تخطى الى المحتوى

تاريخ "سميدع" على مائدة "الرفاق" في ذكرى رحيله

جدول المحتويات

 

واستفاض "العمداء" في استرجاع تفاصيل اللحظات النضالية التي جمعتهم بالشاب سيد محمد سميدع خلال أعوام 66 – 67 – 68 – 69 قبل أن يرحل عن دنيانا الفانية بداية العام 1970، "وقد أنشـأ إحدى أقوى الحركات السياسية الموريتانية، وبذل كل جهده ووقته في سبيل ذلك". يقول رفيقه بدر الدين.

 

رمزية الزمان والمكان

الرفاق اختاروا زمانيا الذكرى 44 لرحيله، أما مكانيا فاختاروا مقر نقابة المزارعين في حي مدينة (L)  حاضنة الحركة الرفاق إبان تأسيس حركتهم نهاية عقد الستينات وبداية عقد السبعينات، وخلال حفل التأبين تحدث عدد من رفاق الراحل سميدع، من بينهم محمد المصطفى ولد بدر الدين، ومحمدو الناجي، ولا اتجي اتراوري، ومحمد لد عبد الله الملقب "النهاه".

 

بداية الحديث كان مع نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد المصطفى ولد بدر الدين في مداخلة حول "الدور النضالي لسميدع"، مؤكدا أن أهمية "الرمز سميدع لا تكمن في القيمة التي أعطاها له الشباب في ذلك التاريخ، ولا تكمن في عبقريته وكونه شخص شجاع وغير عادي، وإنما يعود ذلك للفترة التاريخية التي ظهر فيها، حيث كانت مرحلة حرجة من تاريخ البلاد".

 

وأضاف ولد بدر الدين أن موريتانيا كانت حينها على مفترق طرق، بين الاستقلال الذي نالته قبل سنوات قليلة، في العام 1960، واكتشت بعد فترة وجيزة أنه استقلال منقوص، وأن الاقتصاد مسيطر عليه من قبل الشركات الفرنسية، ويسير من طرف شركة "ميفرما" بطريقة عنصرية.

 

ولد بدر الدين أكد أن سميدع ورفاقه وضعوا هدفين لنضالهم، أولها العمل على استكمال الاستقلال الوطني، والثاني بناء الوحدة الوطنية على أسس عادلة.

 

ورأى ولد بدر الدين أن من يتذكر أحداث العام 1966 سيذكر أن سميدع أخذ فيها موقفا قوميا عربيا، ومن خلال موقفه هذا وردود الفعل عليه بدأ مراجعة مواقفه عموما، وخصوصا من أسس الوحدة الوطنية.

 

وقال ولد بدر الدين إن سميدع (المولود 1946) ربما يكون أخذ القومية العربية عن والده محمد الأمين ولد سميدع حيث كان مدرسا وقوميا عربيا، كما شغل منصب رئيس نقابة المعلمين العرب.

 

وعن دراسته قال ولد بدر الدين إن الشاب سيد محمد سيمدع درس الابتدائية في مدرسة أطار، والثانوية ما بين روصو والعاصمة انواكشوط، كما درس الجزء الأول من الباكلوريا خلال العام 1966، ومنعته الأحداث من إكمال الجزء الثاني، وخلال هذه الأحداث اعتقل هو وجماعة من المحتجين معه من بينهم مكتب نقابة المعلمين العرب. كما شمل الاعتقال رموز ما يعرف بجماعة 19 الزنجية، قبل أن يطلق سراح الجميع صيف 1966.

 

وقال ولد بدر الدين إن أحداث 66 وما تبعها من اعتقالات دفع المجموعتين القوميتين "العربية والزنجية" إلى مراجعات فكرية وسياسية، وكان الشاب سيد محمد سميدع من أوائل المقتنعين بخطر القومية على موريتانيا ودرها التفريقي.

 

وأضاف ولد بدري الدين خلال حديثه الليلة البارحة على سطح مقر نقابة المزارعين في انواكشوط أن مجموعة الشباب التي كانت تعمل مع الشاب سميدع وصلت لقناعة أنتجتها مراجعتها الفكرية أن "الحركة القومية لا محل لها في موريتانيا".

 

وتحدث ولد بدر الدين عن دور اجتماع "توكمادي" ودور ولد سميدع فيه، وما خلفه هذا الاجتماع من خلاصات، كان لها الأثر الكبير في إنشاء أكبر الحركات السياسية الموريتانية وأقواها..

 

وقال ولد بدر الدين إن من الحضور الذي شاركوا في اجتماع "توكمادي" محمدو الناجي، وعينين ولد أحمد الهادي، معتبرا أن الاجتماع كان حاسما في المسار الشخصي لكل واحد وفي مسار المجموعة ككل.

ومن بين الخلاصات التي توصل لها الاجتماع – يقول بدر الدين – أن الخط القومي العربي لا يصلح أساسا لتوحيد الشعب الموريتاني، وأن العدو الرئيس لموريتانيا حينها هو الاستعمار بمختلف أشكاله. ولطرد المستعمر لا بد من توحيد الشعب بمختلف قومياته. وأن هذه الوحدة يجب أن تتم انطلاقا من القوى الحية، ولا بد لذلك من إقامة حركة وطنية قوية تقود هذا الحراك.

 

مواكبة النضال العمالي

وقال ولد بدر الدين إن ولد سميدع غادر الاجتماع متوجها إلى الزويرات حيث واكب حراكها العمالي، وأصدر منشورا يصف أوضاع العمال تم توزيعه في انواكشوط، وبعيد أحداث 1968 كتب منشورا آخر يندد بعملية الزويرات، وأصدرت نقابة المعلمين العرب بيانا صب في نفس الاتجاه،

 

كما عقد خلال تلك الفترة مهرجانا خطابيا في منصة كانت توجد أمام مبنى الجمعية الوطنية وكان الرئيس حينها يعقد خطابا للدفاع عنها داخل مبنى الجمعية الوطنية الحالي، وبعيد نهاية المهرجان وقف سميدع وجها لوجه مع الرئيس وأعلن له رفضهم للعملية وطالبه بتعريب اللغة الرسمية، وتأميم الشركات واستعادة السيادة.

 

وقد زحفت الجماهير المشاركة في المهرجان وحاصرت القصر الرئاسي، ولم تكن وسائل القمع حينها متوفرة، واحتاج قوات الأمن عدة ساعات قبل أن تجد قنابل مسيلة للدموع بعد المغرب لتفرق بها الجماهير.

 

بعدها غادر سميدع إلى روصو، وتلاحقت الأحداث حيث وقعت مظاهرات في بوتلميت وأخرى في روصو، كما عقدت نقابة المعلمين مؤتمرا عاديا وجددت الثقة في مكتبها قبل أن يتم اعتقاله، وذلك يوم 22 يوليو 1968، ومن ضمن أعضائه يوم ذاك:

–        محمد المصطفى ولد بدر الدين.

–        محمدو الناجي.

–        محمد المختار كاكيه.

–        بيلبا.

–        كما اعتقل معهم الشاعر أحمد ولد عبد القادر ولم يكن ضمن مكتب النقابة.

 

وخلال نهاية هذا العام قام سميدع بجولة قادته إلى دمشق حيث شارك في مؤتمرات هناك، ونجح في استصدار إدانات للحكومة الموريتانية من عدة منظمات طلابية وحقوقية.

 

وبعيد عودته وزع منشورا وصل كل أرجاء موريتانيا يندد بالاعتقالات، وكانت سنة 69 يقول بدر الدين سنة تنظيم داخلي للحركة، وكان هو يقود هذا كلها، وخلال العام 70 وقبيل أن يجني ثمار أعماله وافته المنية في داكار، حيث توفي وعمره 24 سنة فقط.

 

محمد الناجي: ولد سميدع جد محظوظ

القيادي بحزب اتحاد قوى التقدم، والمؤسس في الحركة الوطنية الموريتاني محمدو الناجي رأى الشاب سيد محمد سيمدع كان محظوظا لأنه رحل عن موريتانيا قبل أن تصل إلى ما وصلته إلى اليوم، لأنه رحل وموريتانيا حينها مستقلة أو تسير باتجاه الاستقلال.

 

وأضاف محمد الناجي "لو رأى سميدع أوضاع موريتانيا اليوم لعض أصابع الندم. فموريتانيا تراجعت خطوات إلى الوراء".

 

وقال محمدو الناجي إنه كان من أقل الناس لقاء له رغم معاصرته له، مرجعا ذلك إلى انشغاله حينها بالعمل النقابي الميداني، مضيفا أنه لم يلتقه في أي لحظة إلا وزاده شحنة نضالية تدفعنه للتضحية من أجل الوطن.

 

الأمين العام لحزب التحالف الشعبي التقدمي لادجي اتراوري تحدث عن تجربته مع الراحل سيد محمد سميدع حيث لفت انتباهه أول مرة، هو ومجموعة معه يزورون سفارة الصين قرب البنك المركزي كل يوم ويعودون بصحف ومنشورات علمية.

 

وأضاف أنه تعرف لاحقا على بعضهم ومن بينهم سيد محمد ولد سميدع والسالكة بنت اسنيد، مشيرا إلى تفاجأ – وهو القادم من فرنسا – من وجود شباب تقدميين يحملون آخر الأفكار المتداولة في العام حينها، وهو الفكر المناوئ للأمبريالية والاستعمار.

 

هل يجد سميدع من يخلفه؟

عينين ولد أحمد الهادي تحدث بحسرة عن تخلي الجيل الجديد من الشباب عن القيم التي كان سميدع يتبناها، معتبرا أنه التقى بسميدع مرة في مدينة كيهيدي، وخاطبه بتأثر قائلا: "كل ما أخاف منه هو أن لا ننجب"، وحين سألته ماذا تقصد بهذا، رد علي: "أن لا نوجد جيلا شبابيا يواصل المشوار النضالي بعد رحيلنا".

 

وأكد ولد أحمد الهادي أن الجيل المؤسس تعب، وأنهكته الأمراض، وضعفت قواه النضالية، داعيا الجيل الشباب الحضر إلى السهر وتكوين أجيال جديدة تحمل رسالة سميدع وتخلفه في بناء الدولة الموريتانية.

 

وعرفت الندوة التأبينية مداخلات عديدة.

الأحدث