جدول المحتويات
ويعتبر الإمام أحمدو ولد لمرابط ولد حبيب الرحمن أحد كبار ملاّك العبيد وكبار ملاك الضيعات التي يكدح بها عشرات أسر العبيد في جنوب نواكشوط، خاصة في حيّيْ عماره وهبيره بمركز لكصيبه2 في مقاطعة اركيز بولاية الترارزه. إنه أيضا المفتي المأذون والرسمي للجمهورية الاسلامية الموريتانية المروّجة والراعية للشريعة الاسترقاقية، وهو إلى جانب ذلك مدافع شرس عن فرامين المتاجرة بالرق التي أحرقتها إيرا إراديا ورمزيا يوم 27 ابريل 2012 في نواكشوط.
ويسعى ولد حبيب الرحمن إلى السيطرة على الناس من خلال التضييق عليهم وبث روح الغلو فيهم. نظرياته الظلامية، احتقاره للنساء، بغضه المعروف للأجانب، عنصريته المقنـّـعة بالتزمت، وإخلاصه المستميت للدكتاتورية العسكرية، أمور تخوله القيام بأعمال شائنة. هذا الرجل ظل أبدا واقفا إلى جانب الأقوياء ضد الضعفاء دون أن ينسى استغلال المصداقية، التي تحصّل عليها باسم رب الملكوت، ليزداد ثراءً بتقربه من الطغاة.
خلال ما حدث في ابريل 2012، أصدر "المفتي الكبير للديار الموريتانية"، كما تدعوه الصحافة الرسمية، فتوى تـُـخرج بيرام ولد الداه ولد اعبيد والمناضلين الانعتاقيين من ملة الإسلام. فحسب رأيه فإن الشريعة تأمر بقتل هؤلاء الأشخاص الذين أجرموا بتشكيكهم، الجريء، في واحد من أركان الدين: ألا وهو الرق. وهكذا حوّل مفتينا أقواله إلى أفعال بتنظيمه مسيرات حاقدة في شوارع نواكشوط مع مئات مريديه انطلاقا من مسجده وحتى شبابيك القصر الرئاسي. وطالب المشاركون في هذه المسيرات، من خلال شعاراتهم ولافتاتهم، بتطبيق حكم الإعدام في حق زعيم وأعضاء المبادرة النعتاقية. واستقبل رئيس الدولة، محمد ولد عبد العزيز، هذه المسيرات بتعهدات علنية بتنفيذ الإعدام في بيرام ولد الداه وصَحـْــبــِــه. وبعد أشهر من الاعتقال تمت تبرئة الموقوفين من قبل العدالة. إلا أن الكثيرين من رجال السياسة وأعيان المجتمع العربي البربري، من كل أطيافه، وخاصة من يزعمون أنهم "علماء"، أمثال المفتي الإمام الراتب لساكنة نواكشوط، يواصلون تذكير رئيس الدولة بتعهده الذي أخلف.
وهكذا تتواصل الخطبُ الوعظية والبيانات ضغطــَــها المستمر على الدولة والمواطنين بغية قتل "الآثمين": أعضاء إيرا وزعيمهم. فكلما كسبت إيرا أو كسب بيرام ولد الداه ولد اعبيد معركة ضد النظام الاستعبادي والعنصري في موريتانيا، داخل البلاد أو خارجها، تستيقظ عـُـصبة أقصى اليمين المحافظ وترصّ صفوفها محاولة إثارة دعوات صريحة للقتل الإرهابي.
الشرارة
في يوم الخميس 23 اكتوبر 2014، عقد بيرام ولد الداه ولد اعبيد مؤتمرا صحفيا في نواكشوط بث خلاله بيانا لمنتخبي وروابط حقوقية بمدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية ضد ديمومة الرق في موريتانيا وتواطؤ السلطات التي تسن وتصادق على آليات تحمي الكرامة والحرية بالرغم من أنها تضطهد المناضلين الانعتاقيين.
وكرد على نداء مدينة شيكاغو، ولكي الهادف الى زيادة وتيرة شراسة المجتمع الدولي ضد حالة اللاعقاب التي تعرفها هذه الجريمة العنصرية في موريتانيا، وجّـه المفتي ولد حبيب الرحمن تعليماته، في خطبة الجمعة 24 اكتوبر، ضد إيرا وبيرام ولد الداه ولد اعبيد، واصفا إياهما بالآثمين، المرتدين، اليهود، العاملين لصالح الصهيونية، وأعداء الاسلام والمسلمين. كما اتهم المبادرة الانعتاقية وزعيمها بمحاولة جر البلاد إلى التشرذم والفتنة. فدعا الدولة الموريتانية ورئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إلى الذود عن الاسلام ضد أعدائه. كما طالب السلطات العمومية بتطبيق سياسية أشد قساوة ضد إيرا وأعضائها الذين يصفهم بأنهم الطابور الخامس لليهود وللمعصية البواح في موريتانيا.
كان من بين المصلين يوم الجمعة المذكور، إبراهيم ولد جدو: الإمام والمناضل الكبير في إيرا، فاندفع، بعد انتهاء الخطبة، صارخا في وجه المفتي: "لقد كذبت، فالشبح الفظيع أنت، وأنت الآثم، وأنت الاسترقاقي، المجرم، فلا رئيس إيرا ولا أعضاؤها كانوا، ولا سيكونون كذلك".
على الفور، أمر المفتي مريديه المحيطين به، من العنصر العربي البربري في عمومهم، بأن يهاجموا مفندَّه ويـُـعزروه. فاندفعوا نحو المناضل ليسلقوه، فاعترضهم المصلون الحراطين الذين دافعوا عنه باستماتة.. تبع ذلك شجار، ومن ثم معركة طاحنة بين المجموعتين داخل المسجد، مما استدعى تدخل الشرطة بأعداد كبيرة لتـُـخـْـلي الساحة وتفرض النظام.
الرهان
في ذات المساء، جاءت عناصر من إدارة أمن الدولة فأوقفت ثلاثة من أعضاء إيرا داخل منازلهم بالعاصمة: يتعلق الأمر بإبراهيم ولد جدو، مفند المفتي، وعلي صو الناشط النشط الشجاع الذي يخضع في أغلب الأحيان لمتابعة لصيقة من مصالح الأمن، وسالم فال أحد مناضلي الخلايا الفرعية.
كلهم موقوفون منذ 24 اكتوبر داخل زنزانات مفوضية شرطة تفرغ زينه بالعاصمة نواكشوط حيث يتلقون مساءلات عن علاقات إيرا بالمنظمات غير الحكومية والطبقة السياسية الآفرو-أمريكية، وحتى حول مزاعم بمحاولات إيرا القيام بأعمال عصيان مدني واسع النطاق في موريتانيا.
واليوم، 25 اكتوبر 2014، يتعرض مناضلو إيرا، المعتصمون سلميا أمام مفوضية الشرطة، حيث يقبع رفاقهم، للضرب المبرح بالعصي ومسيلات الدموع. وقد جرح العديد منهم وأغمي عليهم تحت تأثير الغازات، فيما تم توقيف مناضليْن آخريْن هما بابه اتراوري ويعقوب ولد إنلل مما أوصل عدد الانعتاقيين الموقوفين إلى خمسة، بيد أن المفتي، مثير الشغب، وميليشياته العنصرية، يظلون فوق القانون.
إيرا والحالة هذه:
– تحث كل مناضليها والمتعاطفين معها في موريتانيا وخارجها إلى التراص لمساندة الذابّـين عن حوزة حرية التعبير: إبراهيم ولد جدو والموقوفين معه،
– تطلب من الشركاء الاستراتيجيين لموريتانيا أن يتصرفوا، قبل فوات الأوان، للحيلولة دون العنف الطائفي أو انجراف البلد إلى أيدي أنصار الغلو الديني والعنصرية الجلية وعدم التسامح. فحماية سود موريتانيا والدفاع عنهم يشكلان أقوى جدار أمام البوكوحرامية المتوغلة في جسم المجتمع والدولة الموريتانيين.
– طالب السلطات الموريتانية بردع أبواق البذاءات مثل ولد حبيب الرحمان وهم الذين يستخدمون المساجد للتحريض عبر خطب الكراهية والحث على قتل المدافعين عن الحقوق الأساسية للبشر.
إن أحداثا من هذا القبيل تحمل في طياتها مؤشرات نشر نمط بوكو حرام والدولة الاسلامية الداعشية في إقليمنا: ذيْــنك التنظيمين الذين يزرعان الخراب والهمجية في الشرق الأوسط ويوسّعان نفوذهما ليشمل إفريقيا. والحقيقة أن ولد حبيب الرحمن ومريدوه يشكلون الفيلق المنذر بمقدم هؤلاء إلى الأراضي الموريتانية.
بيرام ولد الداه ولد اعبيد
دكار-25 اكتوبر 2014