جدول المحتويات
وتسارع الإدارات الحكومية من أجل توفير المياه والكهرباء فضلا عن بناء مساكن وتجهيز قطع أرضية سيتم الاحتفاظ ببعضها، وتخصص جزء منها للأغراض التجارية فيما سيتم تخصص نسبة 50% منها للبيع.
ومن المؤسسات التي دخلت عمليا في إيجاد خدمات في المدينة شركة إسكان المتخصصة في مجال إنجاز المباني واستصلاح الأراضي – ووكالة النفاذ الشامل العاملة في مجال توفير الخدمات الأساسية خصوصا المياه في المناطق الريفية، إضافة لعدة مؤسسات أخرى.
تفاخر بالاهتمام الحكومي
الثلاثين من شهر أغسطس الماضي عرفت انعقاد اجتماع حاسم لعدد من منتخبي المنطقة وأطرها، أجمعوا خلاله على ما وصفوه "بأهمية المنطقة"، كما تفاخروا "بالاهتمام الحكومي الذي تحظى به".
الاجتماع التي تم برعاية رسمية من بلدية المدينة خصص لإطلاق حملة دعاية لإعمار المنطقة، كما عرف مطالبة رسمية بتحويل بنشاب إلى مقاطعة بدل مركز إداري.
وخلال الاجتماع تحدث نائب مقاطعة أكجوجت محمد الإمام ولد ابنه مثنيا على جهود المجتمعين في النهوض بالمنطقة، ومؤكدا أن عصرنة المدينة وإخراجها من عزلتها يدخل في صميم سياسة الحكومة الموريتانية، داعيا الأطر إلى العمل على تحويل المركز إلى مقاطعة في أسرع وقت، وتوفير كل الخدمات الأساسية فيه.
شيخ مقاطعة أكجوجت الشيخ ولد سيديا تحدث في مداخلته في الاجتماع عما وصفه "بالاهتمام الخاص" للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بمنطقة بنشاب خصوصا وولاية إنشيري عموما، شاكرا للمجتمعين سعيهم لتغيير واقع المنطقة والنهوض بها وتوفير كل الضروريات لساكنتها.
مواكبة إدارية
السلطات الإدارية في بنشاب واكبت حراك الأطر والمنتخبين بإجراءات تم اتخاذها على مستوى القطع الأرضية، حيث تم تخصص نسبة 20% من الأراضي لأغراض تجارية، بينما تم توزيع نسبة 30% على السكان المحليين، أما الـ50% المتبقية فتقرر أن يتم بيعها.
وتولت الإدارة الإقليمية في المركز الإداري الإشراف على العمليات المتعلقة بالأراضي سواء تلك التي تقرر تخصيصها للأغراض التجارية، أو الموزعة على السكان المحليين، وكذا التي تقرر بيعها في مزاد علني.
توسيع للمركز
الحكومة الموريتانية ساهمت هي الأخرى في الجهود الرامية إلى منح مركز بنشاب الإداري وضعا استثنائيا وذلك من خلال توسيع دائرته الترابية، حيث تم توسيعه ومنحه منفذا إلى شاطئ المحيط الأطلسي.
كما اتخذت الحكومة إجراءات على مستوى الإدارات المعنية بالخدمات بتوجيهها إلى المدينة من أجل توفير الخدمات فيها خلال أشهر قليلة إلى مقاطعة ستكون هي المقاطعة الثانية في ولاية إنشيري ذات الكثافة السكانية المحدودة.
زيارات ولد جعفر
المدير العام لشركة "إسكان" محمد محمود ولد جعفر قام بعدة زيارة لمنطقة بنشاب، حيث تركز اهتمامه على المجالات التي يمكن أن تساهم شركته العمومية فيها، وتحديدا في مجال إنجاز المساكن والإنشاءات الكفيلة بإقناع السكان بالإقامة في المنطقة.
وقد بدأت شركة إسكان – عمليا – في إنشاء مدينة جديدة في بنشاب – على غرار المدينة التي تم إنجازها في الشامي – وبلغت مساحة المدينة الجديدة مليوتي متر مربع، وتضم الإنشاءات سوقا تجارية ومباني إدارية وأمنية وعسكرية إضافة لمسجد جامع.
ولد جعفر قال خلال كلمة ألقاها بمناسبة وضع حجر أساس مدينة بنشاب الجديدة، إن الشركة التي يتولى إدارتها ستساهم بكل ما تملك من جهود في تطوير المدينة والدفع باتجاه ازدهارها.
وفضلا عن شركة إسكان عملت وكالة النفاذ الشامل على إنشاء شبكة مياه جديدة، انطلقت في المرحلة الأولى بأربعمائة اشتراك، ووصلت قيمة المشروع إلى قرابة مائة وخمسين مليون أوقية.
وكان للاهتمام الحكومي والرقابة الأهلية في المدينة دورها في تسريع وتيرة الأعمال الميدانية، حيث أنجزت الهيئات الحكومية أعمالها في بنشاب في أوقات قياسية خصوصا شبكة المياه، والمباني الإدارية.
وإضافة للمباني التي عملت على إنجازها شركة إسكان، والمياه التي عملت عليها وكالة النفاذ الشامل، صادق مجلس الوزراء في موريتانيا خلال أحد اجتماعاته الأخيرة على كهربة المدن الموجودة في منطقة بنشاب، وخصص لذلك مبلغا ماليا وصل ثلاث مليارات أوقية.
الاختيار الغامض
وتكتسي السياسية الحكومية في مجال التقسيم الإداري غموضا في أسباب الاختيار وفي مبررات تغيير رتب المناطق الإدارية، إضافة للتمييز الواضح بين المقاطعات التي أعلن عنها حتى الآن في مجال توفير الخدمات الأساسية وفك العزلة عن سكانتها.
وأعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله إلى الحكومة عن أربعة تجمعات سكانية، حول اثنان منهما إلى مقاطعات هما انبيكت الأحواش بالحوض الشرقي، والشامي بمقاطعة انواذيبو، فيما بقيت تجمع ترمسة في الحوض الغربي، وبورات بالبراكنه في وضع إداري أقل قيمة.
فقد منحت الحكومة مقاطعة الشامي بولاية انواذيبو اهتماما خاصا، ووفرت فيها الخدمات الأساسية، كما أقامت فيها مباني وعمارات تم بيعها بأسعار مخفضة، إضافة لإنجاز شركة إسكان للمباني الإدارية والأمنية في المدينة، أما انبيكت الأحواش فاقتصر الأمر فيها على المباني الإدارية، وهو ما أدى لعزوف السكان الرحل عن الإقامة فيها.
ولم تخضع القرارات الحكومية ذات العلاقة بالتقسيم الإداري بنسق واحد، حيث أعلنت مقاطعات بعدد من السكان محدود، فيما بقيت مراكز إدارة وبلديات بنفس الرتبة رغم أن عدد سكانها يصل أضعاف سكان المراكز أو البلديات التي حولت إلى مقاطعات.
ويقارب عدد المراكز الإدارية في موريتانيا 30 مركزا إداريا، ويصنف المركز الإداري في رتبة أعلى من البلدية، وأخفض من المقاطعة، ويتولى إدارتها رئيس مركز إداري تابع لحاكم المقاطعة التي يتبع لها المركز.
وقد استفادت بنشاب من تحويلها إلى مقاطعة بزيادة مساحتها الترابية، ومنحها منفذا شاطئيا على المحيط الأطلسي، وهو ما حولها إلى مقاطعة حدودية، وهي ذات كثافة سكانية محدودة.
ولم يتجاوز عدد سكان مركز بنشاب الإداري 5096 نسمة، وذلك بناء على المعطيات الرسمية لآخر إحصاء للسكان والمساكن، وهو الإحصاء الذي أجري في النصف الأول من العام 2013، ونشرت نتائجه على الموقع الإلكتروني للمكتب الوطني للإحصاء، وتعتبر هذه النسبة هي الأقل بين كل المراكز الإدارية.
وتبرز مقارنة المراكز الإدارية حجم الغبن بينها في قرارات التقسيم الإداري، ففي حين لا يتجاوز سكان بنشاب الخمسة آلاف إلا بقليل، يبلغ عدد سكان مركز عدل بكرو حوالي 50 ألف نسمة، وسكان بوصطيله أكثر من 20 ألف نسمة، وسكان مركز مال الإداري أكثر من 33 ألفا.
كما يفوق عدد سكان مركز اطويل الإداري 14 ألفا، ومركز عين فربة 11 ألفا، ومركز لكصيبة 12 ألفا.
مقاطعات "الناخبين" الرحل
مقارنة سكان منطقة بنشاب مع ناخبيها تعكس حجم "ترحيل" الناخبين إلى المنطقة خلال الاستحقاقات الأخيرة، حيث حصلت زيادة معتبرة في السكان، لكنها كانت نتيجة ترحيل، وليس زيادة طبيعية للكسان، وهو الحال ذاته في مقاطعة الشامي حديثة النشأة والواقعة في المنطقة ذاتها.
ويثير تفوق الناخبين على السكان تساؤلات حول حجم "الترحيل" الذي عرفته المنطقة، حيث إن امتلاك حق الانتخاب مقصور على البالغين 18 سنة فأكثر من السكان، في حين أن جل سكان البلاد هم من الفئات العمرية الشابة وما دونها.
ويأتي ترحيل الناخبين هذا على غرار ما وقع في مقاطعة الشامي، والتي تحذو بنشاب حذوها بخطوات ثابتة، وذلك بتحويلها إلى مقاطعات ذات خدمات ومساكن، لكن من دون سكان ثابتين باستثناء المواسم الانتخابية.
اختلالات التمثيل
ويأتي التحضير لإعلان مقاطعة بنشاب بولاية إنشيري ليزيد من اختلالات التمثيل الانتخابي بين ولايات موريتانيا ومقاطعاتها، حيث ستصبح ولاية إنشيري في حال حصول بنشاب على نائب برلماني المتربعة على عرش الولاية الأكثر تمثيلا في البرلمانن حيث سيمثل كل 9 ساكن تقريبا منها بنائب في البرلمان، في يمثل النائب في المناطق الجنوبية والشرقية قرابة 20 ألف ساكن.
وتمثل ولاية إنشيري حاليا بنائب واحد هو محمد الإمام ولد ابنه – مسؤول شباب الحزب الحاكم سابقا – في لا يتجاوز عدد سكانها 19 ألف نسمة إلا بقليل.
ويأتي تقرير تحويل بنشاب الشمالية إلى مقاطعة، وتمثيلها برلمانيا، بعد أن أظهر التعداد السكاني تهميش مواطني الولايات الجنوبية بموريتانيا من التمثيل البرلماني، حيث إن عدد نواب كيدماغا – مثلا – في البرلمان الموريتاني لا يتجاوز ستة نواب، في حين أن تعداد سكانها يتجاوز ساكنتها ربع المليون.
ويمثل الشمال الموريتاني بعمومه النسبة الأفضل في تمثيل البرلمان، وتتصدره ولاية آدرار، فولاية تيرس الزمور، لتكون مقاطعة إينشيري في التمثيل الحالي هي رابعة الولايات من حيث التمثيل البرلماني، ومن المنتظر أن تتقدم رتبتها في التمثيل إذا تقرر فعليا تحويل بنشاب إلى مقاطعة، وتمثيلها بنائب في البرلمان الموريتاني.
ويواجه التقطيع الإداري الموريتاني كثيرا من الانتقادات، فلم يكن مراعيا للساكنة، ولا المساحات الجغرافي، ولم تتحدث أي من الحكومات الموريتانية المتعاقبة عن إصلاحها، كما لم تظهر بوادر لتعديلات فيه قبل الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز الذي زاد المقاطعات منذ وصول سدة الحكم باثنتين، هما امبيكت لحواش، والشامي، فيما يجري التحضير لإعلان مقاطعة جديدة هي بنشاب.
ورغم أن امبيكت لحواش أنشئت على أنقاض منطقة توصف بأنها موطن عصابات التهريب، فإن مشئاتها الإدارية والأمنية ظلت على ما هي عليه منذ إنشائها، كما أنها لم تعرف تهجيرا كبيرا للناخبين إليها، وإن كان ضعف الخدمات الأساسية فيها أثر على جذبها للسكان، وهي الخدمات التي توفيرها في الشامي، ويجري التحضير لتوفيها في بنشاب قبل إعلانها مقاطعة من أجل جذب المواطنين للإقامة فيها وإقامة مساكن وعمارات لإيوائهم.