جدول المحتويات
داخل المدرجات وعلى أرضية الملعب يهتف الآلاف برجل المباراة الأول " آداما با" القادم بقوة، ويحفظون للمهاجم اسماعيل جاكيتا مكانته بعد أن أنقذ المنتخب من التعادل بهدفه الثمين،غير أن الملعب اتسع أيضا لمن لم يتحكم في مشاعره فأرخى العنان للدموع تعبيرا عن فرح استوعبته الجماهير.
خسرت موريتانيا سمعتها الكروية خلال الفترة الماضية بحكم مسلسل الانسحابات المذل، وحاول رئيس الاتحادية الوطنية الجديد أحمد ولد يحي بناء تشكلة الأمل وسط آلام مخاض كروي عسير.

مر المنتخب بعدة طبعات طيلة الفترة القصيرة المنصرمة، وتساقط رجال على طريق الحراك الفاعل، لكن الأقدار حملت لموريتانيا كوكبة جديدة من النجوم استهوتها ثقافة النصر، وأججت مشاعرها ألوان المنتخب رغم أن أغلب الفاعلين فيها يتقاسمون رغيد العيش بعاصمة الأنوار باريس.
بات نجم "باستيا" الموهوب آدم با أهم اكتشاف للاتحاد الكروي، حيوية داخل الملعب وبساطة مع الجمهور، وثقافة اسلامية تشبع بها منذ صغره كما يقول العارفون به مع حفاظه على مكانته بين رفاقه في التشكلة الفرنسة أو داخل المنتخب الأول بموريتانيا الذي استحق بجدارة أن يحمل رقم 10 داخله باعتباره أهم فاعل فيه.
وغير بعيد منه يحكم عمر أندي صاحب اللحية الطولية والأعين المنكسرة شريط الدفاع بقوة، فهو صمام الأمان بالنسبة لرفاقه، وهو القائد بلا منازع منذ تسلمها في ودية بلجيكا قبل عام.
يشعر الجمهور الرياضي بفخر كبير حينما علموا أنه في لقاء العودة بدولة "موريس" غادر مكان حجزه بالمركز الصحى بعد وعكة ألمت به ليحمل شارة الفريق ويدافع عن ألوان العلم رغم وضعه الصحى الصعب يومها، إنها لحظة فاجأت الجميع لكنها أسرت الجميع كذلك.

يواجه ولد يحي معارضة قوية من بعض الأوساط الكروية بموريتانيا، ويري جيل النكسة أن استمرار الانتصارات سيقوض نظرية عدم تبديد الموارد مقابل حلم مزعوم، لذا ألبوا وزيرة الثقافة فاطم فال بنت أصوينع على الكرة والمنتخب قبل أن تتحرر من قبضة مستشاريها وتعيد توجيه البوصلة نحو الهدف المشترك لكل الموريتانيين الحالمين بالذهاب بعيدا نحو الكان 2015.
يحمل أحمد ولد أحمدو قميصه ويمشي الهوينا داخل الملعب بعد استبعاد لصالح العجوز بلال سيدي بيه، غير أنه في الوقت ذاته يشعر بأن المستقبل ينتظره، فأحلام الموريتانيين لم تتوقف والصراع لما يحسم بين الجيل الطامح لصناعة النصر، والمتشبثين بمراكزهم رغم المرارة التي جرعوها للموريتانيين.

يتوزع رجال الأمن داخل الملعب لتأمين المباراة، لكنهم يسرقون النظر إلي نجيلة الملعب كلما تعالي صراخ الجمهور أملا في اللحظة الحاسمة ، ومع صفارة النهاية هرع العشرات منهم لتحية اللاعبين.
يلتف عسكري تجاوز الأربعين من عمره إلي الصحافة قائلا " الحمد لله.. كانت مباراة صعبة لكنهم كانوا رجال". ويبتسم آخر وهو يري الجماهير تحيط بنجمها المحبوب، ويتوقف شرطى آخر عن تلويحه بضرب مشجع خرق القوانين بعد أن دعاه رأس حرة المنتخب دومنيك داسيلفا إلي تركه، إنه النصر الذي يفرض احترام الجمهور في الملاعب ولو خرقوا القانون.