جدول المحتويات
وهو ما شكل ضربة قوية لبرنامج محاربة الفساد الذي أعلن عنه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله إلى الحكم، حيث وصلت المبالغ المختفية ضعف الأموال التي تمت استعادتها عدة مرات.
وأظهرت معطيات رسمية حصلت عليها صحيفة "الأخبار إنفو" أن عدد عمليات التفتيش التي قامت بها وزارة المالية – إلى الآن – طالت 50 خزينة جهوية ومحصلة، تم ضبط عمليات اختلاس واختفاء مبالغ مالية في 45 منها، في حين تم اعتقال العشرات منهم في انتظار تسوية الملف.
كما فرضت عمليات التفتيش الأخيرة على الهيئات الرقابية المالية وجهة جديدة، حيث اقتصر عملها طيلة أعوام على الجهات التسييرية دون أن يصل إلى الجهات المسؤولة عن التحصيل، كما أدت عمليات التفتيش لظهور تنافس عليه بين الجهات الرسمية المسؤولة قانونيا عنه، وخصوصا وزارة المالية والمفتشية العامة للدولة.
30 معتقلا
وصل عدد الموقوفين على خلفية عمليات التفتيش في الخزائن الجهوية 30 معتقلا، نقل بعضهم – فعليا – إلى مستودع للمواد السامة – المستخدمة في إطار محاربة الجراد الزاحف – تم ترميمه وتحويله إلى سجن في مقاطعة بير أم اكرين بولاية تيرس الزمور أقصى الشمال الموريتاني.
وحسب مصادر الأخبار فقد وصل 8 من أصل الـ30 المعتقلة إلى بير أم اكرين.
ولم يتجاوز عدد الخزائن التي لم تسجل فيها عمليات اختلاس 5 خزائن من أصل 50 شملها التفتيش، فيما توقف عدد المعتقلين عند 30 معقتلا، وجهت لهم تهم باختلاس أموال عمومية، إضافة لسوء التسيير.
وقد أمضى المعتقلون عدة أسابيع في العاصمة انواكشوط تكثفت خلالها الضغوط الاجتماعية والسياسية من أجل الإفراج عنهم وتسوية الملف، قبل أن تقرر السلطات نقلهم إلى سجن بير أم اكرين، وهي الخطوة التي قوبلت باعتراض شديد من محامي المتهمين، وتأكيده على عدم قانونية نقل السجن خارج دائرة الاختصاص، وتهديد بمقاطعة المحاكمة في حال تمت محاكمتهم في تيرس الزمور.
وأدى تصاعد المبالغ المالية المكتشفة في مختلف الخزائن المفتشة، وتوالي الكشف عنها في إخراج الملف من دائرة التسويات إلى التناول الإعلامي، كما دفع بعض المتهمين إلى الهروب خارج البلاد، حيث سلمت السنغال أحدهم في حين اعتقلت المملكة المغربية آخر تضاربت الأخبار بشأن تسليمه لموريتانيا أو إطلاق سراحه.
أكثر من 15 مليارا
وتراوحت المبالغ المالية المختفية ما بين 3 مليارات في بعض الخزائن، و300 مليون أوقية في بعضها الآخر، فيما تمت تسوية مبالغ أقل من هذا دون أن يتم الإعلان عنها.
وقالت مصادر على علاقة بالملف لوكالة الأخبار إن متوسط المبلغ المسجل اختفاؤه بالنسبة لكل شخص من المتهمين الموقوفين على ذمة القضية هو نصف مليار أوقية، وهو ما يعني تجاوز المبلغ الإجمالي لـ 15 مليار أوقية.
ارتباك في الإجراءات
وعرفت إجراءات التعامل مع الملف ارتباكا رسميا واضحا، بدءا بالتعامل مع المتهمين في الملف، حيث أوقف بعضهم بشكل فوري، فيما تباطأت إجراءات اعتقال بعضهم مما وفر له فرصة مغادرة البلاد، وأخرج آخرون من الملف بشكل مريب رغم إثبات مصالح التفتيش في وزارة المالية لاختفاء مبالغ مالية بمئات الملايين من الإدارات التي كانت تحت إدارتهم.
كما استأنفت السلطات إجراءات جديدة من المنقولين منهم إلى بير أم اكرين شمال البلاد، حيث عرض عليهم التوقيع على لائحة اتهام جديدة، وغير موقعة من قاضي التحقيق في الولاية، حيث تولى كاتب ضبط عرضها عليهم، وألح عليهم في ضرورة توقيعها، لكن أصروا على الرفض، مبررين ذلك بضم اللائحة لاتهامات جديدة، ولخلوها من توقيع الجهة القضائية المخولة بتوجيه الاتهام، مشددين على أنهم لم يقابلوا أي جهة قضائية منذ وصولهم إلى الشمال الموريتاني.
صراع التفتيش
حجم الأموال المكتشف اختفاؤها دفع الجهات الرقابية المالية إلى التنافس على عمليات التفتيش للحصول على إنجاز اكتشاف أكبر كمية من الأموال العمومية المختفية، وتركز التنافس بالأساس بين المفتشية المالية التابعة لوزارة المالية، والمفتشية العامة للدولة.
وفي إطار التنافس ضاعفت وزارة المالية من بعثاتها، فيما استخدمت المفتشية العامة للدولة ضغوطها لإثبات اختصاصها في العديد من الملفات، وسعيا لتضييق مجال حركة المفتشين التابعين للدولة.
وتقول مصادر الأخبار إن الخلاف حول ملف التفتيش تصاعد بين وزير المالية المختار اجاي، والمفتش العام للدولة محمد الأمين ولد اكيك، وإن إصرار وزير المالية على ممارسة مصالح وزاره للتفتيش وتكثيف هذه البعثات عمق من الخلاف بينهما.
الأخبار تكشف رأس الخيط
وكانت وكالة الأخبار قد كشفت رأس خيط عمليات النهب التي طالت الخزينة العامة، وفقدت بموجبها أكثر من 15 مليار أوقية حتى الآن عندما كشفت اختفاء أكثر من مليار أوقية من الخزينة الجهوية في العيون عاصمة الحوض الغربي وذلك بتاريخ: 15 فبراير 2014.
وكشفت الوكالة حينها عن تسجيل مبالغ مالية بعشرات الملايين على حساب صرف بلديات المقاطعة، خلال عدة سنوات، في حين أن المصاريف الحقيقية لهذه البلديات لا يتجاوز 10 ملايين سنويا.
ونقلت الوكالة حينها عن مصادرها حديثها عن وجود خلية تعمل على التحايل على الأموال العمومية وإخفائها بشكل محترف، وتبريرها ورقيا، مشيرة إلى أن النهب والاحتيال تركز على مداخيل الجمارك، وشركات الاتصال حيث يتم صرفها، ثم يسجل توجهيها لجهات حكومية أخرى كالبلديات الريفية.
إفلاس حرب الفساد
حجم المبالغ التي تم كشف اختفائها خلال عمليات التفتيش الأخيرة، وتكشف المزيد من عمليات الفساد مع تواصل عمليات التفتيش دفع العديد من المتابعين لمساءلة برنامج الحرب على الفساد الذي أعلنه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مع بداية وصوله إلى الحكم قبل سبع سنوات أمام هذه المبالغ والأشخاص والعمليات الجديدة.
وتظهر هذه المساءلة أن حجم المبالغ المالية التي استعادتها الحكومة عبر المفتشية العامة للدولة خلال هذه الأعوام السبعة لم يتجاوز 4.5 مليار أوقية، من عشرات عمليات التفتيش وإرسال الإنذارات والتسويات مع المتهمين، أمام حجم المبالغ المالية المختفية فيتجاوز ضعفي المبلغ المستعاد خلال أعوام، وتم كشفه في 50 عملية تفتيش فقط.
وتتحدث مصادر حكومية عن صدمة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من حجم المبالغ المالية التي كشف اختفائها، وحديثه لمقربين منه بحديث أقرب إلى الإحباط من نجاح الإجراءات التي اتخذها للقضاء الفساد.
وتضيف هذه المصادر أنه تحدث لعدد من المقربين بنبرة إحباط، مشيرا إلى أن المجتمع يوفر الحماية للمتورطين في الملفات المالية، ويحولون السارق إلى بطل، ويوجهون ضغوطهم الوجهة الخطأ حيث تنصرف إلى محاولة إخلاء سبيله وتسوية الملف على حساب المال العام.
 
             
             
             
         
       
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    