جدول المحتويات
ورأى ولد منصور في مقابلة شاملة مع صحيفة "الأخبار إنفو" أن فلسفتهم في المشاركة "لا تقوم على أساس حجم الضمانات المقدمة من السلطة، لأننا لا ننتظر منها ضمانات من الحجم الكبير، خصوصا بالنظر للوثيقة السياسية للمنسقية"، مشيرا إلى أحزاب المنسقية فضلوا الدخول في هذا الحوار، وحزبه قبله "من باب أنه قد يفتح بابا تنفرج فيه الأوضاع، ويتيح الفرصة للجميع للنظر للأوضاع السياسية على ضوء نتائجه المنتظرة.
ودافع عن مواقف حزبه خلال الفترة الأخيرة، قائلا في رد على سؤال بأن حزبهم كان الأكثر إثارة للجدل، وأخذ تبرير المواقف خلال الفترة الماضية الكثير من جهده"، قائلا إن حزبه قد يكون أكثر الأحزاب حرصا على شرح مواقفه، ويعتقد أن مسؤوليتهم تجاه الرأي العام إذا اتخذوا موقفا أن يشرحوه وأن يبرروه؛ لأنه موقف يأتي في ظروف سياسية معينة، فيها بعض جوانب الغموض، بعض جوانب اللبس، فيها خصوم يعطون صورة معينة، وفيها آمال عولقتها الناس في لحظة من اللحظات تفتقد بعض الموضوعية وبعض الواقعية، وبالتالي حين تقترب من الواقعية أكثر قد تصدم بعض هؤلاء، ولذلك كان الأمر يحتاج إلى الشرح والتفسير، وربما التبرير، وليس في ذلك عيب، معتبرا أن السياسي الذي يتخذ موقفا لا يحتاج إلى تبرير يتخذ موقفا بسيطا لا وجود لتعقيدات الواقع وتشخصيه وقراءته فيه، ولا وجود أيضا لطبيعة وصعوبة إكراهات السياسة فيه، مردفا أنه بقدر ما يكون بسيطا وبقدر ما يكون سهل الفهم، بقدر ما لا يأخذ تعقيدات الواقع وإكراهات المرحلة بعين الاعتبار.
وتحدث ولد منصور في المقابلة عن موقف حزبه من المغاضبين للحزب الحاكم وترشيحهم، وعن عدد اللوائح التي تقدم بها حزب تواصل، وهل كانت انتخابية أو إعلامية، كما علق على فقرات من الميثاق السياسي لمنسقية المعارضة، خصوصا الفقرة المحذرة لأعضاء المنسقية من "الانزلاق في مسارات انفرادية".
وهذا نص المقابلة:
الأخبار إنفو: بداية، شرحتم عدة مرات وفي وسائط مختلفة مبررات قراركم بالمشاركة في الانتخابات، ورغم ذلك ما زال هناك من يتساءل ويستشكل، ما زال الناس ينتظرون "مبررا غائبا" حتى الآن؟
محمد جميل ولد منصور:
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا: شكرا جزيلا على هذه الفرصة التي تتيحها وسيلة الإعلام بهذا المستوى وهذا الحجم، وفيما يتعلق بهذا الموضوع؛ المشكلة الرئيسية في الباحثين عن تفسير المواقف وخلفياتها هي القياس، ربما تعودوا في حالات معينة وفي محطات تاريخية معينة أن المواقف السياسية تفسر بمخفي من العلاقات أو الصفقات، نحن نؤكد أن الذي نقوله علنا هو حقيقة الأمر، وبالمناسبة الأمر لا يحتاج إلى كبير عناء، نحن حزب سياسي له موقف من النظام الحالي، وهو موقف المعارضة القوية له، واعتباره نظاما يستحق النضال من أجل تحقيق التغيير السياسي، بطبيعة الحال حزب ديمقراطي يتبنى الوسائل السلمية في تحقيق ذلك، هذا المواقف نترجمه في آلية للعمل السياسي، أو تكتيك للعمل السياسي حزب الظرف والزمان الذي نمر به.
من الطبيعي جدا أن يكون في الماضي حين ما تؤخر الانتخابات بلا حدود، حينما يمارس النظام قدرا كبيرا من تجاهل وضعية المؤسسات وتواريخ وضعيتها الدستورية، في جو يسود في المنطقة أجواء الربيع وتحركات الشعوب، أن يكون هذا الموقف معبرا عن نفسه في الشارع من خلال المظاهرات والاحتجاجات وحتى من خلال الشعارات القوية مثل شعار "الرحيل".
من الطبيعي لهذا الموقف طبقا لقراءتنا السياسية، إذا أصبحت الانتخابات أمرا واقعا، إذا توفر فيها حد أدنى من إمكانية المنافسة، وأصبحت إرادة الناس والجماهير متجهة إليها، والعمل السياسي أداته الرئيسية هي الجماهير، وطالبت الجماهير بذلك، وتبين أن المسار الثوري تعرقل لأسباب منها الداخلي ومنها الخارجي، من الطبيعي أن نعبر عن موقف المعارضة هذه المرة من خلال مشاركة فعالة في الانتخابات، تحاول أن تنتزع من المكاسب والحضور ما تستطيع، تعري سياسات النظام ومواقفه وتوجهاته وأداءه، تقدم للناس والناس مقبلة بطبيعتها على الانتخابات – لأن المقاطعة موقف نخبوي والمشاركة موقف شعبوي عام – توفر للناس بدائل عن النظام ومقربيه ومحيطه، تكون أقرب إلى الصلاح، وأقرب إلى الاستقامة، وأقرب إلى الخدمة العامة، وأقرب إلى الدفاع عن قضايا الناس.
نعتقد أنه ومن خلال هذه المشاركة، إذا توفرت لنا أصوات قوية في المؤسسات البرلمانية، وحضور معتبر في المؤسسات البلدية، نستطيع أن نقدم للناس خطابا معارضا قويا ومسؤولا نستمر من خلاله في السعي لتحقيق هدفنا السياسي.
الأخبار إنفو: هل يعني حديثكم هذا أن التيار النخبوي في حزب تواصل انهزم أمام إرادة التيار الشعبوي العام؟
محمد جميل ولد منصور: نحن لا ننظر إلى الأمر بهذه الصيغة، صراع بين تيارين، من الطبيعي لحزب سياسي يحترم نفسه ويقدر جماهيره أن تكون نخبته وقيادته قادرة على أن تتكيف مع الأوضاع السياسية من ناحية، ومع رغبات ومطالب جماهيره، الخطأ أن تتحول القيادة إلى منفذ لرغبات الجماهير، أما أن تأخذها بعير الاعتبار، وتعتبرها عاملا من العوامل التي تؤسس عليها القرار فهذا أمر مطلوب وليس سلبيا لأن أداة الفعل السياسي للقيادة هي الجماهير، والخطأ الكبير الذي يقع فيه حزب سياسي حينما يختار اختيارا سياسيا يكون معاكسا بالكلية لمطالب جماهيره، فتضطر إلى مغاردته والبحث عن عناوين أخرى، أو تسكت على مضض بانتظار فرصة لاحقة، أو تتجاوب حتى مع القرار إيجابيا رغما عنها، ولذلك لم ينهزم التيار النخبوي، ولكنه قرأ اللحظة قراءة سليمة، والتقى مع رغبات قواعده في إطار تكييف لموقفه السياسي من حيث التكتيك مع متطلبات المرحلة الحالية.
الأخبار إنفو: توصف الفترة اللاحقة على ترخيص حزبكم بأنها كانت "فترة تبرير" لمواقف قرارات حزبكم المثيرة للجدل؟ كيف ترون هذا الوصف؟
محمد جميل ولد منصور: أولا: ليس هناك اتفاق على هذا الوصف، قد نكون أكثر الأحزاب حرصا على شرح مواقفه، ولكن فيه كثير من الأحزاب، وفي الكثير من المواقف التي قامت بها أحزاب أخرى في لحظات في هذه الفترة تحتاج إلى كثير من التبرير والشرح والتفسير، نقدر لها ما قامت به، لكن نحن كنا الأكثر حرصا على شرح مواقفنا، نعتقد أن مسؤولياتنا تجاه الرأي العام إذا اتخذنا موقفا أن نشرحه وأن نبرره؛ لأنه موقف يأتي في ظروف سياسية معينة، فيها بعض جوانب الغموض، بعض جوانب اللبس، فيها خصوم يعطون صورة معينة، وفيها آمال علقتها الناس في لحظة من اللحظات تفتقد بعض الموضوعية وبعض الواقعية، وبالتالي حين تقترب من الواقعية أكثر قد تصدم بعض هؤلاء، ولذلك كان الأمر يحتاج إلى الشرح والتفسير، وربما التبرير، وليس في ذلك عيب.
الأخبار إنفو: ولم لم تتخذوا الموقف الذي لا يحتاج إلى تبرير؟
محمد جميل ولد منصور: أعتقد أن السياسي الذي يتخذ موقفا لا يحتاج إلى تبرير يتخذ موقفا بسيطا لا وجود لتعقيدات الواقع وتشخصيه وقراءته فيه، ولا وجود أيضا لطبيعة وصعوبة إكراهات السياسة فيه.
فبقدر ما يكون بسيطا وبقدر ما يكون سهل الفهم، بقدر ما لا يأخذ تعقيدات الواقع وإكراهات المرحلة بعين الاعتبار.
الأخبار إنفو: أكدتم في المؤتمر الصحفي الذي عقدتموه قبل أيام أنكم حضرتم للانتخابات بشكل غير معلن، ألا ترون أنكم ضيعتم الوقت على شركائكم في المنسقية، وحاولتم جر المنسقية لحورات ومواقف ترفضها، مع أنكم عمليا تجاوزتم إشكال المشاركة منذ فترة – كما قلتم – ؟
محمد جميل ولد منصور: نحن ضيعنا الوقت على أنفسنا، هذا هو الصحيح، لأن حزبا سياسيا يضطر لتحضير موقف بحجم المشاركة في الانتخابات بشكل شبه سري، أو سري، أو بمعنى لا يستطيع إعلان موقفه، لا يستطيع شرحه، لا يستطيع القيام بالمترتبات العملية على ذلك، هو المتضرر الذي يضيع وقته.
أما إخواننا وحلفاؤنا في المنسقية فيعرفون منذ شهور، وربما منذ سنة تزيد أن خيار المشاركة خيار وارد بالنسبة لتواصل، وفي لحظة من اللحظات عرفوا أنه خيار مرجح، وفي لحظة من اللحظات عرفوا أنه خيار مؤكد، وبالتالي لم نضيع الوقت على أحد.
أما الحوارات فيعرف زملاؤنا في المنسقية أننا لم نكن في يوم من الأيام من دعاة هذا الحوار الذي وقع مع الحكومة، لسبب بسيط، أن الظرف الذي يقع فيه، طبيعة ميزان القوة، طبيعة السقف المتوفر، لن يؤدي إلى كبير ضمانات، ولذلك فلسفتنا في المشاركة لا تقوم على أساس حجم الضمانات المقدمة من السلطة، لأننا لا ننتظر منها ضمانات من الحجم الكبير، خصوصا بالنظر للوثيقة السياسية للمنسقية، لكن زملاءنا في المنسقية فضلوا هذا النهج، ولذلك نحن أيضا قبلناه من باب أنه قد يفتح بابا تنفرج فيه الأوضاع، ويتيح الفرصة للجميع للنظر للأوضاع السياسية على ضوء نتائجه المنتظرة.
الأخبار إنفو: هل غبتم عن لجنة الحوار مع الأغلبية أم غُيبتم؟
محمد جميل ولد منصور: الحقيقة من الصعب أن نقول إننا أو تغيبنا، نحن نعتبر أي لجنة شكلتها المنسقية سواء كنا أعضاء فيها أم لم نكن، بحضورنا وبموافقتنا تمثل المنسقية، ولذلك لا ضير عندنا أن نكون أعضاء فيها، أو أن نكون خارجها.
بناء على نقاشات وتقديرات خرج هذا الوفد بهذا الشكل، ولذلك نحن اعتبرناه وفدا يمثل المنسقية، ناقشنا ذهابه ابتداء، وناقشنا تقريره انتهاء.
الأخبار إنفو: هناك فقرتان من ميثاق منسقية المعارضة، نود منكم التعليق عليهما، تقول الفقرة الأولى: "توحيد مواقف أعضائها تجاه مختلف القضايا الأساسية، والكف عن الانزلاق في مسارات أنفرادية أثبتت تجارب الماضي عدم نجاعتها"؟
محمد جميل ولد منصور: هذه الفقرة هي الترجمة السياسية لمحتوى قانوني لمادة في النظام الداخلي لمنسقية المعارضةة الديمقراطية، وهو أن قرارتها تكون بالإجماع، فحين تتخذ القرار ويسير هذا القرار بإجماع جميع أعضائها، ويخرج عليه أحد الأعضاء يكون خارجا على المسار الجماعي للمنسقية، ومفضلا مسارا انفراديا، هذه ترجمة من ترجماته.
هذه الفقرة أيضا من الميثاق السياسي تؤكد أن أي حزب من أحزاب المنسقية لا ينبغي أن يتخذ لنفسه مسارا دون أن يكون في إطار مناقشات ومداولات المنسقية قبل ذلك.
الأخبار إنفو: إذا ترون أنكم لم تنزلقوا في مسار أحادي؟
محمد جميل ولد منصور: نحن لم ننزلق، لأنه – وكما قلت في المؤتمر الصحفي الذي نظمناه – لا يعتبر موقف تواصل اليوم خروجا على الإجماع ولا على قرار المنسقية، لأنه لم يقع إجماع للمنسقية، ولم يتخذ قرار في شأن مقاطعة الانتخابات، لأنه ما دام هناك حزب واحد يرفض هذا القرار فإن القرار لا يعتبر قرارا للمنسقية.
الأخبار إنفو: إذا أخذنا قراءة غير قانونية لميثاق المنسقية، فالجماهير لا تعرف النظام الداخلي للمنسقية، وكانت هذه القراءة ترى أن الفقرة تعني عدم الانزلاق في مسارات انفرادية للنظام، كالانتخابات مثلا؟
محمد جميل ولد منصور: اسمح لي أن أقول لك أيضا إن هذا الميثاق يعبر عن وقته، ولذلك ستجد فيه فقرة تقول: إن المنسقية تمتنع عن أي مبادرة سياسية لا تؤدي إلى رحيل النظام، وتعلم أن المنسقية مجتمعة وباتفاق أعضائها وافقت على دخول هذا الحوار حول الانتخابات، وأن هذا الحوار لم يكن من الوارد ولا من المأمول أن يؤدي إلى رحيل النظام.
المواثيق والخطابات والبيانات والمواقف تعبير عن وقتها، تتجدد وتتغير وتتعدل طبقا للظروف التي يمر بها صاحبها في وقته.
الأخبار إنفو: الفقرة الثانية: "رفضها – أي منسقية المعارضة – لأي استحقاقات انتخابية لا تتوفر فيها شروط الشفافية والحياد، وصبغة التوافق الوطني"؟
محمد جميل ولد منصور: علقنا على هذه الفقرة أكثر من مرة، وأوضحنا أن الاختيار في العبارات كانت له دلالة، أول ما يلفت الانتباه في هذه الفقرة أنها لم تقل: "مقاطعتها"، وهي عبارة واضحة عدم وجودها هنا ووجود كلمة الرفض يحتاج إلى تفسير؛ هذا التفسير هو أن النقاش الداخلي في المنسقية لم يحصل فيه الاتفاق على المقاطعة، وكنا في "تواصل" منذ أشهر؛ أي منذ إعداد هذا الميثاق واضحين مع المنسقية.. إننا لا نستطيع أن نوافق مسبقا على موقف المشاركة أو المقاطعة في شأن الانتخابات؛ لأنه يصعب على "تواصل" أن يعطي موافقة مفتوحة على المقاطعة.
بناء على هذا النقاش تم اختيار كلمة الرفض، والرفض موقف سياسي يختلف عن المقاطعة..
الأخبار إنفو: لكنه أبلغ من المقاطعة!
محمد جميل ولد منصور: لا، الرفض.. الأحزاب السياسية ترفض الانتخابات غير التوافقية؛ أي أنها لا تعطي الموافقة عليها.. أي أنها لا توافق على قواعد اللعبة في هذه الانتخابات..
الأخبار إنفو: وتشارك فيها؟!
محمد جميل ولد منصور: نعم… تماما، المعارضات في تاريخ هذا البلد وفي منطقة أفريقيا وفي العالم الإسلامي وفي العالم الثالث تشارك في انتخابات لا تقبل قواعد اللعبة فيها، لأنها تشارك في انتخابات مع أنظمة دكتاتورية توفر أحيانا حدا أدنى من قواعد الشفافية وتوظفه المعارضات في إطار المشاركة فيه لتوسيع هذا الهامش وتفضيل مخاطبة الناس وتحقيق المكاسب المحدودة على أمل التراكم لاحقا.
ولذلك الرفض موقف قبْلي والمقاطعة موقف إجرائي مباشر للانتخابات.
الأخبار إنفو: يرى البعض أن الرئيس محمد جميل منصور المشرف على تنفيذ قرارات حزبه خلال السنوات الخمس الماضية.. إذا سئل لا يستطيع أن يتذكر المحطات التي مر بها حزبه من كثرتها؟ كم محطة سياسية مرّ بها الحزب في هذا الاتجاه أو ذاك؛ في المعارضة الناصحة، وفي المعارضة الناطحة، وفي الموالاة، وفي الجبهة… وفي المنسقية؟
محمد جميل ولد منصور: أولا هذه ليست محطات…
الحزب مر خلال هذه الفترة بمحطتين فقط.. فهو في أغلب محطاته التاريخية كان حزبا معارضا..
الأخبار إنفو: ولا فرق بين الناصحة والناطحة؟!
محمد جميل ولد منصور: حتى أكمل، "تواصل" كان حزبا معارضا.. هذه المعارضة تأخذ عنوانها وخطابها وشكلها حسب تقديره للظرفية السياسية في ذلك الوقت.. هذه المعارضة كانت هادئة مع الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في بداية حكمه.. ونحن حينها من أحزاب المعارضة.. هذه المعارضة كانت قوية وفعالة في فترة الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية.. هذه المعارضة كانت ناصحة في الفترة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد انتخابه 2009م، هذه المعارضة كانت قوية جدا بعد دخول منسقية المعارضة الديمقراطية..
كل هذه المحطات محطات معارضة، فيه استثناء في آخر مرحلة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله حين انتقلنا من المعارضة إلى الحكومة؛ هذه فترة الشهرين كنا فعلا من الموالاة؛ أي من الحكومة ومن تحالف الأغلبية الموجود حينها، وتعلمون أن هذا التحالف لم يدم وقتا طويلا، وأعتقد أن طرفًا كان معارضا والتحق بالموالاة وأصبح جزءًا من الحكومة ولم يُصبَر عليه… لعل في ذلك تأكيد على أن طبيعيته التي تستعصي على التدجين وأنه لا يصلح لما يصلح له كثيرون.
أما المشاركة؛ فلا أعرف في أي فقه السياسة أو منطق السياسة تصنف المشاركة على أنها تعبير عن معارضة أو تأييد!
الأخبار إنفو: وإذا اعتبرَت أنها إنقاذ للنظام – كما يقول بعضهم؟ّ
محمد جميل ولد منصور: وهل النظام في هذه الوضعية حتى يحتاج إلى إنقاذنا بمشاركته؟!
الأخبار إنفو: تصنيفكم أنه كان ينبغي أن يرحل!
محمد جميل ولد منصور: ينبغي أن يرحل… ينبغي أن يرحل… وينبغي أن نكون موضوعيين جدا.. وضعية النظام ما بعد الربيع العربي وفي عنفوان المد الاحتجاجي خصوصا في مارس 2012 تختلف عن وضعيته الآن، ولا ينبغي أن نبالغ في الأمور… لذلك أعتقد أنه في تلك الفترة "تواصل" جماهيريا وشعبيا وخطابيا وإعلاميا؛ أعتقد أنه كان من أكثر الأطراف إسهاما في تلك الأحداث حينها…
أمَا وقد تراجع المد الثوري، فابحثوا عن الأسباب.. أمَا وقد هدأ الشارع، أمَا وقد أصبحت الانتخابات أمرًا واقعا.. فالأحزاب السياسية لا تعيش على المثاليات، ولا تعيش على المواقف المفتوحة.. تشخص الأوضاع، تراجعها، تكيّف مواقفها على أساس ذلك..
وأعتقد أن المشاركة مع نظامٍ يعيش مشاكل، وموالاةٍ فيها كثيرٌ من التناقضات، وفي واقع شعبي يبحث أهله عن البديل.. أقربُ إلى الإضرار بالنظام من الوقوف على هامش الحدث السياسي في لحظة مثل هذه اللحظة.
الأخبار إنفو: حديثكم الأخير ربما يثبت ما تقوله الأغلبية؛ وهو أنكم صعدتم من أجل الرحيل تأثرا بالخارج وتراجعتم الآن تأثرا بالخارج أيضا!
محمد جميل ولد منصور: أنا لست من الذين ينفون تأثير العامل الخارجي، وأعتقد أنه في عنفوان التحركات التي وقعت كلما سئلت قلت بأنه طرأت مستجدات؛ تقويمنا لأداء النظام، طبيعة نظرته للشراكة السياسية، الربيع العربي وتوجهات الشعوب وقوتها الجديدة..
ولذلك إذا تراجع الربيع وتراجع المد الشعبي وانقلب العسكر عليه في بعض البلدان وضُويِق في بعض البلدان الأخرى؛ فهذا يترك تأثيره لا شك.. ولست من الذين ينكرون ذلك، لكنه عامل من العوامل.. اختلافنا مع هؤلاء أنهم يجعلونه كل العوامل.. هو عامل من جملة عوامل؛ أهمها العوامل الداخلية التي على أساس قراءتها يكون التعديل والتكييف في المواقف.
الأخبار إنفو: ترشيحاتكم هل كانت انتخابية أم إعلامية من أجل الحصول على رقم كبير؟ فربما بعضها لا يتوفر على حظوظ، ولكن من أجل أن تقولوا "رشحنا أكثر من 150 لائحة"؟
محمد جميل ولد منصور: أهداف الترشيحات متعددة، هذا الحصر دائما في عامل واحد خطأ في القراءة والتحديد، الترشيح عمل شعبي هدفه استيعاب هذه الجماهير التي تريد أن تتقدم إلى المسؤوليات، هدفه توسيع القاعدة الجماهيرية للحزب، هدفه توسيع الدائرة التي يتعاطى معها خطاب الحزب وتعبئته، هدفه بطبيعة الحال إعطاء صورة مناسبة عن حزب بحجم "تواصل"…
ولذلك يختلط فيه الإعلامي والسياسي والانتخابي والشعبي… ولا يفسر بعامل واحد؛ أغلبها ترشيحات مبنية على تقديرات انتخابية معقولة.
الأخبار إنفو: رشحتم على رؤوس اللوائح عددا من مغاضبي الحزب الحاكم بعضهم كان ضمن خيارات الترشيح عن الحزب الحاكم.. هل أصبح تواصل ملجأ للمغاضبين؟!
محمد جميل ولد منصور: أولا تواصل منفتح، وأعتقد أنه في السنوات الخيرة قدم عدة رسائل سواء في توسعه الجماهيري أو في مؤتمره الوطني أو في شعاره في هذا المؤتمر أو في علاقاته أو في توسعه المدرسي، قدم رسائل بأنه حزب منفتح وأنه يتحول تدريجيا من حالة حركية تاريخية إلى حالة وطنية ذات مرجعية إسلامية.
أما قضية المغاضبين فالسؤال بقي منه شيء.. "وهل رفضتم أيضا مغاضبين آخرين؟!" أعتقد أنه بعد إعلان لوائح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تحرك المغاضبون منه في كل الاتجاهات.. نحن فعلا ننظر إلى المواطنين الموريتانيين نظرة تقوم الأشخاص ثم تقوم التوجهات؛ ولذلك كنا واضحين أن حزب تواصل الذي استقبل بعض هؤلاء المغاضبين وهذا صحيح، لكنه حرص على النظر في السيرة المهنية والتسييرية لأننا نتحدث عن بلديات لهؤلاء الأشخاص المغاضبين.
وأعلن هنا عن وعي وبوضوح أننا رفضنا استقبال مغاضبين نظرا لحكمنا على السيرة التسييرية والشخصية ومستوى الاستقامة في آخرين، ولذلك استقبلنا البعض وأعتقد أنه استقبال كان في وقته وأنه تحالف سياسي وقع في وقته هدفه مصالح محلية لمناطق وبلديات تستحق هذا الالتقاء بين أشخاص هم أحسن ما عند القوم مع حزب هو أحسن وعاء للصالحين ولو لنسبة من الناس.
الأخبار إنفو: متى نتوقع لقاء محمد جميل منصور ومحمد ولد عبد العزيز؟!
محمد جميل ولد منصور: ليس في الأجندة.. لم أطلبه ولم يطلب مني. وبالتالي أنا ليس من طبيعتي أن أتحدث عن أمور ليست واقعة.
الأخبار إنفو: لو طلبه هل ستستشيرون حلفاءكم في المنسقية؟!
محمد جميل ولد منصور: نحن في تواصل كنا دائما معروفون بأنه ليست عندنا إشكالية في اللقاءات والاتصالات. ونعتقد أن يجب أن تثق في نفسك صاحبَ موقف ورسالة، ولا يضرك أن تلتقي هذا الطرف أو ذاك، لكن لا أعتقد أن السؤال مطروح الآن.
الأخبار إنفو: تحدثتم في المؤتمر الصحفي عن مساعٍ تقومون بها من أجل رفع ما أسميتموه "سيف الوقت المسلط على الناس". هل يطالب حزب "تواصل" بتأجيل الانتخابات؟!
محمد جميل ولد منصور: أنا حينها أعطيت طبيعة اللقاء الذي جمعني مع الرئيس مسعود ولد بلخير، وبناء على دوره ومحاولاته في انفراج الأوضاع السياسية، تبادلنا الرأي في هذا الاتجاه، والذي أستطيع أن أقوله هو ما قلته في الماضي أننا نسعى ونشجع أن يُرفع سيف الزمن عن الناس حتى تتهيأ ظروف الانفراج السياسية عن الأطراف.
الأخبار إنفو: هل يعني هذا أن "تواصل" يطالب بتأجيل الانتخابات؟!
محمد جميل ولد منصور: هذا الذي نقوله في هذا الموضوع.
الإخبار إنفو: طالبت بعض الأطراف بطردكم من منسقية أحزاب المعارضة الديمقراطية؛ كيف ترون هذه المطالب؟ وما موقفكم في حال قررت المنسقية التصعيد لإفشال الانتخابات؟
محمد جميل ولد منصور: لم يطلب أي طرف في المنسقية هذا الطلب، وأنا حضرت اجتماعات الرؤساء وسمعت تصريحاتهم ونحن نتعاطى مع الأحزاب تعاطيا رسميا… المنسقية ليس لها موقف موحد بالتأكيد، من يشارك ستنسجم أفعاله وأنشطته مع موقف المشاركة، ومن يقاطع ستنسجم أفعاله وأنشطته مع المقاطعة.
وأعتقد أن هذا لا يفسد للود قضية ما دام موقف المعارضة من النظام والسعي للتغيير قائما بالنسبة للمنسقية.. هذا حتى الآن هو وضع المنسقية.
الأخبار إنفو: وإذا قررت أحزاب المنسقية بالإجماع ـ طبعا دون "تواصل" ـ القيام بإجراءات احتجاجية ضد الانتخابات؟
محمد جميل ولد منصور: لا يستطيع أن يكون هناك إجماع دون أي عضو من المنسقية لأن إجماع المنسقية ينخرم بالواحد.
الأخبار إنفو: ما هو تعليقكم على الوضعية التي يمر بها حزب اتحاد قوى التقدم؛ خصوصا بعد قرار لجنته الدائمة، والخلافات التي يتم الحديث عنها داخله؟
محمد جميل ولد منصور: أنا لا أعلق على ما يجري الآن ويُتحدث عنه في شأن اتحاد قوى التقدم إلا أنني أتمنى لزملائنا في اتحاد قوى التقدم مزيدًا من الانسجام ووحدة الصف وقوة الكلمة والفعالية في الأداء كما عودونا. وأعتقد أنهم قادرون على التغلب على الصعوبات والمشاكل.
أما موقفهم مما يجري فهم أدرى به، ومؤسساتهم أقدر عليه.
الأخبار إنفو: تتمنون مشاركتهم في الانتخابات؟
محمد جميل ولد منصور: نتمنى ما يوحد حزبهم ويجعله أكثر قوة وتأثيرا في الساحة.
 
             
             
             
         
       
           
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    