركات المرتبطة بالقاعدة للأوضاع الملتهبة للتسلل عبر الحدود المالية الموريتانية الممتدة لأكثر من 2000 كلم.
وتتصاعد وتيرة الصراع في ظل وقوف القوات الدولية في موقف قريب من الحياد، رغم مناشدة القوات المالية لها، وللقوات الفرنسية لدعمها في مواجهة من تصفهم مالي بالانفصاليين، والمرتبطين بالقاعدة وأخواتها.
وتزامنا مع عودة العنف، ونذر تصاعده، بل وعودته لمرحلة 2012 تتحرك أطراف دولية وإقليمية عديدة من أجل التوصل إلى حل يضمن اتفاق أطراف الأزمة، وأوفد الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا وزيره للتضامن والعمل الإنساني والمصالحة في الشمال المالي حامادو كوناتي، حاملا رسالة للرئيس الموريتاني، ومتحدثا عن "امتنان مالي حكومة وشعبا وعرفانهما لوقوف موريتانيا الدائم إلى جانب مالي".
وقبل وصول الموفد الرئاسي المالي كانت عواصم إقليمية عديدة قد عرفت حراكا دبلوماسيا للدفع باتجاه تفادي انزلاق المنطقة نحو العنف مجددا. وهو الحراك الذي شارك فيه رئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي المنجي حامدي من خلال زيارته غير معلنة لانواكشوط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي من العاصمة السنغالية داكار، كما استضافت الجزائر جانبا مهما من فعاليته.
وشكل التوصل إلى حل يجنب المنطقة الانزلاق مجددا إلى العنف محور الحراك الدبلوماسي، لكن الشق الأكبر منه انصب في الضغط على الحركات الأزوادية للتوقيع على اتفاق الجزائر، وتهديد الحركات الأزوادية من قبل الدول الغربية – وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا – بفرض عقوبات عليها إذا لم توقع على الاتفاق خلال أسابيع، وفي العاصمة المالية باماكو.
هل سقط "الخيار الوحيد"!
قبل أسبوعين أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة في مالي المنجي الحامدي من العامةص المالية باماكو أن السلام هو الخيار الوحيد في المنطقة، مشددا على ضرورة قبول الحركات الأزوادية بذلك وتوقيعها للاتفاق.
وجاء حديث الحامدي بعيد اجتماعه مع الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، وكذا بعد سلسلة الاجتماعات التي عقدها في انواكشوط، حيث أكد في تصريحاته أن التوقيع على الاتفاق يعتبر أولى الخطوات على طريق إعادة السلم والأمن إلى أزواد".
الحركات الأزوادية أصرت على رفض التوقيع على الاتفاق رغم الضغوط الكبيرة الممارسة عليها، ووصف قيادتها الاتفاق بأنه لا يلبي طموحات الشعب الأزوادي، ويتضمن عدة نقاط مرفوضة من الأزواديين.
جهود حثيثة بذلت على أكثر من صعيد لتجنيب الشمال الموالي العودة إلى المواجهات المسلحة لكن انسداد الأفق السياسي، وإعلان قادة الحركات الأزوادية عدم موافقة الأزواديين على اتفاقية الجزائر وغياب أي بديل واضح في الأفق عنها أعاد القتال إلى مدن وقرى أزواد، وأخذت المواجهات فيها أكثر من طابع، رغم أن عنوانها الأعم هو المواجهة بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، إلا أن كلا من الطرفين استخدم أطرافا محلية قبلية لضرب الطرف الآخر في بعض المناطق.
إياد أغ غالي في الواجهة مجددا
عقبات عديدة تقف خلف التوصل إلى اتفاق يبعد شبه العنف عن المنطقة، ومن أبرز العقبات الخلفية لتعثر الحل الحالي هو موقف وموقع القيادي الطارقي وزعيم حركة أنصار إياد أغ غالي، فأحد المكونات الرئيسية لمنسقية الحركات الأزوادية يضع شرط إزالة اسم إياد أغ غالي من المطلوبين دوليا، وإعادته لمكانته في القيادة قبل توقيع أي اتفاق.
ورغم إبداء أطراف دولية – على رأسها فرنسا – نيتها التعاطي بشكل إيجابي مع هذه الطلب إلا أن الواقع السياسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية يمنع من تنفيذ هذا الطلب في ظل وجود أغلبية معارضة لأوباما في الكونغرس.
وتقول مصادر "الأخبار إنفو" إن إياد أغ غالي عاد قبل فترة وجيزة إلى الشمال المالي قادما من الأراضي الليبية، وكان مصحوبا بقوة خفيفة لا يتجاوز عددها حوالي 30 مسلحا، وإن القوات الفرنسية في المنطقة تعاطت معه بشكل إيجابي، وتجنب الاصطدام به، ملتسمة منه في الوقت ذاته تجتب دخول المدن الكبيرة في أوقات الذروة، أو لفت الانتباه إليه، حتى لا تضطر لاتخاذ إجراءات ضده.
وتؤكد مصادر "الأخبار إنفو" أن فرنسا أوصلت رسالة للقادة الأزواديين لاستعدادها للعمل على إلغاء العقوبات المفروضة على إياد أغ غالي، مشترطة أن يبتعد عن الواجهة خلال السنوات القادمة، وهو ما رفضه القادة الأزواديون، مشترطين إلغاء العقوبات عنه بشكل نهائي، ومنحه مكانته المستحقة في قيادة مجموعته قبل التوصل إلى اتفاق نهائي.
ورغم العلاقة الوطيدة لإياد أغ غالي بقيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلام إلا أن نفوذه على الأرض وخصوصا في مناطق قبيلته "إفوغاس"، وكذا علاقاته التقليدية بالحكومة الجزائرية فرض على الأطراف الفاعلة في الملف الأزوادي التعاطي بمرونة مع ملفه، تفاديا لانزلاق الوضع في الإقليم إلى العنف المفتوح.
تلاق على التصعيد
وتزامنا مع عودة العنف إلى المنطقة صعدت الحركات الجهادية من عملياتها، حيث عرف الأشهر الثلاثة الأخير عدة عمليات لها، وامتدت جغرافيا من عمق العاصمة المالية باماكو إلى نمبالا قرب الحدود الموريتانية.
كما تنوعت من الهجوم المباغت إلى السيارات المفخخة، وكان لافتا لجوء بعض منفيذها لذبح ضحاياهم من الجيش المالي، وكذا سرعة تبنيهم للعمليات، وخصوصا العلميات التي قالوا إنها جاءت ثأرا للقيادي المؤسس في حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا – ووريثتها "المرابطون" أحمد ولد أهل عامر، المعروف بأحمد التلمسي.
ومع أن الحركات الأزوادية شكلت في مرحلة من المراحل أهدافا للحركات الجهادية سواء القاعدة أو للمرابطون، وسبق أن طردتها كبريات هذه الحركات؛ وهي الحركة الوطنية لتحرير أزواد من المدن الرئيسية في أزواد إبان سيطرتها عليها، إلا أن تلاقيهم على التصعيد في المنطقة أوقف المواجهات بينهم إلى حين.
وتقتصر الحركات الأزوادية مواجهاتها على الجيش المالي والحركات المتحالفة معه، في حين تستهدف الحركات الجهادية القوات الدولية الموجودة في المنطقة بما قيها القوات المالية، واستهدفت آخر عمليتها وحدات من جيش النيجر تتمركز في منطقة غير بعيدة من غاو.
هل يستمر التفاؤل
قبل أكثر من شهرين أعربت بعثة الأمم المتحدة عن تفاؤلها بقرب التوصل إلى اتفاق في الشمال المالي ينهي الخلاف، ويضع حدا للأزمة الممتدة منذ عقود، كان ذلك قبيل انطلاقة الجولة الخامسة من مفاوضات أطراف الأزمة في الجزائر.
واعتبرت الأمم المتحدة في حديث لرئيس بعثتها في مالي أن المفاوضات بين طرفي الأزمة "يمثل تحديا لكن توصلهما لاتفاق ليس مستحيلا، مردفا أن ذلك يعتمد على مدى استعداد الطرفين لتحقيق السلام.
وتتعدد الخلاف العالقة بين طرفي النزاع، حيث تبدأ بالخلاف على اسم الإقليم محل النزاع، ولا ينتهي بالخلاف حول وضعه القانوني، وآفاق الحل فيه.
ففي حين تصر الحكومة المالية على أن يتضمن أي اتفاق النص بشكل صريح على وحدة أراضيها، وسيادتها عليها، ولا تمانع – بعض النص على الوحدة الترابية – في الحديث عن نقاش مستقبلي لمطلب الاستقلال أو الحكم الذاتي في الشمال المالي.
أما الحركات الأزوادية الرافضة للتوقيع على اتفاق الجزائر إن نصه لا يلبي طموحات الشعب الأزوادي، ولا ترقى للمستوى الذي وصل إليه في سبيل تحقيق مطالبه في استرجاع قراره.
ويتشعب نقاش الاتفاقيات ليشمل تنمية المنطقة، وإعادة إعمارها، وحماية حقوق سكانها، إضافة لتقنين هويتهم ولغتهم، وضمان حضورهم في المناصب الحكومية، وفي أسلاك الجيش والأمن.
نظمت الجولة الخامسة، وتم التوصل إلى ما وصفه وزارة الخارجية الجزائرية بأنه "ثمرة ثمانية أشهر من المفاوضات بين الجانبين"، فيما وصفه وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة بأنه "نقلة نوعية في مسار المفاوضات" موضحا أنه "يتضمن كل الترتيبات لمواصلة المفاوضات لاحقا".
وتم النص على أن هدف الاتفاق هو: "ترقية مصالحة وطنية حقيقية وإعادة بناء الوحدة الوطنية لمالي على أسس مبتكرة تحترم سلامته الترابية وتأخذ بعين الاعتبار التنوع العرقي والثقافي، بالإضافة إلى خصوصياته الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية"، كما نص على "ضرورة التعجيل في تحقيق التنمية الاقتصادية مع ضرورة إعادة استتباب الأمن في أقرب الآجال، مشددة على ضرورة "مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان".
حياد لآلاف القوات الدولية
ويأتي التصعيد الجديد بين الجيش المالي والحركات الأزوادية في ظل وقوف القوات الدولية الموجود في المنطقة على الحياد بين الطرفين، ورفضها التدخل رغم مناشدة الجيش المالي لها عموما، وللجيش الفرنسي على وجه الخصوص.
وتوجد في الشمال المالي 11.200 جندي 1.440 ضابط شرطة، وهو العدد المسموح به في قرار مجلس الأمن الدولي، وذلك حسب معلومات الأمم المتحدة يوم 31 – 03 – 2015.
ويتوزع الوجود الدولي في الشمال المالي إلى:
11,510 مجموع الأفراد النظاميين:
9,142 مراقبا عسكرياً
178 الشرطة (بما في ذلك التشكيلات)
523 من الموظفين المدنيين الدوليين
542 من الموظفين المدنيين المحليين
125 من متطوعي الأمم المتحدة.
وتساهم في هذه القوات الدولية (الجيش) عدة دول، هي:
فرنسا.
الولايات المتحدة.
موريتانيا.
الأردن.
إستونيا.
ألمانيا.
إيطاليا.
بنغلاديش.
البرتغال.
بنين.
الكاميرون.
كندا.
بوركينا فاسو.
تشاد.
توغو.
الدانمرك.
الجمهورية الدومينيكية.
السنغال.
السويد.
سويسرا.
سيراليون.
الصين.
غامبيا.
غانا.
غينيا.
غينيا – بيساو.
وفنلندا.
كامبوديا.
كوت ديفوار.
كينيا.
ليبريا.
المملكة المتحدة.
مصر.
النرويج.
نيبال.
النيجر.
نيجيريا.
هولندا.
اليمن.
كما يساهم في قوات الشرطة، وهي:
الأردن.
ألمانيا.
بنغلاديش.
بنين.
بوركينا فاسو.
بوروندي.
تركيا.
تشاد.
توغو.
تونس.
جيبوتي.
جمهورية السويد.
الكونغو الديمقراطية.
رواندا.
السنغال.
غانا.
سويسرا.
غينيا.
فرنسا.
الكاميرون.
كوت ديفوار.
مدغشقر.
مصر.
النيجر.
نيجيريا.
هولندا.
اليمن.
وبلغ سقف الميزانية المعتمدة لهذه القوات الدولية خلال شهر يوليو 2014 إلى يونيو 2015 628,724,400 مليون دولار.
 
             
             
             
         
       
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    