جدول المحتويات
ثاني هذه السلسلة هو النائب عن حزب تواصل ومقرر الميزانية: السالك ولد سيدي محمود الذي يعد أحد أبرز الأوجه المعارضة في البرلمان ذي المأمورية الأطول في تاريخ البلاد.
ولد السالك ولد سيدي محمود عام: 1969م في مدينة تجكجة عاصمة ولاية تكانت، وتربى في وسط اجتماعي ذي مكانة علمية وسياسية مرموقة، ما جعله يجمع في دراسته بين التعليم المحظري والتعليم الحديث.
التحق ولد سيدي محمود مبكرا بالمدارس النظامية وتخصص في دراسة العلوم، ثم درس الاقتصاد والقانون والآداب، وعرفته مدرجات جامعة نواكشوط والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية والمدرسة الوطنية للإدارة، والمدرسة العليا للتعليم.. وسرعان ما ظهر اسمه متصدرا قائمة الطلاب بوصفه مناضلا طلابيا ورئيسا لقسمه في بعض مراحل دراسته.
يحمل السالك شهادة الباكلوريا في العلوم، وشهادة المتريز في الاقتصاد وأخرى في الدراسات الإسلامية، وتخرج إطارا من المدرسة الوطنية للإدارة، كما يحمل شهادة الماستر في الشريعة والقانون.
برز ولد سيدي محمود مع مطلع التسعينيات كأحد القيادات الشبابية في الحركة الإسلامية، واشتهر بمعارضته الشديدة لنظام الرئيس الأسبق العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع.
وبعد انقلاب الثالث من أغسطس عام 2005م وانفراج الأزمة السياسية بين النظام والإسلاميين ظهر السالك ولد سيدي محمود قياديا فيما عرف بمبادرة الإصلاحيين الوسطيين؛ والتي أنشأها قادة بارزون في التيار الإسلامي بعد منع نظام العقيد اعل ولد محمد فال الترخيصَ لهم في إنشاء حزب سياسي.
ترشح القيادي الإسلامي للانتخابات البرلمانية عام 2006م وكان مِن بين مَن تصدروا اللائحة الوطنية التي تقدمت بها مبادرة الإصلاحيين الوسطيين تحت واجهة الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، وفاز في الانتخابات التي توصف بالأكثر نزاهة في تاريخ الانتخابات النيابية بموريتانيا.
بعد دخوله قبة البرلمان، وبفضل تخصصه الاقتصادي وخبرته المحاسبية كأستاذ للرياضيات سرعان ما أخذ النائب السالك ولد سيدي محمود مسؤوليته كمقرر للميزانية العامة.
عرف النائب البرلماني السالك ولد سيدي محمود بمداخلاته ذات الطابع الرياضي الحسابي الدقيق في ملاحظاته المتعلقة بحساب المصاريف والميزانيات، وتسبب تتبعه للحسابات والأرقام والإحصائيات في حرج كبير لبعض الوزراء الذين حضروا جلسات برلمانية.
ولعل أشهر مساءلاته في البرلمان هي تلك التي جمعته بوزير النقل يحيى ولد حدمين بشأن صفقة مطار نواكشوط، فقد أغضبت الوزير الذي عاد فسرد قصة الصفقة كما حكاها النائب السالك.. فقال الأخير كلمته التي أفاضت الكأس: "إل كذبك الوزير ردو لأول الاخبار!"
نشر ولد سيدي محمود في وسائل الإعلام العديد من الورقات التوضيحية المتعلقة بما وصفه مغالطات كبرى يعتمدها النظام للتلاعب بالأرقام والإحصائيات والنسب ذات العلاقة بالتسيير المالي.
يصف مراقبون الرجل بأنه صاحب حدّة في الحديث والجدال، خصوصا بعد مشاركته خلال السنتين الأخيرتين في برامج تلفزيونية إلى جانب بعض نواب المعارضة والموالاة، فيما يصفه بعض المقربين منه بأنه سريع الرضى أيضا.
بعد قراره الأخير بالمشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية، قرر حزب تواصل استبعاد السالك ولد سيدي محمود من لائحة مرشحيه للنيابيات، ليخرج بذلك أحد أبرز رموز النواب ـ معارضين وموالين ـ من قبة البرلمان الجديد. وهو ما رأى فيه أنصار تواصل طغيان هاجس التغيير على حساب إبقاء ذوي الكفاءة في مناصبهم.