جدول المحتويات
فضلا عن شيوع ادعاء رتبة التخصص أو الأستذة بين الأطباء الموريتانيين بناء على تلقي دورات أو تكوينات قصيرة لا تخول التخصص ولا الحصول على رتبة الأستذة.
كما كشفت التحقيقات عن تفاصيل ملف التقاضي الأشهر في المجال الصحي، وهو الملف رقم: 242/2006، والذي جاء بعد تقدم الهيئة الوطنية للأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان والتي اتهمت فيها السيدين أحمد ولد عبد الرحمن ومحمد فال ولد عبد الرحمن بتزوير شهادات في مجال الصيدلة صادرة عن معهد في الصين.
كما توقفت الصحيفة مع ملف الأخطاء الطبية، والتي تصاعدت وتيرتها في الفترة الأخيرة، حيث ظهرت للرأي العام منها حالتان على الأقل، في حين تمت تسوية بعضها في صمت، وطغى عليها – في الغالب – إفلات المخطئ من العقاب، كما تعطلت اللجنة المسؤولة عن متابعة هذه الأخطاء منذ فترة طويلة.
تزوير الشهادات..
انتشرت في موريتانيا خلال الأعوام الأخيرة ظاهرة تزوير الشهادات الطبية، ووصلت بعض هذه الشهادات إلى القضاء للبت فيها، فيما بقي الأخرى محل تحفظ لدى سلك الأطباء والصيادلة الموريتانيين دون أن يصل درجة التقاضي.
وتنقسم مجالات التزوير في المجال الطبي إلى ثلاثة أقسام:
1- تزوير الشهادات:
ومن الحالات المسجلة فيه:
– تزوير شهادات في مجال الصيدلة للسيدين أحمد ولد عبد الرحمن ومحمد فال ولد عبد الرحمن، وقد اتهم معهما والدهما رجل الأعمال عبد الرحمن ولد الطاهر، وهو مالك الصيدلية الكبرى الموجود في حي كرفور، وقد حصلا على شهادات من معهد في الصين.
وقد اتهما بتزوير جوازات السفر والأوراق المدنية فضلا عن الشهادات، كما تم تزوير تاريخ ميلادهما من أواسط الثمانينات إلى أوسط السبعينيات.
فقد كشف محضر للضبطية القضائية صادر بتاريخ: 18- 01 – 2007 أن المسمى أحد ولد عبد الرحمن حصل على جواز سفره الأول يوم: 01 – 07 – 1997، بناء على إفادة جنسية رقم: 205، وفي 28 – 08 – 2003 تقدم المعني بالإفادة رقم: 474 تبين أن تاريخ ميلاده هو: 31 – 12 – 1985 بدلا من 26 – 04 – 1984 وعلى أساس هذه الإفادة تحصل على جواز سفره الثاني رقم: 287552، وفي 19 – 08 – 2005 تقدم أحمد ولد عبد الرحمن بنسخة مزورة من جواز سفره الثاني، وذلك عن طريق تغيير تاريخ ميلاده من 31 – 12 – 1985 إلى 31 – 12 – 1976.
وحسب إرشيف الإدارة العامة للأمن في موريتانيا فإن تاريخ الميلاد الصحيح لأحمد ولد عبد الرحمن هو: 31 – 12 – 1985، وليس 31 – 12 – 1976.
أما محمد فال ولد عبد الرحمن فقد تحصل على أول جواز سفر له بتاريخ: 27 – 08 – 2003، وفي سنة 2005 تحصل على جواز سفره الثاني بناء على نسخة من جواز سفره الأول، وفي سنة 2006 حصل على جواز سفره الثالث بناء على نسخة مزورة من جواز سفره الثاني، وذلك عن طريق تغيير تاريخ الميلاد من 1987 إلى 1978.
وأظهرت شهادة والدهما عبد الرحمن ولد الطاهر أنه مولود في العام 1961 في مدينة النعمة، كما أكد للقاضي الذي تولى التحقيق منه أنه تزوج والدة أبنائه وعمره لا يتعدى 11 إلى 12 سنة أي في العام 1972 أو 1973.
وقال ولد الطاهر إنه سجل ابنيه في كلية الصيدلة في الصين في العام الدراسي 2003 – 2004، وإنه تحصل على رخصة للصيدلة بعد أن تخرجا وقبل تسلم شهادتيهما، مردفا أنه قدم لمدير الصيدلة شهادة جنسية وإفادة نجاح، وطلبا، وبعد تسليم الشهادتين طلب منه مدير الصحة نسخا م الشهادتين وقدمهما لإضافتها للملف.
وقد اعترف الوالد عبد الرحمن ولد الطاهر بعدم حصول ابنه أحد على الباكلوريا في موريتانيا، مردفا أنه لم يدرس لها أصلا، مشيرا إلى أن الشهادة الموجودة في ملفه مزورة.
– تزوير شهادات دكاترة طب: ومن بين حالات تزوير الشهادات المسجلة في البلاد، حالة شهادة ثلاثة دكاترة يحملون شهادات من غينيا بيساو، وحسب مصادر صحية فإن سلك الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الموريتانيين يشتبه بشكل كبير في هذه الشهادات، وقد راسل بشأنها الجامعات التي كتب عليها أنها صادرة عنها، لكنه لم يتلق ردا حتى الآن!.
والشيء ذاته بالنسبة لشهادات صادرة عن الجامعات المالية، وجامعات إفريقية أخرى، وقد تعاملت وزارة الصحة الموريتانية مع العديد من هذه الشهادات واعتمدت حامليها دون أي إجراء للتأكد من صحتها.
– تزوير التخصص: وقد سجلت منه عدة حالات في موريتانيا، حيث اكتفى عدد من الأطباء بإعلان التخصص وكتابه في الوصفات الطبية الصادرة عنه أو على لافتات عيادته، وذلك بمجرد الحصول على دورات تكوينية حتى ولو كانت لمدة يوم أو يومين.
وقد سجل سلك الأطباء بعض هذه الحالات ورفض اعتماد أصحابها، لكن وزارة الصحة اعتمدتم، وأوكلت لهم مهام رسمية بناء على التخصص "المنتحل".
ولم تسلم صفات "الأستذة" من التزوير في موريتانيا، حيث حمل عدد من الأخصائيين صفة "أستاذ" دون أن يخضعوا للدراسة اللازمة لحمل هذه الصفة، فقد أطلقها بعضهم على نفسه بعض الاختصاص بشكل مباشر، فيما أخذها البعض الآخر بعد تكوينات قصيرة يصرح منظموها في الإفادة المسلمة بموجبها أنها لا تخول حمل صفة أستاذ، وتطال هذه القضية غالبية الحاملين لصفة الأستاذية في الطب في موريتانيا.
بلد بلا أخطاء..
ربما تكون موريتانيا البلد الوحيد الذي لم يعلن فيه بشكل رسمي عن خطأ طبي، وذلك بفعل غياب أي دور للجنة المكلفة بهذا المجال، رغم تولي أحد القضاء لإدارتها بتكليف من وزارة العدل، لكن اللجنة لم تبت طيلة تاريخ وجودها في أي ملف من الملفات الطبية.
وتنقسم الأخطاء الطبية إلى نوعين: أخطاء تتعلق بأخلاقيات المهنة الطبية، وأخطاء علمية، سواء تعلقت بخبرة الطبيب الممارس في العلاج أو في تشخيص المرض أو وصف العلاج له، أو بالاعتماد على الأجهزة التي تقود في بعض الأحيان إلى الخطأ الطبي.
ويعود الغياب الفعلي و"الرسمي" لتسجيل الأخطاء الطبية إلى تخلي لجنتها عن دورها، فضلا عن غياب أي مختبر للتشريح واكتشاف الأخطاء الطبية أو تحديد أسباب الوفيات، إضافة لغلبة المجاملة على تعامل المواطنين، وغياب ثقافة المسائلة والتدقيق والمتابعة عن المجال، إضافة لتدخلات النافذين في الحالات القليلة التي حصلت فيها متابعة.
وقد عرفت الأسابيع الأخيرة ظهور حالتين من الأخطاء الطبية المتعلقة بأخلاقيات المهنة، منها الحالة التي سجلت في انواذيبو، والتي فيها أحد الدكاترة بالتحرش بإحدى مريضاته، وقد الضغوط الممارسة على الطرفين إلى تسوية الملف بشكل ثنائي، غير أن وزارة الصحة اتخذت إجراء بعد ذلك بإيقاف الطبيب عن ممارسة المهنة لمدة 30 سنة.
أما الحالة الثانية المسجلة خلال الأسابيع الماضية فكانت في مستشفى الشيخ زايد بالعاصمة انواكشوط، وحصلت بين أحد الدكاترة وإحدى الممرضات، وقد بادرت وزارة الصحة بالتغطية على الموضوع من خلال تحويل الدكتور عن المستشفى بشكل عاجل، دون أي إجراءات عقابية في حقه.
أما آخر الأخطاء الطبية التي تم تداولها رغم السعي للتغطية عليها، فكانت لمريضة خضعت لعملية إزالة المرارة، وأجرى لها العملية أحد أشهر الجراحين في موريتانيا، لكن الآلام تواصلت على المريضة بعد العملية.
وقد تدخل أحد النافذين من أقارب المريضة، وبناء على ذلك تم تشكيل لجنة تحقيق وبعد إجراء الفحوص والمعاينات تبين أن العملية التي أجريت للمريضة لم تزل عنها المرارة التي أجريت لإزالتها، لكن لجنة التحقيق اكتفت بعد هذه النتيجة باتخاذ قرار وحيد برفع المريضة للعلاج في الخارج على حساب الحكومة الموريتانية فيما بقي مرتكب الخطأ الطبي دون أي مساءلة أحرى عقوبة.
ويرى عدد من الأطباء أن التغلب على تزوير الشهادات لن يتم دون تشكيل لجنة مختصة للمعادلات، وإخضاع كل الشهادات لها مع منحها صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات اللازمة، وإحالة المتورطين في التزوير إلى القضاء لإنزال العقوبات اللازمة بهم.
أما اكتشاف الأخطاء الطبية وعلاجها فيتم من خلال توفير مختبر مختص، ونشر ثقافة التدقيق والمتابعة بين المراجعين للمستشفيات، فضلا عن تنشيط اللجنة المشكلة لهذا الغرض بالتعاون بين سلك الأطباء ووزارة العدل، والتي يتولى رئاستها قاض معتمد تم انتدابه من طرف وزارة العدل الموريتانية.
وتكمل الدور الخطير لممارسة حملة الشهادات المزورة في الطب وفي الصيدلة، وتغاضي وزارة الصحة عنهم، يكمل هذا الدور انتشار الأدوية المزورة، ونشاط العديد من الشبكات في هذا المجال برعاية شخصيات نافذة، فضلا عن انتشار تجارة الأدوية في أماكن لا تتوفر على أقل المواصفات المعروفة عالميا.
نقلا عن صحيفة الأخبار إنفو
 
             
             
             
         
       
           
           
                 
     
     
     
     
     
     
     
    