تخطى الى المحتوى

متى سيتم شراء الدولة للنفايات كحل لنظافة نواكشوط؟

جدول المحتويات

تمزج المدرسة السلوكية في الاقتصاد بين علم النفس والاقتصاد لفهم سلوكيات الأفراد عند اتخاذ القرارات الاقتصادية، وبذلك يختلف الاقتصاد السلوكي عن الاقتصاد التقليدي، ويشير خبراء السلوك الاقتصادي إلى أنك لست بحاجة إلى توعية الناس بسلوكياتهم الخاطئة لكى تغير هذه التصرفات، وإنما بتطبيقك لعوامل التحفيز المختلفة ــ والتي تعمل بشكل فوري ــ ستضمن حتما مساعدة المجتمع في الانتقال من مفاهيم خاطئة تتعلق بسلوكه مثل تعديل النمط الاستهلاكي وترشيد استخدام المياه والكهرباء وهدر الغذاء ورمي القمامة بالطرقات، واستعمال الشوارع أماكن لقضاء الحاجة، إضافة إلى دفع العاطلين عن العمل والفقراء في هذا المجتمع من خلال هذا التحفيز للاندماج باختيارهم في الإنتاجية والاستقلالية المالية والاقتصادية.

 

ومن الطبيعي والمألوف أنه بتكاتف جهود المواطنين في كل شعوب الأرض في فرز النفايات والالتزام بقواعد التخلص منها، واستخدام البلديات للتكنولوجيا الحديثة والحلول المبتكرة في إدارة النفايات، مثل إعادة التدوير والتحويل إلى سماد، لتحقيق بيئة حضرية نظيفة ومستدامة يضمن العالم بأسره امتلاك عواصم وشوارع وساحات نظيفة وعصرية بأقل التكاليف.

 

لكننا في موريتانيا يستطيع الزائر وصفنا حقيقة بأننا شعب استثنائي ودولة استثنائية بكل المقاييس، إذ لم نستفد من تجارب الغير في الدول الاخرى، ولا حتى من تجارب شعوب كانت ثقافة الغاب هي موروثها الثقافي؟ ولم نقلد أي أمة من أمم الأرض في البناء والتعمير، وإنما أصبحنا نشازا بين أمم وشعوب الأرض.

 

وقد بينت التجارب والحقائق غياب دور البلديات في القضاء على النفايات المنتشرة في شوارع نواكشوط وأسواقها ودوائرها العامة والخاصة، وبات مؤكدا عندنا فى موريتانيا أن المواطن الموريتاني لا يلعب الدور المطلوب في المحافظة على نظافة المناطق المحيطة به ولا يلتزم بنظافة منطقته السكنية ولا مكان العمل أو المنشأة التي يعمل بها، وبعيد كل البعد عن الالتزام بضوابط استخدام الحاويات، ويتساوى في هذا السلوك غير السوي الجميع على اختلاف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وإن وجد استثناء لهذه القاعدة فسيتنبه – هذا المواطن – لضرورة النظافة متأخرا، وسيعمد في ذلك الإجراء إلى تـأجير عربات متهالكة تجرها الحمير، ويسوس أغلبها أطفال قاصرون لا يلتزمون بوضع تلك النفايات في الحاويات المخصصة لها أصلا، مما يتسبب في الأذى للغير متخلصين منها بسرعة فائقة، وذلك بالإلقاء العشوائي لها في المدينة، حتى يتفرغوا لغيرها والتخلص منها بنفس الطريقة، مقابل مبالغ مالية زهيدة ومتسببين في توزيع تلك النفايات عشوائيا في الطرقات، بعد أن كانت مكدسة في أمكنة محددة، مما سيكون حجر عثرة أمام الشركة المغربية “ARMA HOLDING“، والتي فازت مؤخرا بعقد قيمته 7.06 مليار أوقية وقد زينت مركباتها بشعارها الجميل “مع آرما نواكشوط تتألق”.

 

فهل ستنجح الشركة المغربية في تجسيد شعارها الجميل كحقيقة؟ أم أننا بعد مرور عام  سنجيب على عنوان هذا المقال بتحديد سعر الكيلوغرام من النفايات والاستفادة من تأثير الاقتصاد السلوكي على سياسات التخلص منها في نواكشوط من خلال فهم دوافع الأفراد وسلوكياتهم، ليشمل ذلك تحفيز المشاركة المجتمعية في الفرز وإعادة التدوير عبر تسهيل العملية وجعلها جذابة، وتقديم مكافآت وحوافز مالية للأفراد الذين يفصلون نفاياتهم بشكل صحيح، مما يجعل مشاركتهم أكثر جاذبية من منظور اقتصادي، على أن تتفرغ البلديات في نواكشوط لتوفير المركبات والحاويات والموازين عند نقاط محددة وتحديد الوقت والشروط اللازمة لاستقبال كميات النفايات بعد جمعها من طرف المواطنين العاطلين عن العمل، وحفظها في أكياس خاصة توفرها البلديات حتى يتمكنوا من الحصول على قيمة التعويض، وبهذه الطريقة نضمن محافظة الجميع على نفاياته المنزلية والتجارية – أو بيعها لمن يرغب في شرائها – بدل رميها عشوائيا حرصا على هذا التعويض مهما كانت قيمته.

 

وبهذه الفكرة البسيطة ومن خلال هذا التحفيز نضمن نظافة نواكشوط ونساهم في تقليص البطالة بخلق فرص عمل كثيرة لمن يختارها بدون واسطة أو محسوبية.

 

الأحدث