تخطى الى المحتوى

الأخبار تحاور المشرف العام على مجلة حراء (نص المقابلة)

جدول المحتويات

 

وهذا نص المقابلة:

 

الأخبار: مجلة حراء عرفت بجهدها الفكري المتميز في ساحاتنا العربية والإسلامية، نود أن تحدثنا بإيجاز عن تجربة مجلة حراء؛ انطلاقتها وآفاقها؟

 

هواش: مجلة حراء هي أول مجلة عربية تصدر بتركيا، هي مجلة حرة خاصة غير حكومية بدأت صدورها في العام ألفين وخمسة وهي الآن في سنتها العاشرة، وتصدر كل شهرين، وتقدم رؤية عن قراءة الكون والحياة والإنسان من منظور إيماني قرآني. وهي وسطية معتدلة وتعتمد على كتاب من مختلف دول العالم العربي والإسلامي، وتحرص على التنوع في الموضوعات؛ فهي تنشر الكتابات في المجال العلمي الأدبي الفكري الثقافي. هي ليست مجلة سياسية.. وإنما تحرص على التنوع في الموضوعات وعلى التنوع في الدول.

 

يمكن أن نقول إن حراء الآن هي منتدى للمفكرين والحكماء الذين يحملون هم هذه الأمة وحرقتها. هي تصدر كل شهرين صحيح؛ لكن لها حضور ميداني فهي دائما صوالة جوالة في الدول العربية، تعقد ندوات ومؤتمرات وورش عمل تحاول من خلالها أن تقرب وجهات النظر وتحاول أن تبني هذه الرؤية.. يعني كيف نقرأ فعلا جذورنا الفكرية وتراثنا الإسلامي، لكن أيضا كيف نبني رؤية للمستقبل، وكيف تكون هذه الرؤية مشتركة.. لأن حراء تؤمن بأن مشاكل الإنسان مشاكل مركبة لا يمكن لقطر واحد ببلد واحد أن يحلها لأنها تحتاج للأمة كلها؛ أقول الأمة الراشدة.. أن تجلس إلى بعضها البعض فتنتج حلولا مشتركة ليس لها فقط وإنما للإنسانية؛ لأن مشاكل الإنسان مشاكل معلومة، لذلك الحلول الآن ينبغي أن تكون حلولا كونية وليست قطرية.

 

من هذا المنطلق انطلقت حراء التي مضى عليها حتى الآن عشر سنوات تقريبا توزع حوالي 90 ألفا إلى مائة ألف نسخة في العالم العربي. مركز التحرير في أسطنبول وتطبع في مصر وتطبع في المغرب كذلك، هذا مع بعض الأعداد المتواضعة في أسطنبول. وتوزيعها ليس فقط في العالم العربي فإضافة إلى توزيعها في كل الدول العربية فلها أيضا توزيع في دول إسلامية مختلفة في كل أنحاء العالم، لكن بأعداد متفاوتة. ولها موقعها على الأنترنت وتطبيقاتها في الآيباد ولها النسخة الصوتية كذلك فكل عدد عندما ينزل تنزل أيضا النسخة الصوتية. كما أن ندواتها ومؤتمراتها كلها موجودة في موقعها على الأنترنت.

 

الأخبار: وفي الأخير أديتم زيارة إلى موريتانيا…

 

هواش: هذه زيارتنا الثانية لموريتانيا، قبل خمس سنوات تقريبا زرت نواكشوط  لندشن مركز حراء الثقافي في نواكشوط، ووقتها أقمنا مسابقة في المديح النبوي: قصائد وأشعار ووزعنا جوائز.

 

كانت تلك رحلتنا الأولى بالنسبة لي شخصيا، وإلا فحراء موجودة هنا قبل ذلك التاريخ, وهذه زيارتي الثانية فقد جئت في إطار إقامة ندوة مشتركة مع قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم تحت عنوان: "صناعة الإنسان تحت ضوء الوحي ودلائل النبوة".

 

هذه الندوة استمرت يومين وشارك فيها أيضا علماء من المغرب والسنغال ومن موريتانيا، وقد أنهينا أشغال هذه الندوة.

 

الأخبار: بالنسبة لمشاريعكم التطويرية في موريتانيا والتعاون؟

 

هواش: هو طبعا بالنسبة لموريتانيا.. موريتانيا هي مركز إشعاع للعلم كبير. ونحن وجودنا هنا للاستفادة طبعا من الخبرة العلمية الموريتانية بدءا من خبرة المحاظر وامتدادا إلى المعاهد الإسلامية. وأيضا للاستفادة من الفكر الموريتاني الأصيل.

 

أنا الذي ألاحظه هو أن هناك فكرا أصيلا؛ لكن العقل الموريتاني متوثب منفتح له استعداد لاستيعاب العصر. وهنا نحن نلتقي. الإسلام الموريتاني أصيل ونحن نحب هذه الأصالة. الإسلام الموريتاني الجانب الروحي فيه قوي ونحن أيضا نحب هذا الجانب الروحي. وأيضا عنده هذا النفس المعاصر هذا الانفتاح ونحب هذا. وعنده أيضا هذا النفس الوسطي وهذا أيضا نبتغيه.

 

ولذلك نشعر بهذه القواسم المشتركة  الكبيرة بيننا وبين موريتانيا، وبالتالي نحرص على أن نتعاون أكثر.  ولذلك حضورنا هنا بقوة موجود، وأيضا كلما نعقد ندوات في العالم العربي أو في تركيا فإننا نحرص على الوجود الموريتاني، لأن الصورة تكون ناقصة في غيابه.

 

الأخبار: هل لديكم تنسيق مع مدارس برج العلم الرائدة هنا في موريتانيا التي كان لها دور وإشعاع علمي؟

 

هواش: هو في حقيقة الأمر مجلة حراء المؤسس الفكري لها هو الأستاذ فتح الله غولن وهو مفكر وعالم تركي له رؤية إصلاحية كونية لها الآن صداها في كل مكان. وطبعا فتح الله غولن مشروعه في أصله مشروع تربوي؛ وما حراء وأخواتها من المجلات الثقافية العديدة التركية وبلغات أخرى ما هي إلا ثمرة لهذه الفكرة.

 

أما بالنسبة لمدارس برج العلم وأخواتها من المدارس المتنوعة داخل تركيا وخارجها فهي مؤسسات شقيقة لحراء. طبعا تلك مؤسسة مستقلة عن حراء لكنها تتقاسم معها الرؤية نفسها والأحلام نفسها وإلا فليست مؤسستان مرتبطان ارتباطا عضويا، لكن في الهم نحن معهم في نفس الهم. نحن أيضا نؤمن بأن الإنسان بمثابة القلب في هذه الأرض؛ الإنسان إذا صلح صلحت الأرض كلها وإذا فسد الإنسان فسدت الأرض كلها. لذلك نحن نحرص على البناء الفكري للإنسان من خلال إنتاجنا الثقافي سواء المجلة أو الأنشطة التي تقوم بها. ومدارس برج العلم هنا أيضا هي منارات تؤمن بأن الإنسان أينما كان طاقة كرمها الله سبحانه وتعالى ويجب أن نستثمر هذه الطاقة؛ أن نبني الإنسان الصالح الذي يستطيع أن يحسن التفكير، العالم الذي يعرف علوم الوحي وكذلك يعرف علوم العصر في نفس الوقت ويكون إنسانا متكاملا في النهاية حتى يخدم وطنه ثم يخدم إقليمه ويخدم الإنسانية.

 

الأخبار: في الفترة الأخيرة تعرضت بعض المؤسسات الصحفية التابعة للمفكر الإسلامي فتح الله غولن لمضايقات من حكومة أردوغان؛ هل تعرضت حراء لمضايقات من هذا القبيل؟!

 

هواش: لا، لم تتعرض حراء لذلك. هناك اختلاف في الرؤية ربما وهذا شيء عادي؛ فتركيا بلد ديمقراطي والناس ألوان وأشكال يختلفون في الرؤى ويناقشونها فيما بينهم.. يصطلحون، لا يصطلحون..

 

وعلى كل حال ربما التجربة الأخيرة علمتنا درسا وأشارت إلى نقص على المستوى الإسلامي بالأخص. يعني الاختلاف شيء طبيعي لكن كيف نعالج مسائل الاختلاف؟ أنا كل الذي ألاحظه في كل بلدان العالم الإسلامي وليس فقط في تركيا أن هناك إشكالا في أدب الاختلاف! كيف نعالج اختلافاتنا؟ المعيار هنا المعيار الأخلاقي.. قد أختلف معك، قد تختلف معي. لكن هنا عندما أختلف معك ينبغي أن لا أفقد القيمة الأخلاقية، أناقشك فتناقشني، أنصفك فتنصفني.

 

أظن أن الإشكال الكبير الآن في العالم الإسلامي، سواء على مستوى إسلامي ـ إسلامي، سواء على مستوى في قطر واحد إسلامي ـ علماني، إسلامي ـ اشتراكي، علماني ـ اشتراكي، اشتراكي ـ اشتراكي… يعني الغرب في الأخلاق الاجتماعية عندما يختلف فيما بينه يحسن إدارة الحوار. لكننا ما زلنا نحتاج إلى شيء من النضج في تسيير الاختلافات فيما بيننا. يعني في تركيا الواحد عندما تحصل مضايقات لكن في النهاية الأصل أن تظل متمسكا بالمبدأ. نحن سواء حراء أو أخواتها أو الأستاذ فتح الله غولن المعيار الأساسي هل حاد عن المنهج الفكري الذي التزم به قبل ثلاثين أو أربعين سنة أم لا؟ هل هو تناقض مع ذاته أم لا؟ هل هو في الدرب المستقيم الذي التزم أم لا؟ هل مثلا إذا أردنا أن نحاكم حزبا سياسيا رفع شعار الديمقراطية فهنا الميزان الديمقراطي هو الذي نحتكم إليه، مثلا إذا كنت تحمل الفكر الإسلامي نحتكم إلى الإسلام في هذه النقطة.

 

فهنا الأستاذ فتح الله غولن طرح فكرة، مشروع تربوي إصلاحي فيجب أن ننظر هل الرجل تناقض مع المبادئ التي رفعها قبل ثلاثين أو أربعين سنة أم انحرف عنها؛ فإذا نظرت من هذه الزاوية ستجد أنه ما زال متمسكا بهذه المبادئ: نزاهة اللسان، نزاهة الأسلوب، عدم الكذب، عدم الافتراء، حتى لو كان هذا ضده. فهذا هو الأصل وليس أن تنتصر علي أو أنتصر عليك، إنما الأصل أن تنتصر الحقيقة حتى لو كانت على حسابي. وعلى كل حال هذه سحابة صيف على تركيا تمضي وتذهب.

 

الأخبار: هل فعلا الحكومة التركية مارست ضغوطا على النشاطات الكبيرة، التعليمية في أفريقيا التي انتشرت مؤخرا، وهل مارست ضغوطا على بعض الحكومات في هذه الدول للتضييق على أنشطتكم؟

 

هواش: نعم، صحيح. هذا تم، لكن في نهاية الأمر هذه المؤسسات التي تفتح في أفريقيا أو كل أنحاء العالم هي شركات تربوية تؤسس في ذلك البلد وفق القوانين المحلية وهي موافقة للقوانين المحلية. وهذه المدارس مفتوحة قبل الحكومة التركية بعشرين سنة، هناك مدارس فتحت في هذه الدول وهي خاضعة لتفتيش تلك البلدان والبلدان كلها مستقلة. صحيح كانت هناك إملاءات من قبل الحكومة التركية، لكن لم تستجب لها أي دولة من دول العالم. لأن هذه المدارس أسست هناك في أوقات الشدة والناس خبروا هذه المؤسسات ومن يسيرونها وعرفوهم وعايشوهم وسلموهم أبناءهم. وهذه الدول مستقلة طبعا وهذا عمل أهلي خاص.

 

لكن لا توجد دولة من الدول الغربية أسس أبناؤها مدارس في بلد ما من العالم وذهبت تلك الدولة كدولة وقالت أغلقوا هذه المدارس. هذه حالة من الجنون نتمنى أن تمضي وتعود الأمور إلى ما كانت عليه.

 

الأخبار: شكرا جزيلا.

 

 

الأحدث