جدول المحتويات
يذكر التاريخ أن منتخب السنغال الأول احتاج لـــــ10 أو 12 سنة من الصبر والبناء ليقوم من كبوته ويصحو من نكسته من عام 1992، ليبهر العالم في كأس العالم بكوريا واليابان سنة 2002 عندما فاز على حامل اللقب العالمي (فرنسا) في افتتاح البطولة،، حاملاً تاج التمثيل الافريقي المشَرّف في تلك البطولة والتي أنستنا التاريخ المزعج لمستوى كرة القدم عندنا وجعلت شوارع نواكشوط ــ قبل داكار ــ تخرج محتفلة عقب كل فوز يحققه جيرانهم (أسود التيرانغا) في ذلك المشوار العالمي، ليصل الدور ربع النهائي متجاوزاً إنجازات كبريات منتخبات إفريقيا الأعرق منها، ويصبح الأسود ــ لسنوات بعدها ــ رقماً إفريقياً صعب المراس يقارع الكبار، وما النصف النهائي الناري لبطولة أمم إفريقيا عام 2004 بتونس إلا دليلَ تلك الاستمرارية.
لست متشائماً.. لكن يبدو أننا سنضطرُّ لمعايشة صبر 10 سنوات أو 12 كاملة أو حتى عشرات سنين أخرى حتى تحاول كرة القدم الوطنية النهوض من نكساتها المعتادة، إلى ذلك الحين وإلى انقضاء ذلك الأجل سنضطر لعدم الخوض في الكرة المحلية، مكتفين بمشاهدة قنوات الرياضة ومتابعة أخبار كرة القدم المتطورة من حولنا خوصوصاً في إفريقيا، وبعد انقضاء السبات سنتطلع لتدوين اسم (المرابطين) على صفحة الشرف لتاريخ كرة القدم القارية.
من يدري؟ ذلك ما يبدو منطقياً في حال تأثر مسؤولي كرتنا ــ دون وعي ــ وراء سيل الانتقادات ومحاولات تشويه هذا المنتخب، فيعودوا لعادتهم القديمة من هدم البناء قبل اكتماله، محاولين تحميل منتخبنا الوطني العزيز ما لا يستطيع حمله، وبلوغ ما لم يَحِنْ وقتُ بلوغه، وهو المنتخب الذي تم بناؤه في فترة تعتبر قياسية مقارنة بماضيه ولا يزال طورَ التكوين (الحقيقي) ويشارك في أول بطولة قارية رسمية في تاريخه.
لا أقصد أن المنتخب لم يكن قادراً على تحقيق أحسن مما تحقق في هذه البطولة، بل كان يمكنه ذلك بقليل من الحظ ومزيد من بذل اللاعبين جهداً أكثر من المبذول.
الواقع والمعقــول..
في الواقع.. لقد كان تأهل المنتخب الوطني على حساب منتخبي (ليبيريا) و (السنغال) بمثابة الدفعة القوية لمشاعر المشجع الوطني فتنفس ــ بقدر ما ــ الصعداء وأيقن الكثيرون والكثيرون أن منتخبنا بصدد طلاق بائن لماضيه الكروي البائس الملون بشتى أنواع القهر الكروي والانسحابات المتتالية من تصفيات البطولات القارية والعالمية، فتوالت عبارات المديح والإشادة بالمنتخب حينها حتى بات من شبه المؤكد لدى الكثير أن هذا المنتخب سيكون له شأن في هذه البطولة، فقد رأى العديد منهم أن (المرابطين) بدءوا السير ووضعوا قطارهم على السكة الصحيحة نحو الهدف وكان عليه الحفاظ على استمرارية النسق التصاعدي لأدائه، حتى جاءت البطولة فجال فيه المنتخب ما جال، وصال فيه ما صال، وخرج بتلك الطريقة، فأخذت الانتقادات سبيلها للمنتخب الناشئ ومدربه المحنك.. مع أن المدرب هو نفسه واللاعبون هم هم، والخطة تكاد تكون نفسها، غير مدركين لحقيقة مستوى المرابطين وأنه لم يتراجع بل كان سائراً بنفس السرعة على نفس النسق من الأداء.. يسير ببطء لكن دون تراجع في الأداء، وهو أمر مهم في ظل ظروف البلد الصعبة في عديد المستويات.
قد تكون تلك الانتقادات معقولة إذا تعلل أصحابها بمقدار الدعم المادي والمعنوي غير المسبوق اللذين حصل عليهما المنتخب ولو شابتها بعض الأمور (فالسيد رئيس الاتحادية قد تم منعه من سحب بعض هذه المبالغ للمنتخب في هذه المرحلة، وكذلك التشجيع المفرط أو غير المحسوب ــ بحسن نية ــ لشركة موريتل بإعلان جائزتها الغريبة التي كان لها دورها في شيء ما).. قد تكون معقولة لو كان المال ــ على أهميته في بناء الفرق والمنتخبات ــ هو الذي يجلب البطولات، لكن التاريخ يذكر بأن المنتخب السعودي ــ المشارك 4 مرات متتالية بكأس العالم ــ قد سبق وأن خُصص له مبلغ (20 مليون دولار) للقيام بعملية ترميم سريعة له وتحسينٍ لصورته بداية الألفية، فاستقدموا ألمع الأسماء التدريبية العالمية واقتنوا أرقى المعدات الرياضية ومع ذلك لم تنجح في إعادة تكرار إنجاز كأس العالم 1994 ولم ينجح في تحقيق أي شيء من طموح القائمين عليه، بل تم إقصاؤه من الدور الأول من كأس العالم عام 2002 بالثمانية (المشهورة)!.
من المعقول أن يذكر متابع للكرة الإفريقية أن منتخب (ليبريا) الذي هزمه المرابطون لا يملك سمعة نجمه السابق (جورج ويياه) صاحب الكرة الذهبية العام 1995، أفضل لاعب في أوربا والعالم، حيث يعتبره الكثير أفضل لاعب أنجبته القارة السمراء على الإطلاق..
ولا يتناسى متحمّس أن منتخب (السنغال) ــ الذي تأهل المرابطون على حسابه ــ ليس ذلك المنتخب الذي كان شرفاً للكرة الإفريقية في مونديال (الشرق) بكوريا واليابان عام 2002..
هذا ما يجعل من المنطقي جداً ــ حسب رأيي ـــ أن الفوز على المنتخب المحلي للدولتين ـــ مع استحقاقنا له واعتزازنا به ــ لم يكن سوى فوز على اسم (كبير) لا منتخب (كبير)، وأنه كان خطوة صحيحة من خطوات البناء، ولم يكن دليلاً كافياً على إمكانية الاكتساح والفوز في مجموعتنا (المتوازنة) نوعاً ما.. أحرى ترشحينا للتأهل للأدوار المتقدمة في هذه البطولة، فكان التعرض للخيبة فيها وارداً؛ فأنْ تُــــقدِم العروض القوية قبل أي بطولة لا يُحتم أن تحقق نفس النتائج الطيبة بتلك البطولة، لأن قوة البطولات القارية والعالمية وتعقيد مبارياتها معروفة وليست كالتصفيات؛ ألم تفاجئ منتخب (فرنسا) العالم بخروجها من الدور الأول لكأس العالم سنة 2002 مع كونها حاملة اللقب حينها وأقوى منتخب في أوروبا وأحد أعتى منتخبات العالم قبل كأس العالم ذلك العام؟! ومن نفس الدور خرجت ألمانيا من كأس أمم أوروبا العام 2000 وهي حاملة لقبها وأحد أقوى منتخبات أوروبا!
المرابطــــون.. التمثيل المُشَرف
في بطولة قارية رسمية تتميز بالقوة وشدة المنافسة (قبل أيام خرج المنتخب المضيف جنوب إفريقيا القوي جداً من الدور الأول) كان المرابطون على موعد مع التحدي، فكانوا ــ للمرة الأولى في تاريخهم ــ يخوضون بطولة قارية رسمية في وقت لا زالوا فيه يحاولون التخلص من عبء التاريخ الباهت لكرتنا الوطنية، وكان وقوعهم ضمن مجموعة تضم منتخبات صعبة المراس ذات نجوم وأندية لبعضها سمعتُها القارية، فمنتخب (الغابون) يقوده النجم المخضرم (دانييل كوزين) مهاجم نادي (لانس) الفرنسي سابقاً ومرعب مدافعي الدوري الفرنسي نهاية التسعينات، وهو بلد الفتى الذهبي السريع (أوبا مييانغ)، ومنتخب (الكونغو الديمقراطية) الذي يذكرنا اسمه بنادي (مازيمبي) أحد كبار إفريقيا وصاحب الإمكانيات المالية الضخمة، والذي سبق له لعب كأس العالم للقارات، الكونغو التي أنجبت المهاجم (شاباني نوندا) مهاجم العصر الذهبي لنادي (موناكو) الفرنسي الذي لعب المباراة النهائية لأقوى بطولة أندية في العالم (دوري أبطال أوروبا) عام 2004… إضافة للمنتخب البوروندي الذي لا يملك ــ كحالنا ــ نجوماً مشهورين قارياً إلا أنه يسبقنا تاريخاً بتأهله للمرة الثانية في تاريخه لهذه البطولة.
خسر (المرابطون) جميع مبارياتهم بنتائج متفاوتة فخسر بثلاثة مقابل هدفين ضد بوروندي، وبصفر مقابل هدف ضد الكونغو، وبالأربعة مقابل هدفين سجلهما، ليسجل هجومنا أهدافاً بعدد نصف ما استقبلها شباك الحارس الوطني (سليمان جالو)، 8 أهداف مقابل 4 ضد منتخبات متفاوتة الوزن، متقاربة الخطة..
هذا وإن كنت أعتبر طريقة الخسارة أمام (بوروندي) غير مبررة، لكن أن تسجل أربعة أهداف في الدور الأول أمام هذه المنتخبات لا تعتبر انتكاسة ولا تسمى فضيحة، خصوصاً إذا استذكرنا ماضينا مع تلك الهزائم (الفضائحية) والتي كان عدد أهداف بعضها تنافس عدد أصابع اليدين والرجلين مجتمعتين، والتي جعلَــنا هذا المنتخب نتناساها ولم يعد يذكرها أحد إلى أن فوجئنا بمعلق قناة (الجزيرة الرياضــ).. أقصد (بيــن الرياضية) يذكرنا بها خلال في مباراتنا الأولى! ..ثم إن كلمة (فضيحة) تعتبر جائرة في حق هذا المنتخب الساعي إلى مصالحة جماهيره وهو أشد ما يكون في حاجة لدعمهم ودعم إعلامنا الوطني.
إذاً.. فخروجنا من الدور الأول لم تكن مفاجأة، كما أنها ليست مدعاةً لدق نواقيس الخطر وعزف مزامير الخيبة ودق طبول التراجع والهزيمة والمطالبة بالتغيير العاجل أو (المتعجل)، فأين كنا وأي صرنا حتى نطالب بالتغيير؟!
يذكر المتابعون منتخب (تاهيتي) المتواضع جداً في كأس القارات الأخيرة والفرح الغامر للاعبيهم عندما وجدوا أنفسهم يلعبون تلك البطولة ضد كبار منتخبات العالم مع ما صاحب هذه المشاركة من تلقيهم لأهداف نافس عددُها عددَ أهداف (الماضي المرابطي)! وقد كانوا واعين ومدركين لذلك قبل مشاركتهم فأعدوا (السلال) لتلقي هذه الأهداف وحملها ــ مع بعض خبرة إلى بلادهم ـــ ، لأن اكتساب الخبرة من مقارعة أساتذة اللعبة يغري أي منتخب في العالم مهما هزل تاريخه، وانحط قدره، فهو شيءٌ قد لا يتكرر كثيراً..
من ذلك أرى بأن (المرابطون) في هذه البطولة لم يُخالفوا (المنطق) ولم يخيبوا الظنّ (الموضوعي) وأدّوا ما عليهم فكان ظهورهم ـــ لدرجة ما ــ مقبولاً ولا أقول مشرفاً ..
المشكلة الحقيقية
كان الظهور الهزيل لمنتخبنا الوطني في هذه البطولة ــ ولا شك ـــ نتيجة لعوامل ظلت متجذرة تشكو منها الكرة في البلاد.
إذا كان من خطأ للقائمين على منتخباتنا الوطنية لكرة القدم فإن من أكبرها التأخر الشديد بالتعاقد الجدي مع مدرب دولي لبناء منتخب في ظل تقدم جميع الدول من حولنا في هذا المجال؛ فمنتخبات أكثر الدول تواضعاً من حولنا كان يدربها مدربون دوليون قبلنا بكثير منذ الثمانينيات وما قبلها، يكفي أن مدربنا الحالي مثلاً درّب منتخب (غينيا) المتواضع في أمم إفريقيا 2006 المقامة بمصر، ألم يكن الأوْلى على الاتحادية والوزارة الوصية اتخاذ إجراء كهذا منذ 6 أو 10 سنوات خلت لبناء منتخب محترم تكون هذه البطولة موعد إبراز تألقه ورفع اسم الوطن مشرفاً في سماء الكرة الإفريقية؟؟.
شيء آخر، هو مستوى دورينا المحلي ومقدار ما قطعه من (أشواط)! إذا علمنا أن من قواعد كرة القدم أن بناءَ منتخب منافس يتم من خلال دوري منافس، مع العلم أن صعوبة هذه البطولة تكمن في كونها مخصصة للاعبين المحليين، أي أن قوة المنتخبات فيها تقاس بمدى قوة دوريها المحلي، فهل ندرك إمكانات كرتنا؟..
أضف لذلك التعامل الأزلي للقائمين على كرتنا الوطنية من تلاعب بالمنتخبات وإخضاعها لرغبات فردية ومصالح ضيقة وتحويلها لمتجر للربح السريع على حساب أجيال ترى مَنْ حولنا يحققون الألقاب بينما نحقق نحن تلقي الهزائم، وكانت المحاولة الأولى لبناء المنتخب عندما تم التعاقد العام 2001 مع المدرب الأرجنتـيني (ريكاردو غودوي) الذي ما لبث أن وجد نفسه تحت رحمة سماسرة الكرة وتجار اللاعبين ولوبيات الضغط المصالحي من جهة.. وقلة وعي الاتحادية حينها واستعجالها النتائج فتمت إقالته حتى قبل أن يبني فريقاً بإمكانه منافسة نادي (سينلوي) على أرضية الملعب الأولومبي، فعاد المنتخب إلى المرحلة (صِفر) وعادت (حليمتنا) لعادتها القديمة.
باتريس نيفيه والانتقادات.. أهل مكة أدرى بشعابها
المدرب السابق لمنتخب غينيا بكأس أمم إفريقيا 2006 بمصر حيث قاده للدور الثامن مقدما مستويات جيدة بالفوز على جنوب أفريقيا 2/0، وزامبيا 2/1، وسحق تونس حاملة اللقب 3/0، لكنه خسر بسبب نقص خبرة لاعبيه أمام المنتخب السنغالي في الدور الثامن 3/2. قبل أن يتولى بعد ذلك تدريب (الإسماعيلي) المصري وقدم معه نتائج كانت سبباً في تأهله للدور الثامن لكاس الاتحاد الأفريقي وفوزه على النادي الأهلي في آخر مبارايات الدورى المصري عام 2006/2007. بعدها درب نادي (المغرب التطواني) المغربي لفترة قصيرة، قبل توليه منتخب الكونغو الديمقراطية، ثم نادي (سموحة) المصري عام 2010 ومنها إلى تدريب (المرابطين).
المدرب الجديد للمنتخب من بلاد تسبقنا سنوات ضوئية في (علم كرة القدم)، لا ينظر للاعبين المحليين نظرتنا نحن الذين عايشناهم، فبحكم كونه جديداً على الكرة الموريتانية ناهيك عن توليه قيادتها في أسوأ حالاتها في ظل تطور هائل لكرة القدم الإفريقية خصوصا في بلدان كنا نحسبها وإيانا في خانة المتفرجين أو ضيوف الشرف (النيجر وأثيوبيا تأهلتا للبطولة الكبرى لأمم إفريقيا الماضية وظهرتا بمستويات مميزة)، فكان لزاماً على المدرب ــ كأي مدرب جاد في العالم ــ أن يتحدى هذه الظروف بصقل خبرته الكروية إفريقياً وتكثيف الاختبارات والتجارب، لا أن يعتمد على إطراء غيره للاعب (فلان) أو تمجيده لـ(علاّن)، نحنُ ــ والحق يقال ــ أدرى بلاعبينا المحليين من هذا المدرب، لكن أليس هو أعلم بكرة القدم منا نحن؟ فأيــُّـنا أدرى بالشعاب؟
هذا وإن كان المدرب ــ كأي فريق في العالم ـــ يتحمل المسؤولية الأولى لأي خسارة أو إقصاء للفريق ، وذلك حال (باتريس نيفيه)، فإنه من غير المستوعب ذلك الكم من الانتقادات الذي حصل عليها، لأن المدرب في أي فريق في العالم يكون نجاح فريقه بأرجل لاعبيه، وخسارتهم كذلك بأرجلهم، إلا أن القاعدة المتعارف عليها في الكرة تبين أنه "عند الفوز يُمدح اللاعبون، لكن عند الخسارة يُلام المدرب فقط"!، فمدرب (المرابطين) لم يكن حاملاً لكامل مسؤولية الخروج المبكر فتشكيلته الأساسية كانت أفضل ما لديه في هذه البطولة، وما ظهر من عدم اعتماد على لاعب دون غيره شيء يحصل في أي فريق، ثم إن اللاعب الأساسي الذي لعب العديد من المباريات الاستعدادية يبدو أكثر جاهزية من غيره..
هنا أشير إلى تحمل اللاعبين لبعض الأخطاء القاتلة التي لا دخل مباشر للمدرب فيها.. كالتراجع السريع للياقتهم البدنية وعدم المقدرة على الاحتفاظ بها حتى صافرة النهاية، وهو ــ كما يبدو ـــ أمر يشكو منه جميع لاعبي المنتخب نظراً لمستوى الدوري المحلي..
كما كان جلياً الارتباك لدى بعض اللاعبين عندما يكون الفريق في حالة الهجوم أو حالة الدفاع، وهذه أمور لا تعالَج باستبدال اللاعب كل مرة، خصوصاً وأن دكة احتياطي (المرابطين) ليست دكة احتياطيي (ريـال مدريد).
هنا أقول إن المدرب يتحمل شيئاً من مسؤولية الإقصاء كمدرب تلك المنتخبات التي لم تكد تضع حقائبها حتى حَمَلتها خصوصا المنتخب المضيف الذي صِرتٌ أُشفق على مدربه أكثر من مدربنا.
أما إذا كانت انتقادات البعض لمدربنا هو ما أظهرته تشكيلته من فقـــر في (الــتــلون) العرقي! فـذلك مـــا لا علاقة له بالرياضة.
نجم حضر، ونجم غاب
بسام صار غنياً عن التعريف، وكان ــ بلا شك ـــ أفضل لاعبينا في هذه البطولة..
مهاجم نادي (لكصر) الموهوب أصبح مُعــلَّق آمال جمهور الكرة الوطنية بعد ما أظهره من قدرات في التعامل مع الكرة لم تكن معتادة من لاعبي منتخباتنا، بجده واحترافيته أجبر المدرب على تغيير رأيه، والاعتراف بإمكانياته ليتحول، ومصدر الإمتاع الحقيقي لمشجعي المنتخب، ومكمن الخطر على الخصوم، تهللت أساريرنا ونحن نرى المعلقين الدوليين يطرون لاعباً وطنياً على كبريات شاشات العالم، فأيقن الجمهور بأن هذا المنتخب بامتلاكه نجماً بهذا القدر صار على الطريق الصحيح..، هذه الحقيقة يدركها فقط من تابع (بسام) في مباراة الإياب ضد السنغال في الملعب الأولومبي والذي كان السبب المباشر للفوز فيها بهدفين عندما سجل هدفاً ومرر الثاني، مؤكداً أنه صار بإمكاننا صُنع نجوم تُـبنى حولهم الفرق، وتوضع الخطط انطــلاقاً من مهاراتهم.
لاعب نادي (الكونكورد) المدلل وأحد أفضل لاعبي الدوري الوطني (إسماعيل جاكيتي) الملقب (إف 16)، يملك سرعة فائقة وقدرات غير عادية في تجاوز دفاعات الخصوم وزعزعة، كان أحسن لاعب في تشكيلة المرابطين في مشوارهم التأهيلي لجنوب إفريقيا، وكان هو و(بسام) عازفي المقطع الأخير لتأهل المنتخب إلى جنوب إفريقيا؛ كم كان قصير النظر، وكان مجحفاً ــ برأيي ودون تحامل ـــ بحق المنتخب المحلي باختياره الوقت غير المناسب ـــ بالنسبة للمنتخب وله ـــ للاحتراف الخارجي رغم العروض والالتماسات من قبل رئيس الاتحادية الوطنية والمدرب الوطني، هذا وإن كانت له أسبابه الخاصة التي تكلم عنها القائمون على المنتخب فإنه جعل المنتخب المحلي يفقد الكثير من وزنه الحقيقي، وخطورته التي ظهر بها في التصفيات،.. هذا الكلام يعلمه فقط الذين تابعوا إسماعيل جاكيتي مع نادي (الكونكورد) أو مع المنتخب في التصفيات، أو حتى مع ناديه التونسي الجديد (حمام الأنف) أو (الحمامات)..
كان الشارع الكروي يرى في (إسماعيل جاكيتي) وزميله (بسام) ثنائي الخطر في هجوم المرابطين الذي كان يصعب لأي منتخب إفريقي في هذه البطولة إيقافهما، لكن الرياح جرت بما لم تشته السُّفن، لكن من يدري؟ فقد يشكلانها في المنتخب الدولي الأول بمشيئة الله وذلك ما نرجوه لنستمع بقوتنا الضاربة وتكتشف القارة السمراء منتخباً آخر تصعب مواجهته..
هذه ليست محاولة لتفضيل أحدهما على الآخر كما حاول البعض، بل ذكرٌ لما يمكن أن يفعله المنتخب في حال الجمع بين النجمين الموهوبين وما سيضيفانه سوياً لتشكيلة المرابطين.
في الأخــــــــــــير..
لا زلت محتفظاً ــ حتى إشعار آخر ـــ بمخاوفي من تحقيق القائمين على منتخبنا لمطالب المتسرعين المطالبين بتغيير المدرب وهو الذي اعتاد اللاعب الوطني ـــ وهو أهم شيء لأي مدرب ــ وبدأ يفهم الرياضة الوطنية وما تعانيه، وعقلية اللاعب الموريتاني ونقاط قوته فيستخرجَها، ونقاط ضعفه فيستأصلها، فيـكون هؤلاء كالأب الذي وجد ابنه الصغير يقوم بخدش سيارته الجديدة بآلة في يده فعالجه بضربة مستعجلة تسببت في التواء يده الصغيرة، وعندما عاد به من المستشفى حانت من التفاتة فرأى مكتوباً على سيارته "أحبك يا أبي" ! فالتف بحسرته إلى يد ابنه الموضوع في الجير!!
ذلك ما يبدو وارداً في ظل الاستقبال الهزيل للمرابطين من قبل للدولة، حيث كان استقبال شباك الحارس (سليمان جالو) للأهداف أحسن من استقبال الدولة لمنتخبنا.. وهو المنتخب الذي رسم فينا فرحة، وأحيا لدينا أملاً.
السلام عليكم.