جدول المحتويات
وقعت الاتفاقية يوم 06 أكتوبر 2011 على أن تستمر أشغاله لمدة 24 شهرا.
وقد مددت أولا حتى فاتح يناير 2014، وكان التمديد الثاني من شهر يناير 2014، وحتى نهاية مايو المقبل، لكن الشركة مددت الفترة حتى يناير 2015، وهو التمديد الذي تكتم عليه الجهات الرسمية وإدارة الشركة، حيث تعرف الأشغال الميدانية تأخرا يجعل من المستبعد – حسب مختصين إكمالها – في التاريخ الجديد.
زيارات للتغطية على التأخير
ودأبت شركة "النجاح للأشغال الكبرى" والتي تتولى إنجاز المطار الجديد على تنظيم جولة إلى المطار مع كل تمديد جديد، وذلك للتغطية عليه، فمع التمديد الثاني خلال شهر أكتوبر الماضي نظمت الشركة جولات للصحفيين الموريتانيين، للحديث عن "تقدم أشغال" في مطار تجاوز فترتة القانونية المنصوصة في الاتفاقية الغامضة.
ومع التمديد الجديد – التي تكمل به الشركة عامها الثالث – قامت بجولة لحوالي 80 من أعضاء البرلمان الموريتاني، وهي الجولة التي أريد لها أن تغطي على التمديد الجديد، وتأجيل تسليم المطار حتى يناير من العام 2015.
نصوص قانونية "معلقة"
وتنص مدونة الصفقات العمومية والمتضمنة في المرسوم رقم: 08- 2002 الصادر بتاريخ: 12 مارس 2002 على الإجراءات اللازم اتخاذها في حال التأخر في إنجاز الأشغال والخدمات، فيقول في الفقرة الثانية من المادة: 118 "ﻴﺤﺩﺩ ﻤﺒﻠﻎ ﺠﺯاءات ﺘﺄﺨﻴﺭ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯ بـ 1/1000 ﻤﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﺭﻴـﺩﺍﺕ، ﻭبـ 1/2000 ﻤـﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻘﺎﺕ ﺍﻷﺸﻐﺎل ﻭﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﻟﻜل ﻴﻭﻡ ﺘﺄﺨﺭ، ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﻁل.
ﻭﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺠﺯاءات ﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻲ ﺒﻨﺴﺒﺔ ﺴﺒﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺌﺔ (7%) ﻤﻥ ﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼفقة".
وتضيف الفقرة الثالثة من المادة ذاتها أن "ﺍﻵﺠﺎل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺴﺤﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﺯاءات ﺍﻟﺘﺄﺨﻴﺭ ﻻ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ".
وقد تأخرت أشغال المطار الجديد لـ199 يوما عن موعدها الأصلي يوم 06 أكتوبر 2013، وسيصل العدد إلى 451 في حال التمديد الجديد حتى يناير 2015.
عقوبة تقارب ميزانية الوزارة
ويقدر البنك الدولي في تقرير له عن المطار الجديد الكلفة الإجمالية له بـ300 مليون دولار، وهو ما يجعل المبلغ 1/2000، أي 150 ألف دولار لليوم، وهو ما يجعل مبلغ العقوبة المنصوصة قانونيا تمنح الميزانية العمومية مبلغ يفوق 20 مليار أوقية، في حين لا تتجاوز ميزانية الوزارة 28 مليار أوقية إلا بقليل، بفارق لا يتجاوز 8 مليارات.
وتأخرت أشغال المطار الجديد عن موعدها الأصلي 06 أكتوبر 2013 حتى اليوم بـ199 يوما، ويرفعها التأجيل الجديد حتى يناير 2015 إلى 451، وهو ما يرفع بدوره مبلغ العقوبة اليومي إلى 20,227,350,000.00
مكافأة بـ15 مليار
وقد كافأت الحكومة الموريتانية شركة "النجاح للأشغال الكبرى" على تأخر أشغال المطار الجديد عن موعد تسليمها حيث منحتها "سلفة" من أموال الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم".
وجاء منح الشركة مبلغ 15 مليار من الأموال العمومية بعد مواجهتها لأزمة سيولة خانقة، أدت للجوئها للحكومة من أجل الاستدانة منها بشروط تفضيلية، كما سعت للحصول على شريك دولي قد يوفر دخولها في الصفقة سيولة مالية كانت الشركة بحاجة إليها.
تجاوز للمعايير الفنية
وأدى تجاوز شركة النجاح للأشغال الكبرى والتي تتولى إنجاز المطار للمعايير الفنية المنصوصة في الاتفاقية إلى ظهور تشققات في أشرطة الإسمنت المشكلة للمدرج الرئيس في مطار انواكشوط الدولي، كما كشفت التشققات عن تواطئ وزارة التجهيز والنقل ومكتب المراقبة الفنية مع الشركة المنفذة للأشغال.
ونشرت "الأخبار" فاتح ديسمبر 2013 صورا حصرية أظهرت التشققات في المدرج الرئيس، ويصل عمقها في بعض الأحيان إلى 19 سانتيمتر في ثلاث أشرطة على الأقل من أشرطة الأسمنت التي أعلن انتهاؤها.
ويتشكل المدرج الرئيسي في المطار الجديد من 12 شريطا إسمنتيا يصل عرض كل واحد منها 5 أمتار، فيما يصل طول المدرج إلى 3400 مترا، وقد غزت التشققات الأشرطة التي أعلن انتهاؤها بعد فترة وجيزة من انتهاء أشغالها.
وأرجعت مصادر فنية تحدثت حينها لـ"الأخبار" الظهور السريع للتشققات في المدرج الرئيسي لعدم احترام الشركة التي تنجز المطار للمواصفات الفنية المتفق عليها في دفتر الالتزامات، وغياب الرقابة على عملها، بعد تواطئ مكتب الدراسات الفرنسي الذي يتولى الرقابة، والمعروف بـ" egis internationale"، وكذا وزارة التجهيز والنقل مع الشركة التي تتولى أشغال المطار.
الصفقة الأكثر غموضا
وتولت شركة "النجاح للأشغار الكبرى" أشغال المطار الجديد بموجب اتفاقية وصفت بأنها الأكثر غموضا في تاريخ موريتانيا، وشكلت مادة للسجال البرلماني والسياسي خلال الأشهر الأخيرة من العام 2011 وبداية العام 2012.
وتجلى غموض الاتفاقية في الشكل الذي ظهرت به، حيث لم تأخذ كل اتفاقية دولية يصادق عليه البرلمان، ولا شكل صفقة عادية تمر عبر لجان الصفقات المعتمدة، كما ظهر ذلك في إنشاء شركة جديدة للمشروع، وفي الشركاء الغامضين المخفيين، وفي العديد من بنود الاتفاقية.
ووقعت الاتفاقية الموصوفة "بسوداء مطار انواكشوط" يوم 06 أكتوبر 2011 من طرف المدير العام لشركة النجاح للأشغال الكبرى محي الدين ولد أحمد سالك، ووزيرا الاقتصاد والتنمية سيدي ولد التاه، والتجهيز والنقل يحي ولد حدمين.
وكان بداية الغموض مع فرض الطرف الحكومي على الطرف الأصلي المتعاقد معه وهو الشركة المملوكة لأسرة أهل السالك والمعروفة بـMCE-SA إنشاء شركة جديدة توكل إليها مهمة البحث عن تمويل مشروع المطار وإنجازه، كما ألزمها الاتفاق بالبحث عن شركاء وطنيين / أو أجانب يشاركونها إنجاز المشروع. ونص الاتفاق على إنشاء شركة تسمى النجاح للأشغال الكبرى.
وطبع إنشاء الشركة الجديدة الكثير من الارتجالية تمثل في طبيعة الطابع الذي وقع به ولد أحمد سالك، وفي البريد الإلكتروني المستخدم، كما تجلى في تجاهل الشركة الجديدة على موقع الشركة الأم.
وتولى مجلس الوزراء منح الصفقة للشركة في اجتماعه يوم الأربعاء 13 أكتوبر 2011 ( أسبوعا واحد من تاريخ الإنشاء) وذلك بعد استماعه إلى بيان حول المواصفات الفنية للمطار قدمه وزيرا الاقتصاد والتنمية والتجهيز والنقل، كما تولى الرئيس الموريتاني وضعه حجره الأساس يوم 27 نوفمبر 2011.
وأثناء حفل وضع حجر أساس المطار الجديد قدم مدير عام جديد للشركة بعد أقل من شهرين على إنشائها، حيث تحدث في الحفل – حسب الوكالة الرسمية – المدير العام للشركة اشبيه ولد أحمد سالك، فيما كان لافتا غياب أي ذكر للمدير السابق الذي وقع الاتفاق مع الحكومة الموريتانية.
وعرفت الصفقة تضاربا في الأرقام المتعلقة بمساحة الأراضي الممنوحة للشركة مقابل إنجاز المطار ففي حين تحددها الاتفاقية بأربع مائة وواحد وخمسين هكتارا وسبعين آرا، واثنين وستين سانتيارا (451 هكتارا، و70 آرا، و61 سانتيارا) يرفعها وزير التجهيز والنقل يحي ولد حدمين في حديث للوكالة الرسمية إلى 800 هكتار من الأراضي، بما فيها جزء من ساحة المطار القديم، مقابل إنجاز المشروع وفقا للمعايير الدولية".
وتنص الاتفاقية على عدم منحهم أرض المطار القديم إلا بعد تسليم المطار الجديد، وأن تعطى لهم الأراضي الأخرى بصفة تدريجية، والاحتفاظ بالأصول حتى اكتمال العمل.
نتيجة متوقعة
وتعتبر النتيجة الحالية لواقع المطار الجديد، والتأجيل المتكرر لتاريخ تسليمه نتيجة متوقعة – حسب عارفين للمجال الفني – بسبب الظروف التي اكتنفت إنشاء الشركة الجديدة، وطبيعة العمل الذي اتخذ لإنشاء الشركة الجديدة، إضافة لضخامة المشروع الذي يجري إنجازه.
ورغم الاهتمام الذي حظيت به الاتفاقية لدى توقيعها والاحتفاء الكبير بمشروع المطار الجديد الذي ستصل طاقته الاستيعابية إلى 2 مليون راكب، فإن المشروع تجاوز فترته المحددة له بقرابة النصف، وتشير الأشغال على الأرض وتوقعات إدارته إلى تأخر قد يصل ضعف الفترة المخصصة له أصلا.
وقد نال المشروع – إبان انطلاقته – اهتماما خاصا من لدن مجلس الوزراء، وكذا من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حيث نظم له زيارات متكررة، كما كان له حضوره في خطابات الوزير الأول أمام البرلمان، وفي خطابات الوزراء.
وأفردت له وسائل الإعلام العمومية، على أثيرها وفضائها، ووصفته الوكالة الموريتانية للأنباء بأنه "…العملاق الذي يتحدى الزمن".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مواضيع ذات صلة:
– تصاعد الجدل بشأن مطار نواكشوط الجديد
– تقدم الأشغال بأكبر مطار دولي في موريتانيا
– تشققات وأخطاء فنية في مدرج المطار الجديد (صور)
– الأخبار إنفو: تفاصيل "صفقة مطار انواكشوط السوداء"
– الأخبار إنفو: تفاصيل "صفقة المطار السوداء" (2)
– الارتباك يشل إدارة شركة إنجاز المطار الجديد