جدول المحتويات
تبدو موريتانيا "الموعودة" ستقفز قفزة غير طبيعية نحو التنمية في أحد جوانبها، كما أن في جانبها الآخر صراعا حقيقيا بين الطيفين السياسيين المقاطع والمشارك.
وشكلت القضية العرقية إحدى أهم ما يميز الخطاب الدعائي للمرشحين، وصل أحيانا التنظير المثالي، وفي بعض الأحيان أخذ طابعه الفئوي الضيق.
إلا أن المترشحين لم يجدوا ما يجمعهم مثل ما جمعهم نبذ خطاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة ودعوة المواطن الموريتاني للإقبال على التصويت يوم 21 من يونيو الجاري.
إنجازات المأمورية الأولى
يقول ولد عبد العزيز خلال خطاباته الانتخابية في إنه يتكئ على رصيد من الإنجاز مشهود، وخلال محاولة صحيفة "الأخبار إنفو" حصرا لكرونولوجيا الإنجازات التي ينفذ بها ولد عبد العزيز يمكن أن نحصرها في:
طباعة المصحف، وإذاعة القرآن الكريم، وقناة المحظرة، وجامعة لعيون، واستتباب الأمن، بل إنه ولد عبد العزيز في نقطة استتباب الأمن اعتبر موريتانيا تساهم في استتباب الأمن بالمنطقة بل وفي العالم عموما، معتبرا أن الوضع الأمني خلال مأموريته كان "تحت السيطرة".
ويؤكد ولد عبد العزيز أنه بذل جهودا ملموسة في إصلاح العدالة، ودعم الشباب وتكريس الديمقراطية.
أما الجانب الاقتصادي فإن تفاصيل كثيرة لا يسهب ولد عبد العزيز فيها، مقتصرا ـ غالبا ـ في أن موريتانيا قبل توليه الحكم 2008 كان نموها في حدود ناقص واحد، وفي 2013 ارتفع ليصل 6.7.
أما مجالي التعليم والصحة فإن المرشح الرئيس اقتصر في إنجازاته على تشييد المنشآت، واقتناء الأجهزة، دون الدخول في تفاصيل نوعيتهما.
وفي مجال المياه يعدد الرئيس جملة من الإنجازات يقول إنها تحققت في عهده، والمدن التي يعدد أنها حصلت على المياه، لكن في نفس الإنجازات يعدد مشاريع يقول إنه سيعمل عليها، وأخرى بدأ العمل بها، أي أنها تنتظر المأمورية الثانية على الأقل.
ويرى ولد عبد العزيز أن موريتانيا في مجال الكهرباء انتقلت من العجز التام 2009، إلى تصدير الكهرباء خلال مأموريته.
وفي دقائق تفاصيل ما يعد المرشح ولد عبد العزيز من إنجازاته ربط موريتانيا بالكابل البحري، و1084 من الطرق المعبدة، ومطار نواكشوط الدولي، وإعادة تأهيل وترميم مطار سيلبابي.
تجريم المقاطعين
لعل النقطة الأساسية التي يتفق فيها المرشحون للرئاسة هي الهجوم ـ وبنبرات تخف أحيانا وتتقد أحايين ـ على المقاطعين للاستحقاقات المقبلة.
وكانت أقوى تلك النبرات عند المرشح الرئاسي محمد ولد عبد العزيز، حيث وصف المقاطعين بأنهم "ثلة من المجرمين"، معتبرا أنهم هم من أفسد موريتانيا.
ويركز ولد عبد العزيز في خطاباته الدعائية على الهجوم على الأحزاب المقاطعة للانتخابات، حيث اتهمها في أكثر من محطة من جولاته الانتخابية بالفساد والإجرام، ويؤكد سعيهم لجر البلاد إلى الفوضى من خلال ما يقول إن المعارضين يطلقون عليه "الثورة"، معتبرا أنهم لو كانوا "ثوارا حقا لثاروا في العام 2005، أو العام 2004 أو ما قبلها"، ويضيف أنهم "لم يثوروا حينها لأنهم هم من كانوا في الحكم، ولا يمكنهم أن يثوروا على أنفسهم".
ويسهب الرئيس المترشح إلى أن يصل إلى أنهم كجهة حاكمة تركوا المعارضة "تكذب على الشعب طيلة خمس سنوات"، وأنهم كانوا حينها "منشغلين بالبناء والإعمار".
ويتهم ولد عبد العزيز قادة منتدى المعارضة بالتناقض، حيث اعتبرهم يهاجمون وكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة والإحصاء الذي تقوم عليه جهرا، ويثنون عليها سرا، مؤكدا أنهم جميعا أحصوا وأخذوا بطاقات تعريف وجوازات سفر، وأثنوا على مدير الوكالة وعلى القائمين عليها من عمال ومهندسين، لكن ذلك كان وراء الأبواب المغلقة ليخرجوا إلى الجمهور ويتهجمون عليها.
موريتانيا الموعودة
لا تبدو موريتانيا الموعودة عند الرئيس الحالي المترشح محمد ولد عبد العزيز مختلفة عما كانت عليه، وإن خفتت بعض الشعارات التي كان يكثر استخدامها، وعلى رأسها محاربة الفساد.
لكن مفردات خطابه الأخرى ظلت حاضرة، مثل الطرق، وتقريب الإدارة، والأمن، وغير ذلك.. لكنه عادة ما ينطلق من أمور يقول إنها تحققت في فترته، مما يعني أن نفس المسيرة تبدو مستمرة.
لكن في الطرف الآخر، يبدو أن الوعود الحالمة كثيرة جدا، حتى في صفوف من جرب الإدارة الموريتانية لسنوات عديدة وخصوصا الثنائي؛ بيجل ولد هميد، ولاله مريم بنت مولاي إدريس.
النقطة التي كررها بيجل أكثر من مرة ووردت مرة على الأقل في خطابات لاله تلك المتعلقة بالصناعات التحويلية، حيث إنهم اعتبرا موريتانيا تصدر ثرواتها خاما، ولا تملك أي مصانع للصناعة التحويلية، وتعهدا بأنهما سيدشنانها.
وذهب بيجل بعيدا حينما قال إن الفرنسيين هم من يقف ضد الصناعات التحويلية في موريتانيا، متعهدا أنه سيضع حدا لما أسماه نهب الفرنسيين للثروات الموريتانية.
وفيما يخص الطبقة العمالية يقول المترشح بيجل ولد هميد إنه سيضرب الرواتب في عشر، وأن من كان يتقاضى راتب 60000 سيصل راتبه ستمائة ألف أوقية.
الوعود المجملة كانت حاضرة في الخطابات الدعائية للمترشحين، بل إنهم ركزوا عليها كثيرا، وخصوصا المساواة، والعدالة الاجتماعية، والإصلاح، وغير ذلك مما يخلو غالبا من تعهدات ملموسة يمكن أن تسرد بالأرقام.
تبرير المشاركة
إذا كان الرئيس الحالي ولد عبد العزيز يتقدم في هذه الاستحقاقات وقد أخذ منه الهجوم على الأحزاب المقاطعة جهدا كبيرا من خطاباته، فإن المترشحين الآخرين أولوا اهتماما أساسيا لتبرير مشاركتهم.
المترشح بيرام ولد الداه ولد اعبيدي؛ ورغم أنه يعتبر ترشحه لدواعي حقوقية، والدفاع عن حقوق الحراطين، إلا أن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة لم يسلم من انتقاداته، خصوصا إبان افتتاحه حملته.
أما بيجل ولد هميد فيعتبر أن مشاركته تأتي في إطار استجابته لقواعده الشعبية، وأسهب كثيرا ليلة افتتاحه حملته في تبرير المشاركة.
أما المترشح إبراهيما مختار صار فيقول إنه ترك وراء ظهره عقودا من النضال الفعال وأنه يبحث عن العدالة والمساواة للشعب الموريتاني.
المترشحه لاله مريم بنت مولاي إدريس تبدو مبررات ترشحها مقتصرة على إرساء الديمقراطية، وفتح الباب أمام النساء من أجل المشاركة في العلمية الديمقراطية.
حض على المشاركة
ما بين حب الديمقراطية، والدفاع عن فئات مظلومة، وأحيانا اتهامات متبادلة بين المترشحين، هنالك نقطة نهاية كادوا يتفقون عليها، وهي حض المواطنين على التصويت وبكثافة.
يتحدث محمد ولد عبد العزيز عن وضع حد للمقاطعين بشكل نهائي، ويحث بيرام ولد اعبيدي أنصاره على سحب بطاقات الناخب، ويأتي بيجل ولد هميد حالما بنسبة مشاركة تتعدى الستين في المائة، أما إبراهيما مختار صار ولاله مريم بنت مولاي إدريس فقد ركزا على الدعوة للتصويت لهما.
تبدو التغطية الإعلامية للوكالة الموريتانية للأنباء – والتي يفرض عليها القانون التوازن بين المرشحين – فاقدة للتوزان، إذ تغفل كثيرا عن مفردات الخطاب الدعائي للمترشحين، وخصوصا ما يتعلق منه بالهجوم على المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، وإن كانت تذكر بأسلوب محتشم أن المترشحين ينتقدون المقاطعين، ويدعون للتصويت بكثرة.