تخطى الى المحتوى

جدول المحتويات

 

(1)
 

  قبلَ أكثر من عام سوَّدتُ هنا في الكويت قصيدة عاطفية في غرض محدود التداول، وبقيت كما هي بخط يدوي أزرق لا يقرأه كثير من الناس، على غير عادتي؛ فقلما أكتب خارج الكمبيوتر منذ سنين عديدة، كانت القصيدة نفثا لمشاعر، تصوير لحالة ما، إدانة لواقع مُسْتشْر إفشاء لخلجات نفس ..، لم يسبق أن نُشِرتْ مطلقا، ولا اطَّلع عليها إلا شخصان أو ثلاثة، أحدهم المدير العام لحملة تواصل حاليا الأستاذ الأديب-لا يعرفه كثير من الناس بالصفة الأخيرة-الشيخاني ولد بيبه، فقد قرأتها عليه أيام كُتبتْ وعلق عليها تعليقا ذا دلالة أدبية اجتماعية، حددت علاقتها بالقراء فيما بعد، وليس في الأمر غريب فالرجل سياسي بالدرجة الأولى أو هكذا يعرفه الكثيرون، وليست السياسة إلا فن التعامل الاجتماعي، أو فن التعامل مع المجتمع.

 

ومن التوافق اللطيف أني وأنا أتابع نجاحات الحملة التي قادها الأستاذ شيخاني وإخوانه وأرى بلاءهم الحسن وتضحياتهم الجسام، وتوفيقهم الكبير-بحمد الله- في التعاطي مع المجتمع أجد القصيدة أمامي اليوم خلال ترتيب بعض الأوراق استعدادا لسفر قريب وددت لو أني أدركت به تلك الحملة حتى يكون لي من غبار القوم نصيب؛ فعادني خاطر سابق أن أسجل انطباعاتي عن الانتخابات الحالية، ونجاحاتها وبشائرها، ثم تذكرت ملاحظة الأستاذ شيخاني فقرَّرْتُ إرجاءَ انطباعاتي عن الانتخابات-التي لم تكتمل صورتها بعد- ونشرَ النص المُرجَأ منذ فترة وصلا لحديث سابق، وأملا بتواصل جديد.

 

(2)

 

أما النص فبعيد من السياسة بُعْدَ أحلام الأطفال من عالم الكبار، يصور مشهدا إنسانيا لعاطفة البنوة الغضة في تعقلها بالأبوة إذ تعروها القسوة ويتملكها الإهمال..

 

وهو كما وجدته غير محوَّر، ولا مُكمَّل،  ودون مزيد تحليل

 

أَبِي… وَينفجِرُ الطِّفْلُ الصَّغيرُ بُكا/ بَعضُ الأنامِ قُــــسَاةٌ أيُّها الْبـــَشَرُ

ومرَّ قَالُوا ولَمْ تنبُضْ عَواطفُه / وما اطَّبَاهُ لَهُ صَــــوتٌ وَلا نَظَرُ

وعادَ والطفلُ مشْدُوهٌ يُبدِّدُه / في القادمين طويلُ الْفَحْصِ والنَّظَرُ

يَبْنِي قِلاعاَ مِنَ الأحْلامِ يَنْقُضُها/ حُلْمٌ تَنامَى عَلى حَافاتِه الضَّجَرُ

والذِّكْرياتُ لدى الأطْفالِ مُدْهِشة /إذا تقاذَفُ مِنْ شُطآنِها الدُّرَرُ

أبِي ونَحن وُكُنَّا: رَجعُ أغْنِيَة/ ما زالَ يَعْزِفُها فِي قَلــــْبِه العُمُر

شَوْقِي لِبَابَا إذَا يَأتِي فيحملُني/على الْأَراجِيحِ كَمْ أزهُو وأفْتخِرُ

ويُورقُ الشَّوقُ أفْناناً بداخلِه/ وتُغْرقُ الطِّفْلَ مِنْ أفكارِه الصُّوَرُ

مُحَمَّدٌ صَاحِبِي قَدْ جَاءَ والدُه/ وقَدْ تَغَنَّتْ سُرُوراً أختُه سَمَرُ

يَا أمُّ بَابَا مَتَى يَأْتِي أُحدِّثُه/ قَلْبِي مِنَ الشَّوْقِ يَا أُمَّاهُ يَنْفَطِرُ

لا صَوْتَ للأمِّ إلا الدَّمعُ تَذرِفُه/ نَاراً عَلَى سَعَفِ الْوِجْدانِ تَستَعِرُ

وتُطفئُ الضَّوْءَ عَلَّ النَّومَ يُنقذُها/ من الهمومِ وعلَّ الطفلَ يَنكسِرُ

حَّتى إذا مَا دَنا الإصْباحُ فاجأها/ لَمْ تُخبِريني مَتى يَأتِي أبِي عُمَرُ؟!

 ولعل في قرب السفر وما يتيحه من فرص اللقاء المباشر تعويضا عن بسط الحديث بالمقال، وهي مناسبة للاستئذان منكم معشر الكرام في التوقف أسابيع -أرجو أن لا تطول- عن كتابة هذا العمود في إجازة تستصفي الذهن وتستجمع التفكير، وآمل أن نلتقي في إشراقات بنكهة الوطن.

ودمتم في رعاية الله

 

 

نقلا عن أسبوعية الأخبار إنفو

 

 

 

الأحدث