تخطى الى المحتوى

جدول المحتويات

 

على الطريق هناك قرية صغيرة تكاد ابنيتها تصافح حافة الرصيف يتوسطها بيت من الإسمنت العاري يعاني من الوحدة محاط بسياج من الحطب في أحد زواياه هناك رجل خمسيني طيب القسمات يحلب بقرة وداخل البيت سيدة وثلاثة أطفال بنت وولدين.


على الطريق يشير عداد السرعة في سيارة الشاب إلى 140 كلم في الساعة الرجل الستيني يتمايل رأسه من النعاس والبنت تتصفح هاتفها وتبتسم عندما ترى فيديو من ابن أختها يقلد صلاة الجدَّة والشاب يتوغل في حدائق "التخمام" ويقوم بهندسة دخله وعن إمكانية بناء شقة تقيه الكراء وترضي زوجته المتشوقة لمملكة صغيرة تخصها تباهي بها المجتمع.

 

في القرية الرجل الخمسيني يجلس القرفصاء عند الباب ويقول لزوجته وهي مشغولة بمزج اللبن و"ونش" "صبي برادك أعجلي" لدي موعد مع فلان قد ذكر لي "طرنيشة" ثمن "أقيار" الذي بعته له بالأمس سأشترى منها خنشة من القمح ودفاتر الأطفال "السكر هون" تقول له الزوجة "خالك منو الا ذاك لفيك أنت" فيضحك ويقول "كالها الطبيب بعد".

وهو يرتشف الكأس الأخير "أيو ودعتكم لمولان".

 

على مدخل القرية تدخل سيارة الشاب كأنها في سباق "الفورميلا 1" ينتبه الشاب لوجود جسم يتحرك في منتصف الطريق إنه الرجل الخمسيني يفقد الشاب السيطرة يدوس على المكابح بعدما أرتطم مقدم السيارة بجسم الرجل الخمسيني بينما تبدأ السيارة في حركة لولبية في الهواء لا تتوقف إلا في سفح كثيب رملي.
على حافة الرصيف جسم الرجل الخمسيني ممدد والدماء تنساب من جبينه بغزارة وهو ينطق الشهادة بشكل متقطع وأهالي القرية من كل حدب ينسلون تتوسطهم زوجة الرجل الخمسيني وقد بح صوتها وتبللت قسماتها من الدموع وقد سكنت التعابير في وجهها حتى بدت كلوحة قديمة رسمها فنان حزين.

 

داخل الخردة سيارة الشاب الرجل الستيني حي يرزق لكنه يتحرك بصعوبة والأبنة قد فارقت الحياة بينما جسد الشاب أمتزج بأشلاء بمقدم السيارة!

 

خيم الحزن على القرية الوادعة حتى بدت السماء متجهمة وحفيف الأشجار وصوت الرياح يصنعنان إيقاعا حزينا يختلط مع لغط الناس المليىء بالشجن والأسى أثناء ذلك رن هاتف الشاب من يرد!!

 

وقف الجميع وقد خففوا سرعة الخطو نحو الهاتف المرمي وكلهم في ذهول وأرتباك… 

من يرد!!
 

الأحدث