جدول المحتويات
ولم يكن إنجاز التحقيق – الذي أدى بالصحيفة لدخول قبة البرلمان، محمولة من طرف وزير الدفاع لنقاش تفاصيله مع المشرعين الموريتانيين – سهلا ولا ميسورا، كما لم تكن طريقة مفروشة بالورود، وهو شأن جل التحقيقات التي نشرتها الصحيفة خلال السنتين الماضيين، وخصوصا التحقيقات المتعلقة بالمخدرات، وكذا بالشبكة التي وقفت خلف تمزيق المصحف الشريف في انواكشوط، وكذا الحصول على تفاصيل الإقطاعيات التي منحت للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ومقربين منه في أرقى أحياء العاصمة، كما كان للمقابلات مغامراتها هي الأخرى، وخصوصا أول مقابلة تجرى وجها لوجه مع مؤسس تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلام ورجلها القوي الجزائري مختار بلمختار.
في هذا العدد المائة تقف "الأخبار إنفو" مع قرائها لتلقي نظرة على جزء من الجانب الغائب في التحقيقات التي تابعناها جميعا عبر صفحات الصحيفة طيلة العامين الماضيين.
وقبل الخوض في الجانب الآخر لصورة تحقيقات الصحيفة، يجدر بنا أن نتوقف مع تحقق أحد أهداف إصدار الصحيفة نهاية العام 2012، والمتمثل في إعادة جزء من الاعتبار والحيوية للصحافة الورقية، والتي كانت في طور الاختفاء بشكل تدريجي، بعد سيطرة الإعلام الإلكتروني، وإطباقه على الوسط الإعلامي في البلاد، وبعيد صدور "الأخبار إنفو" الورقية بأسابيع عادت صحف ورقية كانت متوقفة إلى الصدور، وظهرت أسماء جديدة لاحقا في الساحة الإعلامية، وازدحمت أكشاك التوزيع بالصحف المتنافسة على ثقة القارئ الموريتاني.
صدفة خير من 1000 ميعاد
كان طاقم الأخبار منهمكا في التحضير للعدد الأول من الصحيفة نهاية سبتمبر 2012، وقع طاقم الأخبار صدفة على تفاصيل حصرية عن أوضاع الطيران العسكري الموريتاني، ومعلومات عن صفقاته، وكذا عن أعمال الصيانة وورشاتها، إضافة لطبيعة العلاقة المتوترة للطياريين العسكريين بقيادتهم بعد اتهامهم لها بتعريض حياتهم للخطر.
لاحقا دلفت كاميرا "الأخبار إنفو" في وقت متأخر من الليل إلى داخل قيادة الطيران العسكري، ووثقت واقع ورشات الصيانة، ووضعيتها البدائية، وواصلت سيرها نهارا إلى مديرية الاتصال في الجيش لأخذ رأيه، فكان رأيهم أن قيادة الجيش لا "تريد الحديث عن الموضوع، ولا تحبذ نشره".
خرجت الأخبار بتحقيقها، والذي حوى تفاصيل سقوط 4 طائرات من الأسطول العسكري الموريتاني، والذي لا يتجاوز عدد طيارته حينها 12 طائرة، سقطت لاحقا اثنتين منها في حوادث متفرقة داخل البلاد.
في سراديب "الموساد" في نواكشوط
تحقيق آخر عن الجهة التي تقف خلف تمزيق المصحف الشريف في العاصمة انواكشوط مارس 2014، قاد صحيفة "الأخبار إنفو" إلى اقتحام سراديب الاستخبارات الإسرائيلية في انواكشوط، وتتبع اجتماعاتها، وخصوصا الاجتماع الحاسم في حي فقير بضاحية العاصمة انواكشوط.
تتبع خيوط العملية المعقدة، والتي جاءت للتغطية على زيارة شخصية بارزة لا نواكشوط، وقادت الأخبار إلى سراديب هذه الشبكات، كما التقت بعض الأفراد الذي حضروا الاجتماع، إضافة لمعطيات تتعلق بالتحقيق، والأوامر الرسمية الصادرة بتوقيفه في مرحلة معينة قبل استكمال تفاصيل القصة.
لم يمكن السير في سراديب الموساد في أزقة الأحياء الفقيرة في انواكشوط بالآمن، كما لم يكن التعاطي مع بعض المتورطين في عملية تمزيق المصحف بالنزهة، لكن مطاردة الحقيقة عبر خيطها المتسلل من براثن هذه الشبكات قاد لذلك ليأتي التحقيق في النهاية بتفاصيل كانت آخر من ما يتوقعه من يتتبع الرواية التي تم تداولها لأول مرة عن الحادث الذي هز موريتانيا.
غول المخدرات
حلقات من تحقيق واحد عن شبكات المخدرات في موريتانيا وعن تورط شخصيات موريتانيا بارزة فيها، تطلبت من طاقم الأخبار التعاطي مع شخصيات أجنبية، عبر وسائط اتصال متعددة، من بنيها رسائل إلكترونية كانت الجهات التي تقف خلفها تقدم أدلة إثبات عن أحداث ستقع في البلاد قبل وقوعها، من بينها رسالة عن وصول قائد أركان جيش غينيا بيساو، وعن مسار رحلته في موريتانيا من انواكشوط إلى انواذيبو، وعن وساطة يقوم بها في شبكة مخدرات في سجون موريتانيا يقودها فرنسي، أفرج لاحقا عنها وعنه بموجب عفو رئاسي.
الإحاطة بتفاصيل شبكات المخدرات تتطلب مراجعة للعديد من الملفات الأمنية والقضائية، وإلقاء نظرة فاحصة على مسيرة شخصيات بارزة من بينها دبلوماسي موريتاني صحراوي أسباني، له علاقات واسعة في غينيا بيساو، وله اليوم نشاطات تجارية عملاقة في موريتانيا من بينها تمثيل الشركة الأسبانية التي تتولى بناء برج اسنيم في ساحة ابلوكات سابقا.
التقرب أكثر من تفاصيل حياة هذه الشخصية قاد إلى مراجعة أرشيف مجلس الوزراء الأسباني حيث سبق وأن منح الجنسية الأسبانية تقديرا لجهودها في خدمة الجالية الأسبانية في غينيا بيساو، وعين قنصلا في غينيا، قبل أن يقال منها بسبب نشاطه الذي تشوبه الشوائب بناء على معطيات حصلت الاستخبارات الأسبانية.
لدخول عالم شبكات المخدرات مخاطره، وللتعاطي مع أشباحها قواعده، وهو ما تتطلب عدة أسابيع من المتابعة والاتصالات والفحص والتنقيب قبل أن تتضح الخيوط، وتتكشف العلاقات بعيد رحيل قائد إحدى أكبر شبكات المخدرات موريتانيا بقليل إلى السنغال، ومنها إلى إحدى محميات شبكاته الكثيرة في القارة السمراء.
قناص الوزير الأول
التحقيق الذي رصد أنشطة من يوصف بنقاص الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الأغظف، والذي كان ينشط في تسويق رخص التنقيب ورخص الأنشطة التجارية المختلفة في الخارج، ويقنع أصحابها بالاستثمار في موريتانيا، ويتكلف بإجراءاتهم مقابل عمولة له ولوكيله، ودخول آخرين على خط التنافس معه، كان أيضا أحد التحقيقات التي أخذت الكثير من الجهد والوقت للطاقم، خصوصا في ظل حرص أطرافه على البعد على الأضواء، والقيام بأنشطتهم في جو من التعتيم المطبق.
لقاءات في فنادق بانواكشوط، واقتناء وثائق حول مشاريع معروضة على رجال أعمال أجانب، والتأكد من لقاءات لبعض المستقدمين من طرف القناصة مع عدد من أعضاء الحكومة خارج أوقات الدوام الرسمي، إضافة لإقناع بعض الفاعلين في مجال "القنص الاستثماري" لتقديم معلومات عن الأطراف الأخرى، هي الخطوات التي كان على طاقم الأخبار إنفو أن يقدم عليها بحذر وحنكة، ونباهة ترصد كل التفاصيل.
أحد الفاعلين في مجال القنص، استأذن في اجتماع مع طاقم الأخبار بأحد فنادق العاصمة بطرح أسئلة يرى أن الصراحة فيها ضرورية، كانت أسئلته:
– هل أنتم من المخابرات؟
– هل لكم قرابة بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز؟
– ما سر قوتكم هذه وثقة الجميع فيكم؟
وعلق على أسئلته بأنه حين تعرض للمضايقة من قناص آخر، كانت نصيحة الجميع له بأن يقدم تفاصيل العملية لـ"الأخبار إنفو" لأنه لا يمكن أن ينشرها بكل تفاصيلها – بعد التأكد منها – إلا هي، مجددا التساؤل عن سر هذه الجرأة، ودافع هذا القدرة على التعاطي مع ملفات حساسة.
مقابلة تحت الرشاشات
أخذت المقابلات حوالي 20 عددا من الأعداد التسعة والتسعين الماضية، تحدث من خلالها شخصيات موريتانيا سياسية وعلمية، وأخرى إقليمية، ودبلوماسية لقراء الأخبار إنفو، وأخذت كلها فترة تحضير تطول أو تقصر حسب وقت الضيف، وطبيعة تعاطيه مع الإعلام، لكن إحدى مقابلات صحيفة الأخبار استدعت السير تحت الرشاشات وفي مجاهل الصحراء الكبرى للقاء شخصية ظلت بعيدة عن الإعلام، رغم أنه من أكثر الشخصيات التي يبحث الإعلام عن مقابلتها ويتسقط النتف التي ترشح عنها من حين لآخر، بسبب الضجيج – وحتى الخسائر – التي تحدثها تصرفاته في المنطقة من حين لآخر.
إنه القيادي الأبرز والأكثر إثارة في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلام سابقا، وبتنظيم "المرابطون" حاليا الجزائري المختار بلمختار. وكان مقابلته مع "الأخبار إنفو" أول مقابلة مباشرة مع وسيلة إعلام حول العالم، كما أنه آخر مقابلة له حتى الآن.
الرجل الذي تلهث خلفه مئات رجال الأمن العالميين والإقليميين، وتبحث وسائل الإعلام عن كل جديد عنه، تطلب لقاؤه السفر لأكثر من 2000 كلم، وإجراءات عشرات الاتصالات بشخصيات قيادة في تنظيمه، والبقاء في عمق الصحراء عدة أيام قبل أن تأتي الموافقة على المقابلة دون تحديد موعدها، مصحوبة بطلب البقاء على اتصال بأحد مرافقيه.
حوالي العاشرة تلقى الفريق اتصالا مقتضبا:
– أين أنتم؟
– في الفندق.
– الشيخ في طريقه إليكم.
وانقطع الاتصال.
بعدها بحوالي ربع ساعة انتشر 6 مسلحين بأسلحة رشاشة في بهو الفندق قبل أن يدلف بلمختار رفقة اثنين من كبار مرافقيه، وبقامته الأقرب إلى القصر، ويسلم، ثم يجلس على أريكة في استقبال الفندق، ويطلب التقدم بالسؤال الأول.
حاول بلمختار المحافظة على هدوئه، وأجاب أسئلة الأخبار، مع أن أحد الأسئلة عن مشروع البناء لدى القاعدة كاد يخرجه عن طور هدوئه.
كانت مقابلة تحت قعقعة السلاح، وعلى أبواب التدخل الفرنسي في الشمال المالي، وعبرها أرسل بلمختار آخر مبادراته لأنظمة المنطقة، وآخر تهديداته قبل أن تبتلعه الصحراء مع مئات المقاتلين المنتمين لعدة تنظيمات مسلحة كانت هي الحاكم المسيطرة في أزواد قرابة عام كامل.
عرض للشراء
أحد تحقيقات الأخبار تسرب عبر أحد المحررين إلى أحد الصحفيين، كان ذلك مساء الثلاثاء أثناء عمل المخرج على العدد، وبعيد نهاية الإخراج كان العدد – كالعادة – في طريقه إلى المطبعة.
بقدر قادر علم المسؤول الذي يتناول العدد ملفا يتعلق به بتفاصيل الملف، فلم يتردد بطاقم الأخبار إنفو، وقدم عرضا مغريا لشراء العدد بما فيه، وأبدى استعداده لدفع كل ما يطلب مقابل توقيف الموضوع.
صدر العدد في اليوم الموالي، ولم تتوقف محاولات المسؤول الحكومي، حيث تقدم بعرض آخر يطلب وقف الموضوع عند ذلك، وعدم مواصلة متابعة تفاصيل الملف، لكن بقية التحقيق وقفت في وجه تلبية طلب المسؤول الحكومي، وأفسدت عمل وسيطه الإعلامي.
ضحايا بعدد التحقيقات
كثيرة هي الفوائد والآثار الإيجابية التي تتركها تحقيقات الأخبار إنفو الأسبوعية في الحياة العامة في موريتانيا، وخصوصا حين يتعلق الأمر بكشف تفاصيل غامضة، أو توضيح خفايا ملف مثير، أو وقف خطر محدق، وهي إيجابيات بدت ملموسة في الكثير من هذه الملفات، لكن هذه الإيجابيات لا تغطي سلبيات لعل من أكثرها إثارة للقلق بالنسبة للطاقم هم الضحايا البرآء الذين كانوا يسقطون تباعا مع كل تحقيق، لأسباب يتعلق أكثرها بتصفية حسابات من طرف رؤسائهم في العمل، أو من جهات نافذة لا تريد لكشف أساليبها أن يمر دون رد فعل.
أفراد في الجيش الموريتاني، تجار، رجال أعمال، تجار أدوية، موظفون صغار، رجال أمن، مهندسون، تقنيون، كانوا ضحية لكشف الأخبار لتفاصيل كان يراد لها أن لا تنشر، وأن تبقى بعيدة عن التداول الإعلامي، لكن طاقم الأخبار بأساليبه الإعلامية، وطرقه المهنية نجح في وضع أمام قرائه، وكشف غوامض الملفات فلم يبق للمسؤولين إلا البحث عن ضحايا فكان هؤلاء هو الضحايا.
وهي مناسبة للتأكيد على أن أغلب من تم استهدافهم جراء تحقيقات الأخبار إنفو كانوا أبرياء، ولا علاقة لهم من قريب ولا بعيد بكشف تلك المعطيات، أو منح تلك المعلومات، واستهدافهم كان شططا إداريا، وتعسفا في استعمال السلطة، لا يسنده واقع، ولا تعضده معطيات.
ومع أن العديد من حالات الاستهداف تم نشرها وتداولها إعلاميا، إلا أن العديد تم في صمت وبعيدا عن الإعلام، وتحمل ضحاياه وزر أمر لا علاقة له بهم، وأخذوا بجريرة هم برآء.
ولا يمكن مغادرة ملف الضحايا دون التوقف مع أحد حروفه الأبجدية كان طيلة هذه التحقيقات هو الصحية الأبرز فيها، وهو حرف "الضاد"، حيث فقد موقعه في أكثر من مكان لصالح جاره في النطق حرف "الدال"، وكان الأمر محل تندر، وملاحظة من العديد من القراء والمشتركين، وهي مناسبة لتقديم الاعتذار عن ما لحقه، والالتزام بتحاشي الموضوع في المائة عدد القادمة.
بعض عناوين التحقيقات
1. تتبع خيوط المخدرات
2. وضعية الطيران في الجيش الموريتاني
3. الأدوية المزورة: تجارة الموت
4. أراضي الرئيس
5. حكومات ولد الطايع وأين هم اليوم؟
6. سوداء المطار (صفقة مطار انواكشوط)
7. مجالس الإدارة: إقطاعيات المتقاعدين
8. مأزق الديون الخارجية الموريتانية
9. شبكة سماسرة الوزير الأول ولد محمد الأغظف.
10. فك خيوط عملية تمزيق المصحف.
11. حصيلة عمل 100 يوم من حكومة ولد حدمين.
12. طرق ولد عبد العزيز: المشاريع التي لم تكتمل
13. الحوار السياسي: فرص النجاح ومخاطر الفشل.
14. الجلسات السرية للحوار السياسي.
15. أحزاب سياسية اكتفت بمؤتمر واحد.
16. مسائلة وعود الرئيس بعد نهاية مأموريته الأولى؟
17. مدير الأمن السياسي متهم سابق في ملفات مخدرات.
بعض الشخصيات التي قابلتها الأخبار:
1- الرئيس الموريتاني الأسبق اعل ولد محمد فال.
2- رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي.
3- نائب رئيس الحكومة المغربية الراحل عبد الله باها.
4- وزير الخارجية المالي الذهبي ولد سيد محمد.
5- رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
6- رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود.
7- مسوؤل العلاقات الخارجية في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أسامة حمدان.
8- رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" محمد جميل ولد منصور.
9- القيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ومدير السياسات في مكتبه التنفيذي حينها ومدير حملته النيابية محمد محمود ولد جعفر.
10- الأمين العام لمؤسسة المعارضة، والأمين العام لحزب الوئام الديمقراطي إدومو ولد عبدي ولد الجيد.
11- الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، والقيادي في حزب "المستقبل" الساموري ولد بي.
12- القيادي في حركة "المرابطون" والمؤسس في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب مختار بلمختار، وكان أول مقابلة إعلامية مباشرة له.
13- سفير الولايات المتحدة الأمريكية في انواكشوط آندري لاري.
14- سفير فرنسا في انواكشوط سابقا هرفيه بيزانسنو.
15- القيادي الشيعي ونائب رئيس المؤسسة الإسلامية الاجتماعية في السنغال الشيخ محمد قانصو، وذلك بعد زيارة له لانواكشوط.
16- الخبير الدستوري محمد الأمين ولد داهي.
نقلا عن صحيفة الأخبار إنفو
 
             
             
             
         
       
           
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    