جدول المحتويات
وأضاف ولد بي في مقابلة مع وكالة الأخبار، أن تأخر خطوات المنتدى نحو الحوار كانت بسبب انتظار تحقيق الإجماع، مشيرا إلى أن "قضية الإجماع أثقلت كاهل المنتدى رغم أنها خياره واستراتيجيته"، واصفا اشتراط الإجماع قبل اتخاذ القرارات في المنتدى بأنه يظل إيجابيا "في ظل قدرة القوى على الانسجام والتوافق".
واعتبر القيادي في المنتدى أن السعي نحو المصالح الضيقة لبعض مكونات المنتدى غير مقبول، موضحا أن "الناس صبروا الكثير، لكن في النهاية التيار القوي في المنتدى يتجه نحو الحوار ويريد الحوار".
وهذا نص المقابلة:
ـ الأخبار: البعض يقول إن البيانات الأخيرة التي أصدرتها حركة الحر تميزت بأنها كانت ردا على مواقف. هل هذا صحيح؟ وما الذي يدل عليه؟
ـ الساموري ولد بي: لا أعتقد أن الأمر كذلك، فحركة الحر حركة ذات مشروع سياسي كبير وشامل، ومن ضمنه بالطبع كنقطة بارزة قضية الرق ومكافحة الظلم التاريخي الذي تعرضت له مكونة الحراطين في بلادنا. وهذا معروف منذ إنشاء الحركة وقد تضمنته وثائقها وميثاقها وعملت بمنهجيتها واستراتيجيها السلمية لتحقيقه من خلال العمل السياسي الدؤوب المبني على التحسيس والمناهضة وعلى ما يمكن من التنسيق مع الفاعلين على الصعيد السياسي والاجتماعي والحقوقي سعيا إلى خلق فضاء وطني تشارك فيه قوى عديدة وتلتقي فيه جهود الكل من أجل موريتانيا يجد فيها الجميع مكانته اللائقة وتكون أيضا هي موريتانيا النظيفة حتى ننسى تماما الصفحات المشينة التي عرفناها ولا نزال نراها من خلال ممارسات لم تعد موجودة إلا نادرا في بعض الأماكن من العالم.
ونحن في حركة الحر لا نأخذ عن الآخرين فلنا مواقف نعبر عنها، والكل يعرف وقفاتنا أمام ممثلية الأمم المتحدة وأمام العدالة وغير ذلك من الأنشطة التي نقوم بها.
ولكن ما تقوم به أطراف أخرى بطريقتها لا يعنينا، وإنما ننجز ما يندرج في خططنا السياسية. وبالفعل تحصل قضايا تستدعي ردود فعل منها دعما لها أو نقضا لها فنعبر عن هذا الدعم أو النقض.
لكن لدينا طرحنا ولدينا مقترحاتنا للحلول. فنحن أعددنا وثيقة وقدمناها للرأي العام شملت تصوراتنا واهتماماتنا وما نرى أنه أولوية. وقد أقمنا ندوة لنقاش هذه الوثيقة دعونا لها النخبة من شتى مكونات المجتمع الموريتاني: أطر ومثقفون، وكانت الندوة في 05 مارس بمناسبة ذكرى تأسيس حركة الحر.
ـ الأخبار: كيف تنظرون إلى واقع قضية العبودية اليوم في موريتانيا؟
ـ الساموري ولد بي: قضية العبودية لا جديد فيها، كانت ممارسة ولا تزال، كانت ظاهرة ولا تزال كذلك. والصورة النمطية لا يمكن أن تتغير بهذه السهولة نظرا لغياب إرادة سياسية حقيقية. وحين نتكلم عن الإرادة السياسية فإنما نتكلم عن الدور المطلوب من السلطة السياسية أن تظهره من خلال قوة الخطاب وقوة الردع وأن لا يكون ذلك بالطريقة الخجولة التي نشاهد.
وبالنسبة لنا فعمل السلطة إنما نقيمه انطلاقا مما يقوم به الحاكم والقاضي وقادة العسكر. وحين يكون ما يقوم به هؤلاء هو الحفاظ على ممارسة هذه الظاهرة وحماية ممارسيها فإننا إذن أمام وضعية صبعة: ففي الظاهر تقول الدولة للرأي العام الدولي أن هناك سياسيات متخذة للقضاء على ظاهرة أو ممارسات أو غيرها، وحين نأتي للميدان نجد الأمر لم يحصل منه أي شيء على مستويين: القضاء على الظاهرة نفسها، والعمل من أجل خلق مناخ جديد يُمكّن من تأثروا من الظاهرة من تغيير واقعهم من خلال سياسات تنموية وإجرءات اقتصادية واجتماعية وخلق نهضة على مستوى أماكن سكنهم وخلق سياسات تمييزية تدمج وتغير من حالهم لأنهم يعيشون على الهامش وهذا كله غائب. وبالتالي نحن هنا لا يمكن أن نقول إن قضية العبودية كانت كذا ثم أصبحت كذا. لأنه لا شيء تغير!
ـ الأخبار: كيف تصفون واقع العمل النقابي في موريتانيا خلال السنوات الأخيرة؟ وهل شهد تراجعا؟
ـ الساموري ولد بي: العمل النقابي يضعف لأنه الدولة ظهرت في السنوات الأخيرة ضعيفة وفاشلة وشيئا ما غائبة. وبسبب هذا الضعف والاختلالات فإنها تريد أن تعمل من أجل إضعاف النقابات حتى لا يواجهوها.
ونرى اليوم أن الحوار الاجتماعي غائب رغم أنه أساس كل شيء، والنقابات طرحته لأنه أساسي لحل الإشكالات القائمة.
ومعروف كذلك أن البطالة في أوجها من الصعود، ونرى أيضا أن الشباب حملة الشهادات يعيشون في الشارع، ونرى أن المعاش متدن إلى أقصى حد والحد الأدنى للأجور يتحطم في ظل ارتفاع الأسعار، والأجور نفسها في تدن مستمر. وما حصل لا يُمكّن من الحديث عن تحسينات.
والشركات العابرة للقارات تنهب خيرات البلد بشكل مهين وهي تستخدم العمالة الموريتانية بشكل لا يليق من حيث تجاهل القانون وعدم تطبيقه ومن حيث الاستهتار بحقوق العمال. وحصول هذا الأمر يدل على غياب الدولة وتخليها عن دورها كحكم ومسير وشريك وهذا كله لم يتم بالشكل المطلوب.
أما قوانين الشغل فتحصل فيها الخروقات بشكل يومي. وقطاع الشغل بالإضافة إلى قطاع العدالة هي قطاعات ميتة وما يتم فيها ضعُف حتى أصبح منعدما.
لأن العامل حين يأتي إليها فإنما يأتي إلى حيث يبطل حقه. رغم أن ما يريد هو أن يعدوا له محضرا بقضيته وهنا يجد صعوبات كثيرة قبل الحصول على هذا المحضر، ثم صعوبات في استدعاء رب العمل.
وتراكمات الملفات أمام القاضي مشكلة هي الأخرى، وهنا فإن القاضي بالنسبة له ـ ربما جهلا، أو لعدم بصيرته بالأمور ـ يقول إن الملفات التي بين يديه ليست من صلاحيته وفي الوقت نفسه لم يُحلها إلى جهات أخرى. والإدارة تعرف هذا ولكنها لم تقم بالإجراء المناسب؛ يجب على الدولة اتخاذ القرار في هذا الأمر فإن كان يتعلق بالقوانين فيجب البت في ذلك وعلاجه وتوضيحه وإن كان جهلا من القاضي فتجب إزاحته من المنصب.
ولذلك فإنه منذ ثلاث سنوات لم تتم تسوية أي نزاع جماعي؛ والسبب أننا نعتمد نصوصا أخذناها عن الفرنسيين منذ أكثر من خمسين سنة. وهذا ما أثر في العديد من مناحي حياتنا، وبالتالي فهنا يعتمدون على الضمير والضمير قد يكون ضعيفا وليس على المستوى.
ـ الأخبار: ما سر غياب القطب النقابي عن التشكيلة الجديدة للمنتدى؟
ـ الساموري ولد بي: حضور القطب النقابي في المنتدى لا يمكن القول إنه ضعيف. أما حضونا في التشكيلة الجديدة فما حصل إنما يتعلق بالرئاسة. وأنا كنت أمثل القطب النقابي نائبا للرئيس وبالطبع ما زلت أنا رئيس القطب النقابي. وقد قمنا على مستوانا في القطب النقابي بتنظيم اجتماعات لحسم من يمثلنا في التشكيلة الجديدة للمنتدى.
والذي حصل هو أن بعض الزملاء مصرون على الترشح للمنصب. ولجأنا للتصويت فكانت 4/6 لصالح الساموري، أما المرشحان الباقيان فكل منهما حصل على صوته فقط. وأعددنا محضرا بذلك للمنتدى لكن المنتدى يعتمد الإجماع في القرارات وغياب الإجماع هو ما جعل نتائج هذا التصويت تجمد في انتظار التوصل إلى تسوية.
ـ الأخبار: من وجهة نظركم، لماذا يتجدد الحديث عن الحوار بين الحين والآخر دون أن نجد خطوات ملموسة نحوه؟
ـ الساموري ولد بي: الحوار رغم أنه ـ وهذا نقوله دائما ـ هو مطلب الشعب الموريتاني ومطلب للعديد من الفاعلين السياسيين، لأن موريتانيا اليوم تمر بمراحل صعبة وتواجه أزمات سياسية خانقة وأزمات اجتماعية واقتصادية وحقوقية ومشاكل وحدة وطنية وتراكمات بثقلها مطروحة على كاهل المجتمع.
وبالتالي فمن يسهر على مصالح المجتمع الموريتاني يرى أن الحل الوحيد لهذه المشاكل يمر عبر الحوار الشامل بمشاركة الجميع.
من الطبيعي أن يكون هناك مناوؤون للحوار، وهناك من يسعى جادا لأن ينظم الحوار. والتيار التي يريد أن يتم الحوار يبقى هو التيار الأقوى.
والقاعدة التي جعلت القطب النقابي لا يظهر في تشكيلة المنتدى في تنصيبها الأول هي أيضا القاعدة نفسها التي جعلت المنتدى لم يخط خطوة نحو الحوار في انتظار الإجماع وحصوله.
وقضية الإجماع هي ما أثقلت كاهل المنتدى رغم أنها خياره واستراتيجيته، ولكن نرى أنها مهمة في ظل قدرة القوى على الانسجام والتوافق والتوجه في نفس المسار فهذا أفضل وهذا ما نرجوه نحو الهدف الذي نسعى إليه جميعا.
ولكن يجب أن لا يكون البعض يعمل من أجل ترسيخ مصالحه الضيقة وتطبيقها؛ فهذا ليس احتراما للآخرين ولا ينبغي أن يكون قضية تحصل دائما. فليس من المنصف أن يُكبِر البعض من قدره بحيث لا يرى الآخرين ولا يعتبر أن هناك أطرافا أخرى لها صوت وموقف ربما لا يوافقه هو.
وعلى كل حال الناس صبروا الكثير لكن في النهاية التيار القوي في المنتدى يتجه نحو الحوار ويريد الحوار.
أما عن الممهدات فإن البعض منها حصلت فيه إجابة مرضية، وبعضها الآخر يتطلب تعهدات أحسن. وهذه قاعدة يجب أن ننطلق منها ونسير وفقها حتى تذلل كل الصعاب. وحين تكون هناك نوايا صادقة من كل الأطراف فسيصل الكل إلى الأرض التي يسعى إليها.
الأخبار: شكرا جزيلا.
 
             
             
             
         
       
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    