تخطى الى المحتوى

الهابا والقانون، أحادية.. وانتقائية.. وتعطيل

جدول المحتويات

وهو القانون الذي يحل محل القانون 034 – 2006 المنشئ للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية، وكذا القانون رقم: 045 – 2010 المتعلق بالاتصال السمعي البصري.

 

ويتناول النصان القانونيان كل التفاصيل المتعلقة بتشكلة هذه السلطة، وتنظيم وسير عملها، وطرق تسييرها إداريا وماليا، كما يفصل في علاقتها بالهيئات والمؤسسات الصحفية خصوصية، وعمومية، ويحدد القانون 045 – 2010 المتعلق بالإعلام السمعي البصري الإطلاقات والمصطلحات القانونية والفنية، وكذا العقوبات المتخذة في حق المخالفين، إضافة لصلاحيات الهيئة.

 

ويتشكل القانون رقم: 26 – 2008 الذي يلغي ويحل محل القانون رقم: 034 – 2006 من 32 مادة، وقد تم تعديلها بناء على نتائج الحوار السياسي 2011 بين الأغلبية الرئاسية وكتلة المعاهدة من أجل التناوب السلمي، حيث طال التعديل المادتين 5 و 13، أما القانون: 045 – 2010 والمتعلق بالإعلام السمعي البصري فيتشكل من 81 مادة، في ستة أبواب.

 

وتظهر قراءة هذين القانونين خرق التشكلة الحالية لمواد القوانين المتعلقة بالتعددية السياسية،  والتي نصت عليها هذه القوانين في عدة مواد منها، وخصوصا في تعديل 2012، وكذا انتقائيتها في تطبيق النصوص القانونية، وفي التعاطي مع المؤسسات الإعلامية، فضلا عن التعطيل والتجميد الذي يطال العديد من مواد هذه القوانين، وتبرره مصادر في السلطة العليا بمبررات تقول إنه من بينها "ما هو بنيوي، إضافة لما يتعلق بالمناخ السياسي في البلاد.

 

أحادية سياسية

ينص القانون رقم: 018 – 2012 والذي وقعه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يوم 22 – 03 – 2012 في الفقرة الثالثة من المادة: 13 على ما يلي: "تقوم تشكيلة السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية وكذا تعيين أعضائها على مبدأ التعددية".

 

وتوزع الفقرة الأولى من هذه المادة صلاحية تعيين أعضاء الهيئة الستة بين الرئيس الذي تمنحه حق تعيين ثلاثة أعضاء بينهم رئيس الهيئة، رئيس الجمعية الوطنية الذي تمنحه حق تعيين اثنين من الأعضاء، ورئيس مجلس الشيوخ الذي تمنحه حق تعيين العضو السادس.

 

لكن المادة 13 تعود في فقرتها الأخيرة لتضيف تأكيدا على التعددية السياسية، حيث تقول: "تطبيقا لمبدأ التعددية المنصوص عليه في الفقرة السابقة، ووفقا للآليات المناسبة، يعين بعض أعضاء السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بناء على اقتراح من المعارضة، وحسب نسبة نواب المعارضة في البرلمان".

 

تأكيد الكفاءة والسعي للتطوير

النص القانوني يورد الكثير من الاشتراطات في من يتم اختيارهم لعضوية الهيئة العليا للصحاف والسمعيات البصرية، على رأسها "الأخلاق الحميدة، والكفاءات الأكيدة"، وذلك حسب الفقرة الثانية من المادة 13.

 

كما تضيف نفس الفقرة في اشتراطاتها في من يتم اختيارهم لعضوية الهابا أن يكونوا "معروفين بالاهتمام الذي يولونه لتطوير وتنمية قطاع الصحافة الوطنية والسمعيات البصرية خدمة لدولة القانون التي تطبعها التعددية ومتطلبات الجودة والابتكار".

 

انتقائية في التطبيق

كما تكشف قراءة – ولو سريعة – للقوانين المنظمة لعمل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية انتقائية في تطبيق هذه القوانين، حيث لم تعلن الهابا طيلة السنوات الماضية عن تطبيق أي من موادها القوانين المنظمة لها سوى المواد التي أوقفت بموجبها برنامجي "في الصميم" و"صحراء توك"، فيما بقيت عشرات المواد الأخرى، وخصوصا المتعلق منها بوسائل الإعلام العمومية معطلا، وكذا ما يتعلق منها بإنجازها لتقارير عمل سنوية ترسل للحكومة وللبرلمان، وتنشر في دورية كان يفترض أن تصدرها السلطة العليا للصحافة والسمعيات والبصرية.

 

ومن المواد التي انتقتها "الهابا" لتطبيقها المادة: 11 من القانون رقم: 026 – 2008، وهي التي تمنح مجلس السلطة في تشكلته التأديبية حق توقيف البرامج جزئيا أو كليا.

 

وكان لافتا احتفاظ نفس المادة المختصة بتوقيع العقوبات على البرامج الإعلامية والقنوات، وحتى الإعلاميين، بالرقم: 11، وهو رقم المادة التي كانت تتيح لوزارة الداخلية مصادرة الصحف أيام توليها الإشراف على الإعلام.

 

إضافة لذلك تمت الإشارة في قرارات التوقيف لمواد قانونية أخرى تتعلق بعموميات، بعضها يهتم بصلاحيات السلطة، وبعدها متعلق بمقتضيات الرخصة، أو الإذن الممنوح لوسيلة الإعلام.

 

لكن عشرات المواد الأخرى ظلت حبيسة أدراج "الهابا" دون أن تجد طريقها إلى التطبيق، رغم اعتراف مسؤولي الهابا بسريان مفعولها في الوقت ذاته مع بقية المواد الأخرى، ومن بين هذه المواد المادة: 47 من القانون رقم: 045 – 2010 والتي تنص على إلزام "المؤسسات العمومية للاتصال السمعي البصري باحترام دفاتر الشروط والالتزامات الخاصة بها"، تؤكد الفقرة الثانية من هذه المادة بأنه "يجب أن تنص دفاتر الشروط والالتزامات علي الظروف التي تضمن فيها هذه المؤسسات أداء مهام الخدمة العمومية"، ورغم صراحة هذه المواد فوسائل الإعلام العمومية لم توقع دفتر الالتزامات إلى اليوم، ومجلس الهابا في تشكلته التأديبية لم يجتمع لنقاش الموضوع أحرى أن يصدر قرارا في شأنه.

 

وذلك رغم منح القانون لها هذا الحق – عبر وزير الاتصال – كما في نص المادة: 52 من القانون رقم: 045 – 2010، والتي يقول نصها: "يمكن للسلطة العليا أن تطلب من الوزير المكلف بالاتصال توجيه إنذار للمؤسسات العمومية  للاتصال السمعي البصري التي لا تحترم الالتزامات التي تفرضها التشريعات والنظم المعمول بها ودفاتر الشروط والالتزامات"، مردفة أنه " إذا لم تستجب المؤسسة المعنية للإنذار المذكور يمكن للسلطة العليا أن تقترح بحقها عقوبات طبقا  للنظم المعمول بها".

 

ومن بين الالتزامات التي نص القانون آنف الذكر على إلزام وسائل الإعلام العمومية بها "احترام تعددية التعبير وتيارات الفكر والرأي وضمان النفاذ العادل للتشكيلات السياسية والنقابية حسب أهميتها وتمثيلها، خصوصا أثناء الحملات الانتخابية، وذلك طبقا للنظم المعمول بها".

 

كما أن من بنيها المادة الثانية من القانون 045 – 2010 والتي تنص على منع بث "أشكال الرسائل الصريحة أو الضمنية التي تبث خارج فترات الحملات الانتخابية مقابل أجر أو تعويض آخر، والمخصصة لأعلام الجمهور أو لفت انتباهه قصد ترقية سمعة أو برامج رجال السياسة أو الأحزاب السياسية أو تجمعات الأحزاب السياسية"، مستثنية من هذا المنع "الكلام الصادر عن رجال السياسة، خارج فترات الحملات الانتخابية، أثناء برامج ذات طابع سياسي أو نشاطات سياسية تغطيها وسائل الإعلام".

 

ويبقى أبرز تجل لانتقائية السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في تعاطيها مع وسائل الإعلامي الخصوصية في تطبيقها لعقوبات على إذاعة صحراء ميديا، وقناة المرابطون بعيد اتهامهم بعدم التزامهم ببعض بنود دفتر الالتزامات، وتغاضيها عن مؤسسات إعلامية أخرى أخلت بكامل بنود دفتر الالتزامات، كإذاعة موريتانيد التي أوقفت بثها بشكل كامل منذ عدة أشهر، ولم تتخذ الهابا أي إجراء في حقها، وكذا قناة "دافا" التي لم تسلم لـ"الهابا" إلى اليوم – حسب مصادر بها – مسطرة برامجية كما تنص على ذلك دفاتر الالتزامات.

 

تعطيل تعديلات 2012

وفي التعديل القانوني الذي كان من نتائج الحوار السياسي 2011، نص القانون رقم: 018 – 2012 على توزيع وقت البث في وسائل الإعلام العمومية، وذلك حسب نص المادة: 5 (جديدة) من القانون.

 

وتنص الفقرة الرابعة من هذه المادة على تكليف السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بالسهر "على النفاذ المنصف للأحزاب السياسية والجمعيات والمواطنين إلى وسائل الإعلام والاتصال الرسمية"، وتضيف المادة ذاتها و"ضمانا لأداء مأموريتها كما في البندين السابقين توزع السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية أوقات البث في وسائل الإعلام العمومية وفقا للمسطرة التالية:

 

–         اعتبار مداخلات رئيس الجمهورية التي بحكم مقتضاها وسياقها تتناول الحوار السياسي جزءا من وقت البث المخصص للحكومة.

 

–         استفادة أعضاء الحكومة والشخصيات المنتمية للأغلبية البرلمانية من وقت للبث يتناسب مع الدور الذي تلعبه هذه الأطراف في الحياة الوطنية.

 

–         لا يمكن أن يكون وقت البث الممنوح للمعارضة البرلمانية أقل من ثلث مجموع حصة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة والشخصيات المنتمية للأغلبية البرلمانية.

 

–         تستفيد الأحزاب غير المنتمية لأي من الأغلبية أو المعارضة من وقت بث يتناسب مع عدد منتخبيها ومع نتائجها في الانتخابات.

 

وفرضت الفقرة السادسة من هذه المادة على الهابا إعداد كشوف دورية "لأوقات البث خلال نشرات الأخبار الرئيسية، والموجزة، والتقارير الإخبارية، والبرامج على أن تقيم الحاجة توازنا في الثلاثة أشهر التالية كحد أقصى من تاريخ إعداد تلك الكشوف".

 

رسمية أم عمومية

نص القانون رقم: 045 – 2010 في فصله الثاني، ومادته رقم: 3 على أن "الاتصال السمعي البصري حر على امتداد تراب الجمهورية الإسلامية الموريتانية"، مردفة أن الهدف من هذا القانون هو "تحرير قطاع السمعيات البصرية، وإلغاء احتكار الدولة، والمصادرة الإعلامية، وتحويل وسائل إعلام الدولة إلى وسائل إعلام للخدمة العمومية".

 

وقد ورد وصف وسائل الإعلام التابعة للحكومة في أكثر من مادة قانونية بوسائل الإعلام العمومية، كما عرفتها في الفقرة 9 من المادة: 1 بأنها: "مجموعة تضم مختلف الخدمات السمعية البصرية ذات الطابع العمومي وشركات الاتصال السمعي البصري التي تمتلك الدولة كل أو جل رأسمالها والتي تتولى تنفيذ سياسة الدولة في هذا المجال مع مراعاة مبادئ المساواة والكونية والشفافية والاستمرارية وقابلية التكيف".

 

وكان لافتا العودة لوصفها بـ"وسائل الإعلام الرسمية" بدل وسائل الإعلام العمومية، وقد وردت هذه الصفة في التعديل القانون رقم: 018 – 2012، والذي وقعه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز يوم 22 مارس 2012.

 

تعطيل التقرير السنوي

كما تعطل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية المادة: 9 من القانون رقم: 026 – 2008 والذي تنص على إعداد السلطة "كل سنة، تقريرا عاما عن نشاطها وعن تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية بالصحافة والسمعيات البصرية".

 

ومنحت هذه المادة للسلطة حق اقتراح "أي تعديل تشريعي أو تنظيمي تتطلبه تطورات القطاعات المعنية وتنمية المنافسة. ويجوز لها، فضلا عن ذلك، أن تبدي في كل وقت رأيا معللا علنيا بشأن أيه مسألة تتعلق بالقطاعات المنظمة وتراها مناسبة".

 

ونصت المادة على توجيه "التقرير إلى الحكومة، وإلى البرلمان وينشر في الدورية الرسمية للسلطة العليا".

 

اعتراف بالتعطيل

مصدر في السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية اعترف في حديث مع صحيفة "الأخبار إنفو" بتعطيل العديد من المواد القانونية، معتبرا أن التعطيل في مجمله يعود لأسباب كثيرة بعدها بنيوي، وبعدها سياسي.

 

ورأى المصدر الذي فضل التحفظ على اسمه أن من قضية تعطيل بعض المواد القانونية الموجودة في النصوص المنظمة لـ"الهابا" لا يختلف عن عشرات النصوص القانونية المعطلة في شتى مؤسسات الدولة وإداراتها، وذلك لأسباب متعددة ومتشعبة.

 

وأرجع المتحدث تعطيل بعد المواد إلى المناخ السياسي التي تعيشها البلاد، وتعذر تطبيق المواد التي تنص على تنظيم ولوجها إلى وسائل الإعلام، معتبرا أن تطبيق القوانين يتطلب معرفة الظروف التي سيتم تطبيقها فيها.

 

 

 

الأحدث