جدول المحتويات
وضوء سيارة بعيد قرب "الكاوية" بين "تيشيت" و"تجكجة" يكسر رتابة الصمت في كوخ مريم، وسيارة "هيلكس" تتسلق هضبة "وادان" فتبدو أطلالها في الليل كحلم قديم، وفتية يلعبون "المرياص" في دكان يختبئ في أعماق "باسكنو"، و"ديفيلة" تشق طريقها من أعالي "لكصر" نحو سهول "تفرغ زينة"، ونفر يحملون نعشاً وبعض آلات الحفر ومصابيح يدوية يشقون طريقهم في مقبرة "بيكة"، وزورق صيد تقليدي تتقاذفه أمواج المحيط، وفتية يتبادلون كؤوس الشاي والقصص في بيت من الأسمنت في أطراف "المذرذرة"، ومعلم يحضر درسه في "سيلبابي"، وسائق أجرة يتفحص سيارته في "مونكل"، وعمال ينتظرون القطار في "شوم"، وباص للنقل ينحدر مع مدخل "لعيون"،!!
وفخامة الرئيس يرتدي "جلابية" بيضاء ويستمع لكوكب الشرق (هذه ليلتي)، وبائعة "الكسكس" يكاد رأسها ينحني من النعاس في انتظار الزبناء، وطلبة باكلوريا C يتشاورون في حل تمرين من "الديناميك" في بيت مبعثر في أعماق "سكوجيم" ويحلمون بالمستقبل، وعانس تحدق في "لماعين" وتقول لقد تأخر القطار وتحولت السنين إلى أزهار ذابلة!
مهما تكن اللحظة، كل واحد منا في عالمه الخاص لديه حكاية وأحلام، وهموم وأفراح، جميعنا ننتظر الغد ونخطط ونبني الأفكار، ويد القدر تحرك الأشياء من حولنا، لا ندرى كيف سيكون الصباح!
أنا الآن في "كيفه" والليل يخيم على البيوت والقمر ينازع الظلام سماء المدينة، وأنا أكتب هذه الكلمات لا أدرى لماذا أكتبها، هكذا وجدتها مثل الحياة مرمية في وجداني وفي وطن اسمه موريتانيا، جذوري تتقاسمها 4 قبائل، وثقافتي وجدتها مخبأة في عيون أمي والجيران، تقبلت بعضها وبعضها عافته نفسي، أحب هذا الوطن.. أحب الناس.. ولا أدرى هل سأدخل الجنة!!
لكن قلبي أظنه أبيض ولا يحمل في طياته الأحقاد والدسائس وعيوني لا تدقق في الألوان بقدر ما تدقق في الأفعال!!
الساعة تشير إلى منتصف الليل و 49 دقيقة تصبحون على خير.