جدول المحتويات
يظهر هذا التقرير الحكومي الذي تعرضه "الأخبار" تضاعفا كبيرا في مديونية الشركة الوطنية للكهرباء "صوملك" لتصل إلى أكثر 8.3 مليار أوقية لصالح البنوك الوسيطة، إضافة إلى رصد تضاعف نسبة ضياع الطاقة.
ويعرض التقرير صورا من الاختلاسات الكبيرة التي تعرضت لها الشركة كما يتناول وضعها الضريبي وعلاقاتها بالبنوك.
مولدات في منازل "الكبار"
ووفق التقرير فإن مجموعة من المولدات الكهربائية تناهز قيمتها 36 مليون أوقية قد وضعتها الشركة في منازل مسؤولين سامين عام 2006. وركبت المولدات في منزل كل من الوزير الأول السابق سيدي محمد ولد بوبكر والمدير العام للأمن الوطني (القائد الحالي لأركان الجيش محمد ولد الغزواني) وقائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية (الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز) فضلا عن مدير ديوان رئيس المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية محمد الأمين ولد الداهي، وذلك دون سند قانوني.
وفوائد و"أتعاب"…
ورصد التقرير تزايد حجم المتأخرات الضريبية على الشركة لتصل في 30 سبتمبر 2007 إلى 1.8 مليار أوقية، هذا في وقت بلغت فيه التسبيقات والعلاوات غير المبررة لصالح أطر الشركة مبلغ 279 مليون أوقية.
ووفق التقرير الذي رفع إلى الجهات العليا وحصلت عليه وكالة "الأخبار" المستقلة فإن صافي المبالغ المفقودة ناهز 261 مليون أوقية توزعت ما بين فوائد غير مبررة وفوائد تمت فوترتها خطأ وأتعاب مستشارين وهميين ومصاريف رفع غير مبرر لمرضى إلى الخارج واشتراكات دعم…
وتبددت الطاقة
واستنادا إلى الوثيقة التي حللت وضع الشركة سنة 2007 فإن صوملك تقع ضحية نسبة كبيرة من ضياع الطاقة تناهز 21.5% تتوزع بين فقدان الطاقة أثناء التوزيع أو الفوترة أو حتى على مستوى الجباية؛ حيث أظهرت المعطيات أن نسبة جباية الفواتير، التي يفترض أن لا تقل عن 80%، تقل عن هذه النسبة بكثير.
وأكدت الوثيقة على الدور المحوري الذي تلعبه الحكومة في تخفيض لطاقة الضائعة وتحديدا من خلال تسوية الاستهلاكات الحكومية ذاتها.
صلاحيات "الصفقات" تضاعف العبء
وبشأن الصفقات التي تعقدها الشركة الموريتانية للكهرباء، لاحظ التقرير منح صلاحيات غير محدودة للجنة الصفقات والاستغلال كما رصد مخالفات للإجراءات والمساطر تنبئ عن "اختلاسات خطيرة"، وتجاوزا للصلاحيات إضافة إلى ممارسات غير قانونية قصد تشريع الصفقات العامة.
وقال التقرير إن العديد من الصفقات منحت بالتراضي لمؤسسة غير معلومة لدى إدارة الضرائب في موريتانيا.
واستنادا إلى دراسة للنفقات، توصل التقرير إلى العديد من المخالفات في تسيير الشركة من بينها نسب فائدة عالية جدا تفرضها البنوك على الشركة، واستحواذ كبار الموظفين في الشركة على تجهيزات فنية، وخاصة المولدات الكهربائية، بطريقة غير شرعية.
ورصد التقرير دفع الشركة أتعابا لمستشارين دون تقديم خدمات ملموسة في مقابل ذلك، فضلا عن توريد مواد مختلفة دون مناقصات.
وتعود نسبة كبيرة من ضياع الطاقة إلى الاختلاسات التي تنعكس على شكل فروق واضحة بين كميات الطاقة التي يتم توزيعها وتلك التي تتم فوترتها.
العدادات تصنع الفرق
وتعاني "صوملك" من ضياع 59.880.152 كيلووات (وفقا للمعطيات التجارية) وهو ما يناهز 21.5% من إنتاجها ويفاقم العجز الذي كثيرا ما يظهر على شكل انقطاعات للتيار. أما الإدارة الفنية للشركة فتتحدث عن طاقة ضائعة تناهز 92.699.691 كيلووات وهو فرق يناهز الثلث.
وطبقا للتحليل الذي قامت به الجهات الحكومية فإن الخلل في حساب الكميات المنتجة يعود إلى وجود عدة محطات توزيع لا تتوفر على عدادات (15 من أصل 306)، ووجود عدادات غير متطابقة مع الأنظمة وتتصدر نواكشوط المناطق التي يضيع فيها الإنتاج، طبقا للمعطيات التجارية ثم الفنية، متبوعة بنواذيبو ثم المناطق الداخلية.
وترصد الوثيقة تأثيرات فقدان الطاقة الذي ينعكس على شكل تراجع في المداخيل تنشأ عنها صعوبات مالية وإعاقة للاستثمار فضلا عن تردي الخدمات المقدمة إلى الزبائن، ملقية باللائمة على تقادم الشبكة الكهربائية وعلى الدولة فضلا عن الإهمال والتواطؤ من قبل بعض موظفي "صوملك" ثم، أخيرا، على المستهلكين.
ويوصي التقرير بمباشرة عمل طموح ضد الاختلاس والمتأخرات وتشجيع عمال الشركة، خاصة من غير الدائمين، تفاديا للجوئهم إلى الارتشاء فضلا عن ضرورة مراعاة الحكومة لوضعية صوملك باعتبارها "مؤسسة استراتيجية".
أطلال المسؤولين
وطبقا للتقرير فإن 20% ممن يجري التكفل باستهلاكاتهم من الطاقة على حساب الميزانية العامة قد فقدوا الوظائف التي على أساسها التكفل بهم، بل إنهم غيروا أيضا عناوين سكنهم موضع التكفل. وهو ما يعني أن الدولة تتكفل، دون وجه حق، باستهلاكات أشخاص لمجرد إقامتهم في عناوين لمسؤولين سابقين.
إضافة إلى ذلك يرهق تأخر الدفع كاهل الشركة حيث تصل المديونية المترتبة لصالحها على القطاعات الرسمية والشبيهة ما يناهز 3 مليارات أوقية، كما يوضح هذا الجدول:
الشركاء الوهميون
الصفقات التي تعقدها "صوملك" كانت موضع تفتيش كذلك من قبل الخبراء الحكوميين الذين توصلوا إلى رصد مخالفات كبيرة في هذا الصدد. ووفق الوثيقة فإن لجنة الصفقات والاستغلال، التي يعود إليها إرساء صفقات "صوملك" درجت على أساليب مخالفة لواعد منح الصفقات العامة.
ويورد التقرير للتمثيل على ذلك إرساء صفقة توريد 6000 عمود كهربائي من الخشب، وهي صفقة قيمتها 350 مليون أوقية، على مؤسسة "SMSR" والتي لم يتم استلامها حتى نهاية 2007 رغم أن الشركة دفعت المبالغ عبر حوالة بنكية لصالح صاحب المؤسسة أحمد بابا ولد اعليه في 11 أبريل قبل ذلك. ولا يتوفر لتبرير اختيار هذه المؤسسة، التي لا علم لإدارة الضرائب بوجودها، إلا رسالة واحدة منها إلى المدير العام لـ"صوملك".
ويورد التقرير أيضا إرساء صفقة بقيمة 35.4 مليون أوقية على مؤسسة PRESCOM رغم تأخرها في دفع ملف المناقصة وتأخرها في تقديم الأوراق الإدارية اللازمة.
ويخصص التقرير محورا لاقتناء الشركة لقطع الغيار والتجهيزات كاشفا النقاب عن غياب كامل للتنافس بين الموردين. وعلى سبيل التمثيل، يورد التقرير حالة ثلاث مؤسسات تتعامل معها "صوملك" والحال أنها تعود إلى شخص واحد هو الناه ولد مولاي، والمؤسسات هي:
– مؤسسة عبد الله ولد محمد
– مؤسسة مولاي حسن
– مؤسسة الناه ولد مولاي
وقد حقت المؤسسات الثلاثة رقم أعمال وصل 68.223.156 أوقية مع صوملك من خلال توريد قطع الغيار وذلك خلال الفترة التي شملها التدقيق.
الديون والفوائد .. على خطا سومغاز:
ووفق الوثيقة فإن "صوملك" لجأت، في غياب السيولة، إلى الاستدانة من البنوك من أجل ضمان نفقات الإنتاج والصيانة من قبيل اقتناء قطع الغيار والوقود، وذلك لدرجة وصول ديونها إلى أكثر من ثماني مليارات ولتصل الفوائد المترتبة على ديونها إلى أكثر من مليار أوقية نهاية 2007:
وفضلا عن تجاوز هذه الفوائد للنسبة التي يرخصها البنك المركزي الموريتاني (24% في تلك الفترة) فإن المحققين لاحظوا غياب أي مراسلات بين صوملك والبنوك المذكورة تحدد شروط الإقراض.
ويعيد أسلوب البنوك في التعامل مع صوملك إلى الأذهان مديونية سوماغاز الكبيرة التي تضاعفت نتيجة فوائد غير قانونية وفقا لمعلومات رسمية كشفت عنها الأخبار في وقت سابق.
البنوك تأخذ باليمين.. وباليسار
إضافة إلى ذلك، حذر التقرير من خطورة تعدد حسابات "صوملك" التي لديها حساب واحد على الأقل في كل بنك موريتاني وفي غالب فروع البنوك في الداخل. وهو ما يعقد متابعة الحالة المالية ويجعل من الوارد تطبيق الفوائد على حسابات للشركة مدينة لدى البنوك بينما توجد لها حسابات دائنة في فروعها في الداخل.
وقد انعكست هذه الحالة في فرق جوهري بين الفوائد التي تفوترها البنوك باعتبارها مستحقة لها وتلك الحقيقة كما يظهر هذا الجدول:

مرضى لم يتداووا.. وإعلانات لم تبث
رفع المرضى إلى الخارج كان أيضا من بين مظاهر الخلل في تسيير الشركة، حيث تبين أن مبلغ 22.8 مليون تم منحه لعاملين في الشركة للاستشفاء خارج البلاد رغم أنهم لا يتوفرون على مستخرجات من قرار المجلس الوطني للصحة.
إضافة إلى ذلك شكلت الدعاية في الصحافة جانبا من سوء التسيير والتي أنفق فيها ما يناهز 28 مليون أوقية تراوحت بين اشتراكات دعم ومساندة ومصاريف إعلانات في التلفزة الوطنية لم يتم بثها، فضلا عن 11 مليون أوقية دفعت لتلفزيون "أورونيوز" مقابل إعلان من عشر ثوان يتحدث عن موريتانيا، تنفيذا لما قيل إنها توجيهات من الرئاسة.
ملاحظة:
سبق وأن نشرنا هذا التقرير في الأيام الأخيرة من 2009، ونعيد نشره بالتزامن مع أزمة الكهرباء التي يعيشها نواكشوط.