تخطى الى المحتوى

خبير دستوري: إشكالات دستورية تواجه الحكومة

جدول المحتويات

وفق مقتضيات المادة 68 من الدستور التي تلزم الحكومة بتقديم مشروع قانون المالية إلى البرلمان فور افتتاح دورة نوفمبر.

 

 واعتبر الخبير الدستوري في تصريحات مطولة مع "الأخبار إنفو" أن المشرّع الدستوري لم يتصور أن يعيش بلد ما هذه الحالة على الإطلاق، لذا كانت كل الاحتمالات التي تطرح ويبوب عليها تتعلق بامتناع البرلمان عن الموافقة على الميزانية، أما أن تمتنع الحكومة عن تقديمها فهذه سابقة خطيرة وضعتنا في فراغ دستوري غير مسبوق في تاريخ الحياة النيابية بالبلد.

 

وقال ولد داهي إن السلطة التنفيذية احترمت الشكل القانوني في تنظيم الدورة البرلمانية لشهر نوفمبر من خلال افتتاحها في الوقت المحدد واختتامها في الوقت المحدد. لكنها لم تحترم المضمون بامتناعها عن تقديم مشروع الميزانية في الأجل المحدد دستوريا في سابقة هي الأولى من نوعها بموريتانيا.

 

وقال ولد داهي إن التعديل الجديد للدستور ينص على أن الميزانية تقدم يوم الاثنين الأول من شهر نوفمبر، ففي الفقرة 2 (جديدة) من المادة 68: "يتم إبلاغ البرلمان بمشروع قانون المالية في أجل أقصاه يوم الاثنين الأول من شهر نوفمبر".  وقد بدأ العمل بالدستور الجديد مع انتخاب النواب، وهو إشكال دستوري إضافي.

 

وأضاف الخبير الدستوري "في أحسن الأحوال يمكن افتتاح البرلمان في بداية فبراير، والدستور يعطي للبرلمان مدة شهر لتمرير الميزانية، كما أن إجراءات الإحالة للرئيس والتوقيع والنشر أمور تأخذ بعض الوقت، مما يعني أن الإنفاق العام للميزانية طيلة الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2014م سيكون إنفاقا خارج القانون، لأن القانون لا يسري بأثر رجعي، وقوانين المالية بالبلد تبوب على المصادقة البعدية على تعديل الإنفاق في البنود الأصلية، لكنها لا تبوب على تعديل إنفاق لا أصل له. والإنفاق في 2014 لا أصل له حتى الآن لعدم وجود القانون الأصلي للميزانية".

 

وهو مخالفة صريحة للأمر القانوني رقم 117-78 الصادر بتاريخ 2-4-1978 والأمر القانوني رقم 015/87 الصادر بتاريخ 19-1-1987 المنظمين لقوانين المالية في البلد.

 

وكانت الحكومة الموريتانية قد صادقت على مشروع الميزانية في اجتماع طارئ عقدته يوم الثلاثاء 31 ـ 12 ـ 2013م.

 

 

الحل الاجتهادي..

 

وقال الخبير الدستور محمد الأمين ولد داهي إن الحل الاجتهادي الوحيد ـ في ظل غياب النصوص ـ هو التصرف من خلال إعلان الرئيس ميزانية عامة لثلاثة أشهر علي أساس الميزانية العامة لسنة 2013م، وهو أمر غير منصوص، ولكنه يقاس على أساس رفض البرلمان للميزانية.

 

ويقول ولد داهي إن هذه الحالة هي المخرج الوحيد للحكومة من التورط في إنفاق المال العام خارج القانون، والذي يعتبر في القانون المالي من أكبر الجرائم الاقتصادية التي يمكن للحكومة أن تتورط فيها، كما أنها فساد مالي منصوص عليه ومشهور لدى أغلب الفقهاء.

 

استقالة الحكومة..

 

وعن استقالة الحكومة بعد انتخابات البرلمان قال الخبير الدستور محمد الأمين ولد داهي إن القراءة الديمقراطية للدستور تقتضيها فورا؛ وخصوصا المواد 74 و75 و42 التي تنص على مسؤولية الحكومة أمام البرلمان، وهي مسؤولية تتطلب استقالة الحكومة عقب كل انتخابات برلمانية.

 

كما أن الأعراف الموريتانية الدستورية السابقة، والتي لم تكن الحكومة فيها مسؤولة أمام البرلمان كانت الحكومة تستقيل فور إعلان النتائج ويتم تشكيل حكومة جديدة كما حصل في عام 1992م، وفي سنة 1996 استقالت حكومة الشيخ العافية ولد محمد خونه وأعيدت الثقة فيها بحكم قرب الانتخابات الرئاسية، وفي سنة 2001 استقالت الحكومة بعد انتخابات البرلمان، فكيف وقد تحولت الحكومة إلي مسؤولة أمام البرلمان، وهو ما يعني أن استقالتها أمر مفروغ منه بحكم القراءة الديمقراطية لكل التعديلات الدستورية الأخيرة، وكذا بمقتضى الأعراف الدستورية في موريتانيا وغيرها من الدول الديمقراطية.

 

ويجب أن تقدم الحكومة استقالتها خلال خمسة عشر يوم من أجل الإيحاء بأنها فعلا مسؤولة أمام البرلمان، وهو أمر مفروغ منه حتي في الأحكام الرئاسية الصرفة.

 

ورطة التجديد للشيوخ..

 

وعن انتخابات مجلس الشيوخ قال الخبير الدستوري محمد الأمين ولد داهي إن المجلس في ورطة، بحكم انتهاء مأمورية الفئتين (ب+ج) وهو ما يعني من الناحية الدستورية ضرورة تجديدهما وانتخاب أعضاء جدد في الدوائر المحددة، لكن هل يمكن تجديدهما في وقت واحد؟

 

ويري ولد داهي أن الأمر يطرح أكثر من إشكال باعتبار أن الدستور صريح في أن ثلث الشيوخ يجدد كل سنتين (المادة 47) ، وبالتالي إذا تم انتخابهما بالتزامن سنكون أمام سؤال جديد هو أي الفئتين سيتم تجديدها بعد أربع سنوات؟ خصوصا وأن القانون النظامي 030/2012 الصادر بتاريخ 12 ابريل  2012 (أحد قوانين الحوار) المتعلق بانتخاب مجلس الشيوخ والمعدل للأمر القانوني رقم 029/91 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 ينص في مادته الأولى علي انتخاب الشيوخ لمدة ستة سنوات. وبالتالي من انتخب حاليا يمكنه أن يطعن في مساعي تقليص مأموريته لأنه ليس من مسؤوليته أن يتحمل تقصير الآخرين.

 

أما الإشكال الثاني فهو ضرورة انتخاب الثلث أو الثلثين قبل دورة إبريل 2014 وهو ما استحال قانونيا لأن هيئة الناخبين تدعى في أجل 70 يوما قبل يوم الاقتراع.

 

والإشكال الثالث فهو أن القانون الذي منح الشامي حق التمثيل في مجلس الشيوخ لم يحدد من أي فئة يجب أن يكون الشيخ الممثل للمقاطعة، وهو ما يعني أن القانون يجب أن يغير للنص على الفئة التي يجب أن ينتخب معها، وهو أمر يتطلب اجتماع البرلمان أولا حتى يغير النص القانوني.

 

كما أن الشيوخ إذا تم انتخابهم بعد ابريل القادم لن يكون بمقدروهم حضور الجلسات لأن انتدابهم حسب المادة 2 من الأمر القانوني السابق تمنعهم من ذلك حيث تنص في فقرتها الثالثة على أنه: "ويبدأ انتداب الشيوخ بالنسبة لكل مجموعة اعتبارا من افتتاح الدورة العادية في شهر أبريل الموالية لانتخابهم…".

 

انعقاد جلسات الجمعية الوطنية..

 

وعن اجتماع الجمعية الوطنية قال الخبير الدستوري محمد الأمين ولد داهي إن الجمعية يجب أن تجتمع فورا، إذ لاعبرة بالطعون باعتبارها استثناء، خاصة أنها لا تغير التشكلة السياسية في البرلمان، ولا ينتظرها الحزب الأكبر لضمان تشكيل الحكومة بمفرده.

 

كما أن البرلمان هيئة لديها لجان مستمرة، واستحقاقات رئيس الجمعية الوطنية، وطبيعي أن يجتمع خوفا من حضور فراغ على مستوي اللجان أو مكتب الجمعية الوطنية.

 

أخطاء دستورية..

 

وعن تمديد المجلس الدستوري للشوطين قال الخبير الدستوري ولد داهي إنه خطأ دستوري كبير، وإن الأمور في الغالب تحدث بسبب عدم التراتبية، والآجال الزمنية، وإن المجلس الدستوري كان يجب أن يعطي رأيا للحكومة واللجنة بعدم إجراء الانتخابات خلال الدورة البرلمانية لما سيترتب على ذلك من أخطاء ومشاكل، رغم عدم وجود مانع قانوني صريح، لكن الوعي بالزمن أمر مهم للهيئات الدستورية.

 

كما أن المجلس كان يجب أن يفتي سنة 2011 بعدم استمرارية تأجيل فئة (ب) إلى ما لانهاية بحكم ما سيترتب على ذلك من أزمات دستورية وتنظيمية للمجلس.

 

غير أن أكبر الأخطاء التي ارتكبت هي تأجيل الشوط الثاني وإعطاء خمسة عشر يوما جديدة دون سند قانوني، كما أنها مخالفة صريحة لقانون نظامي أصله دستوري.

 

فقد نص القانون النظامي على 15 يوما كأجل بين الشوطين، لكن الأصل الدستوري المعتمد يعود للفترة الزمنية المنصوص عليها في الدستور بخصوص الرئاسيات، والنصوص الصريحة لا تغير بفتاوى المجلس الدستوري ولا تعطلها، وخصوصا القوانين النظامية ذات الإجراءات الخاصة، والتي لديها أصل دستوري واضح كما هو حال الفترة الزمنية بين الشوطين في الرئاسيات.

 

وحجة الطعون ركون للاستثناء وليس الأصل وهو النتيجة، كما أنه مخالفة صريحة للقانون، وهي لا توقف التنفيذ، ومآلاتها إما التأكيد وهو لا يترتب عليه ضرر أو الإلغاء وهو ما يترت عليه شوط تكميلي كما وقع بولايتي آدرار وغورغول.

 

وشبه الخبير الدستوري د.محمد الأمين ولد داهي الوضعية الراهنة بالتأسيس بحكم تجديد كل الهيئات، داعيا إلى احترام القوانين والنصوص الدستورية.

 

الانتخابات الرئاسية..

 

ينص القانون على وجوب تنظيم الانتخابات الرئاسية في حدود 45-30 يوما قبل انتهاء مأمورية الرئيس. فيما تنص المادة 4 (جديدة) من الأمر القانوني رقم 028/2011 الصادر بتاريخ 12 إبريل 2012 على أن المجلس الدستوري يتلقى ملفات الترشح لرئاسة الجمهورية حتى اليوم 45 قبل يوم الاقتراع. كما تدعى هيئة الناخبين 60 يوما قبل الاقتراع.

 

وهو ما يعني أن تنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة سيكون في الفترة ما بين 18 أو 3 يونيو القادم، أما استدعاء هيئة الناخبين فيجب أن يتم قبل ذلك التاريخ بشهرين أي في بداية شهر مارس 2014م.

 

ويؤكد د.محمد الأمين ولد داهي، أنه ـ وبصفته خبيرا دستوريا ـ يرى أن تنظيم الانتخابات يجب أن يتم في شهر مايو؛ مراعاة لشهر رمضان الذي سيحل في شهر يوليو، وكذا ظروف امتحانات اختتام السنة الدراسية التي تشغل كامل شهر يونيو في الغالب.

 

 

الأحدث